كشف وزير الاستخبارات الإسرائيلي إيلي كوهين عن أنه لاحظ أنّ السودانيين "معنيون بالتقدم (في مسار التطبيع) بسرعة وفي كل المجالات". وأردف قائلاً عن زيارته إلى الخرطوم: "وصلنا تسيطر علينا مخاوف وعدنا راضين تماماً، فقد تحول الأعداء إلى أصدقاء؛ فمن المهم أن السودانيين معنيون وبمبادرتهم، بتطوير التطبيع مع إسرائيل حتى بعد تغيير الإدارة في الولايات المتحدة".
وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة "يسرائيل هيوم" الأوسع انتشاراً في إسرائيل، ونشرها موقعها، اليوم الأربعاء، قال: "بالنسبة لي وكوزير قام بزيارات سياسية، هذه ليست مجرد زيارة، إنها لحظة تاريخية، بعد 72 عاماً على تأسيس الدولة، أنا كنت المسؤول الأول الذي يصل إلى الدولة التي أعلنت فيها اللاءات الثلاث، وشاركت في الحروب ضدنا"، على حدّ تعبير كوهين، في إشارة إلى اللاءات الثلاث التي رُفعت في الخرطوم في مؤتمر القمة العربية عام 1967 عقب النكسة "لا تطبيع ولا مصالحة ولا استسلام".
وتابع كوهين: "اعتدنا على أن تكون إسرائيل هي التي تبادر وتحث على تنظيم مثل هذه الزيارات لكننا فوجئنا، وهذا من دواعي سعادتنا، أنهم (السودانيين) معنيون بتطوير العلاقة وفي كل المجالات"، على حدّ تعبيره.
وكشف كوهين عن أنه اتفق مع المسؤولين السودانيين خلال زيارته للخرطوم، أول أمس، على إعادة لاجئي العمل السودانيين.
وبحسب الصحيفة، فإن الوفد برئاسة كوهين، والذي ضمّ عشرة من كبار المسؤولين في ديوان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ومجلس الأمن القومي، "استقبل بحفاوة بالغة" في الخرطوم.
ولفتت إلى أنها المرة الأولى التي تستقبل فيها الخرطوم علناً وفداً رسمياً إسرائيلياً، مشيرة إلى أن السودان كان في حال حرب مع إسرائيل وكانت تربطه علاقات تحالف مع إيران، وساعد في تهريب السلاح إلى حركة "حماس"، على حد وصفها، مشيرة إلى أن الزيارة تمت على الرغم من أن القانون السوداني يلزم بمقاطعة إسرائيل.
وأشارت الصحيفة إلى أن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة في السودان "عانق كوهين بحرارة" عند لقائه به، منوهة بدور البرهان "الحاسم" في الدفع نحو التطبيع مع إسرائيل.
وأبرز كوهين أن أحد الإنجازات التي أسفرت عنها الزيارة، تمثل