في اليوم الأخير من كلمات قادة الدول في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لن يلقى خطاب باسم كل من ميانمار وحركة "طالبان"، ما يعتبر من الأمور اللافتة خلال هذا الماراثون الدبلوماسي، الذي شهد مجيء نحو مئة رئيس دولة وعشرات الوزراء، مع ما يطرح ذلك من مخاطر تشكل بؤرة لوباء كوفيد-19.
وفي البرنامج الأساسي للأمم المتحدة، كان يفترض أن يختتم النقاش العام على التوالي بكلمات ميانمار وغينيا وأفغانستان.
واختارت كوناكري، حيث تولى مجلس عسكري الحكم، أن يلقي كلمتها سفيرها لدى الأمم المتحدة الذي عينته حكومة الرئيس المطاح به علي ديان، فيما "توصلت الولايات المتحدة وروسيا والصين إلى اتفاق" لكي لا يلقي ممثل بورما كياو مو تون كلمة على ما قال سفير إحدى هذه الدول الكبرى طالبا عدم الكشف عن اسمه.
وأكد كياو مون تون، لوكالة "فرانس برس"، أنه قرر "الابتعاد عن الواجهة" راهناً، بعدما استهدف على ما يبدو بمؤامرة لحمله على الاستقالة وحتى قتله في حال رفض.
ومنذ الانقلاب العسكري في ميانمار في فبراير/شباط الماضي، حافظ السفير الذي عينته الزعيمة السابقة أونغ سان سو تشي على منصبه في الأمم المتحدة، مدعوماً من الأسرة الدولية. وفي مايو/أيار، عيّن المجلس العسكري الحاكم في ميانمار عسكرياً سابقاً للحلول مكانه، لكن الأمم المتحدة لم تصادق على تسميته بعد.
وتدرس لجنة أممية مشكلة من الولايات المتحدة وروسيا والصين خصوصاً، تسمية هذا السفير وممثل أفغانستان الجديد التي باتت تحت سيطرة حركة "طالبان".
وأوضح مسؤول في الأمم المتحدة أن القاعدة تقوم على التوافق، "لكن التوافق غير متوافر، لذا سيحصل تصويت" في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
واختارت حركة "طالبان" سفيراً ليحلّ مكان الممثل الأفغاني غلام اسحقزاي، الذي عينه الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني، وطلبت منه أن يلقي خطاباً. وقال السفير نفسه، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، "لكنهم أرسلوا طلبهم متأخرا جداً".
لكن هل سيستغل غلام اسحقزاي الفرصة للمطالبة بتشديد العقوبات على حركة "طالبان" كما سبق وفعل في اجتماع لمجلس الأمن الدولي في التاسع من سبتمبر/أيلول؟ مسؤول في الأمم المتحدة أكد أن هذا غير مهم، مشدداً على أن الأهم هو "رؤية الحكومة القائمة".
وكان رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو قال الجمعة: "إن انعقاد الجمعية العامة حضورياً مجدداً أمر مشجع"، في حين جرت العام الماضي بشكل افتراضي خصوصاً، مضيفاً: "نتوق جميعاً إلى العودة إلى حياة طبيعية".
إلا أن كل القادة الأوروبيين لم يحذوا حذوه، فأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على التوالي أنه سيأتي إلى نيويورك، ومن ثم أنه سيلقي كلمته عبر الفيديو في اليوم الأول بعد الرئيس الأميركي جو بايدن، لكنه ترك هذه المهمة في نهاية المطاف لوزير الخارجية الفرنسي، الذي سيلقي كلمة اليوم الاثنين. وستكون الكلمة عبر الفيديو مع أن جان-إيف لودريان كان حاضراً في الأمم المتحدة لمدة خمسة أيام قبل ذلك.
وقال سفير إحدى دول مجلس الأمن الدولي: "من النادر أن تتولى دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن الكلام في اليوم الأخير. هذا أمر لافت، لم يسبق أن رأيت ذلك". وأبقت فرنسا على الغموض متحججة فقط بالظروف الصحية.
وكانت واشنطن تخشى تشكل بؤرة كوفيد-19، وحاولت ثني قادة العالم عن المجيء إلى نيويورك، مع فرض شروط صارمة من تباعد اجتماعي وكمامات وحصر الحضور بسبعة أشخاص لكل وفد، إلا أن تطبيق هذه القيود كان متفاوتاً.
وللمفارقة، شوهد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأربعاء، في أروقة الأمم المتحدة مع نحو 20 شخصاً.
وفي الإجمال، سجلت رسمياً أربع إصابات بكوفيد-19، كلها في عداد وفد البرازيل التي يعارض رئيسها جايير بولسونارو تلقي اللقاح، مع أن زوجته استغلت فرصة زيارة نيويورك للحصول على جرعة أولى.
لكن لا يعرف عدد الإصابات الفعلي، مع عدم فرض لزوم الإعلان عن الإصابة أو تقديم فحص سلبي النتيجة أو شهادة تلقيح. وقال رئيس الجمعية العامة عبد الله شهيد من المالديف، لوكالة "فرانس برس"، إن الوفود "احترمت القواعد بشكل صارم".
وكانت القيود التي فرضتها الأمم المتحدة رادعة. ففي اليوم الأول من الجمعية العامة، عبر أقواس التفتيش 1929 شخصاً في مقابل 26 ألفاً العام 2019 على ما أفادت المنظمة.
وألقيت 200 كلمة، فيما عقدت مئات اللقاءات الثنائية داخل الأمم المتحدة وخارجها. ومنعت كل المنظمات غير الحكومية من دخول مقر الأمم المتحدة لتجنب الاكتظاظ، إلا أن رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر مورير عقد الكثير من للقاءات غير المبرمجة مع مسؤولين على الأرصفة المجاورة لمقر الأمم المتحدة.
(فرانس برس)