لا اتصالات لتبادل الأسرى: قناعة لدى "حماس" ومصر بعدم جدية إسرائيل

21 فبراير 2022
تحتجز "كتائب القسام" أربعة إسرائيليين (محمود همص/فرانس برس)
+ الخط -

لا يزال ملف تبادل الأسرى بين "حماس" وإسرائيل يراوح مكانه، في ظل رفض حكومة الاحتلال دفع الثمن الذي تطالب به الحركة للإفراج عن الأسرى، وإصرار المقاومة على شروطها وخريطة الطريق التي وضعتها، وأوصلتها إلى الوسطاء للقبول بالتبادل والوصول إليه.

وتحتجز "كتائب القسام"، الذراع العسكرية لحركة حماس، أربعة إسرائيليين، بينهم جنديان أسرتهما خلال عمليات عسكرية خلال الحرب الثالثة على قطاع غزة صيف عام 2014، وآخران دخلا إلى القطاع في ظروف مختلفة. وتعتبر إسرائيل جندييها لدى "حماس" قتيلين، لكن الحركة تتجاهل هذه الفرضية وترفض إعطاء معلومات "مجانية" لإسرائيل.

جبارين: الحكومة الإسرائيلية غير جادة في استعادة أسراها لدى المقاومة

وعاد الحديث عن تبادل الأسرى بين "حماس" وإسرائيل مع إعلان عضو الكنيست عن حزب "العمل" أميلي حايا مواتي، أخيراً، عن تقدم في ملف صفقة تبادل الأسرى مع الحركة. وعزت مواتي هذه المعلومات إلى "إحاطة" تلقاها أعضاء في الكنيست قبل ثلاثة أسابيع خلال اجتماع للجنة الخارجية والأمن.

الاتصالات حول ملف الأسرى مجمدة

لكن "حماس" نفت هذا التقدم. وقال مسؤول ملف الأسرى فيها عضو مكتبها السياسي زاهر جبارين، لـ"العربي الجديد"، إنّ الاتصالات مجمدة حول الملف، ولم تجر أي اتصالات جديدة حول تبادل الأسرى منذ عدة أشهر.

وشدد جبارين على أنّ ما يُنشر عبارة عن "أكاذيب"، فلا يوجد أي تقدم، والحكومة الإسرائيلية غير جادة في استعادة أسراها لدى المقاومة في غزة. ونبه إلى استقالة أحد مسؤولي ملف التبادل الذي كان ينوب عن جيش الاحتلال، والذي قال إنّ حكومته ضيعت فرصتين للوصول إلى تبادل أسرى.

وفي 28 ديسمبر/كانون الأول الماضي، كشف الإعلام الإسرائيلي عن استقالة مُنسق شؤون الأسرى والمعتقلين التابع لجيش الاحتلال موشيه طال من منصبه في الفريق الذي يشارك في المفاوضات الرامية للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع حركة حماس.

ومُنسق الجيش الإسرائيلي الذي استقال ضابط احتياط في شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، وشارك في اتصالات "حساسة وسرية" مع الوسيط المصري وحركة حماس. والاستقالة جاءت في سياق احتجاجي على أن الحكومة الإسرائيلية "لا تدفع بشكل كاف باتجاه تحرير المعتقلين والأسرى في غزة". 

ونقل الإعلام الإسرائيلي عن الضابط، وهو برتبة عقيد، قوله إن إسرائيل "أهدرت فرصتين مختلفتين في السنوات الأخيرة، كان من الممكن أن تؤديا إلى صفقة تبادل أسرى".

تبادل الأسرى وفق شروط "حماس"

وجدد جبارين تأكيده أنّ "حماس" مصرة على الوصول إلى تبادل أسرى وفق شروطها، وهي قدمت للوسطاء خريطة طريق للمضي قدماً في إنجاز الصفقة، وأنها لن تتراجع عن ذلك. وشدد على أنّ الرهان الإسرائيلي على الوقت وهم وتضييع للفرص. 

وأكدّ جبارين أنّ المقاومة رفضت ربط التبادل بملفات حياتية، ونجحت في كسر الشروط الإسرائيلية التي حاولت تطبيق هذا الربط على أرض الواقع، بعد معركة "سيف القدس".

الحديث بشأن ملف صفقة التبادل بات "موسمياً"

في مقابل ذلك، قالت مصادر مصرية خاصة، على اطلاع بملف الوساطة التي يقودها جهاز المخابرات العامة المصري بين فصائل المقاومة وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، إن الحديث بشأن ملف صفقة التبادل لم يتوقف، ولكنه بات "موسمياً"، يتحرك بتحرك الأحداث على الأرض، وتنخفض وتيرة المباحثات بشأنه كلما كانت هناك ملفات أكثر إلحاحاً.

عدم إحراز تقدم جديد بشأن الصفقة يعود للخلافات داخل الدائرة المعنية بالملف في الحكومة الإسرائيلية

وأضافت المصادر، في أحاديث خاصة لـ"العربي الجديد"، أن فترة الشهر الماضي شهدت مطلباً من جانب مسؤولين رفيعي المستوى بمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، للمسؤولين في جهاز المخابرات العامة، بتحريك ملف الوساطة بشأن صفقة التبادل مجدداً، والذي تتمسك "حماس" بفصله تماماً عن باقي المسارات المتعلقة بالتهدئة أو إعادة الإعمار في قطاع غزة.

وأوضحت المصادر أن القاهرة طرحت أخيراَ على قيادة حركة حماس فتح ملف الأسرى، والوقوف على نقاط تلاق يمكن على أساسها بدء جولة جديدة من المفاوضات.

وكشفت المصادر أن قيادة الحركة طالبت المسؤولين عن الملف في مصر بمطالبة الجانب الآخر، أي حكومة الاحتلال، بتحديد المستجدات التي يرغب بناء عليها بتحريك الملف مجدداً.

وأشارت إلى أن آخر جولة توقفت عند تمسك الحركة بالقائمة التي حددتها بأعداد وأسماء الأسرى الذين ترغب في إطلاق سراحهم، وكذلك الموافقة على الخطة المعدة، بمباركة من جانب الوسطاء الذين شاركوا في المفاوضات، والتي تضمنت ثلاث مراحل. 

وأرجعت المصادر السبب الحقيقي في عدم إحراز تقدم جديد بشأن الصفقة إلى الخلافات داخل الدائرة المعنية بشكل مباشر بالملف في الحكومة الإسرائيلية.

إسرائيل تتراجع عن صيغة مصرية لتبادل الأسرى

وكشفت المصادر أنه في وقت قريب سابق، توصلت القاهرة إلى صيغة مناسبة، حظيت بقبول اثنين من المسؤولين المباشرين المعنيين بالملف في إسرائيل، قبل أن يتم التراجع، بداعي الحاجة لمزيد من الوقت، عندما توجه المسؤولون إلى دوائر أخرى في الحكومة لاستطلاع موقفهم النهائي.

وقالت المصادر إن حالة النشاط التي دبت أخيراً في ملف صفقة الأسرى، ربما تكون ناتجة أيضاً عن التغيرات التي طرأت على قيادة ملف إسرائيل في جهاز المخابرات العامة، في إشارة إلى مسؤول الملف الجديد محمود السيسي، نجل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وما تحظى به تلك القيادة من دعم، ورغبتها في إنجاز تقدم ملموس على صعيد الملفات التي تقع تحت إشرافها.

حاتم أبو زايدة: أستبعد أنّ تكون الحكومة الإسرائيلية قادرة على اتخاذ قرار بتبادل الأسرى

وأكدت المصادر أن تحريك الملف هذه المرة ربما يكون جاء بناء على تدخل مصري مباشر خلال اللقاءات رفيعة المستوى التي جرت، أخيراً، بين مسؤولي الملف في الجانبين. وأوضحت أن "المسؤول الجديد للملف يسعى إلى تقديم نفسه من باب واسع"، مؤكدة "أن هذا الملف يحظى باهتمام كبير داخل الأوساط المصرية".

الحكومة الإسرائيلية غير جادة بشأن صفقة التبادل

في هذه الأثناء، أشار المختص في الشأن الإسرائيلي حاتم أبو زايدة، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنّ الحكومة الإسرائيلية الحالية غير جادة في الوصول إلى تبادل أسرى، لاعتبارات داخلية وخشية على تماسكها. وأشار إلى أنها تسمح بتسريب مثل هذه الأخبار لامتصاص غضب أهالي الإسرائيليين المحتجزين لدى "حماس" في غزة، ولمنع تشكيل لوبيات ضغط أكبر عليها.

وأوضح أبو زايدة أنّ الحكومة الإسرائيلية تريد القول لأهاليهم وللمجتمع أنها لن تنسى المفقودين في غزة، وأنّ عليهم فقط الصبر والانتظار لإعادتهم، لكنها في الواقع غير معنية بتكرار تبادل الأسرى، مثل الذي جرى في العام 2011 حين أفرجت المقاومة عن 1027 أسيراً وأسيرة مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.

واستبعد أنّ تكون الحكومة الإسرائيلية قادرة على اتخاذ قرار بتبادل الأسرى، خاصة أنها غير معنية بمزايدات عليها من الأحزاب الدينية و"الليكود"، وأنّ الضغط الداخلي عليها من المجتمع، ومن أهالي المفقودين، قد يساعد في الوصول إلى حراك إيجابي في طريق إتمام الصفقة وإنجازها.

وقيادة "حماس" متصلبة جداً في ملف الأسرى، وفق أبو زايدة، الذي أوضح أنه لا يمكن أنّ تتم صفقة جديدة إلا بشروطها، وخاصة الإفراج عن أكبر عدد من الأسرى وأصحاب المحكوميات العالية، ولا يمكن أنّ تؤثر الضغوط والظروف الإقليمية عليها لتخفيض سقف مطالبها.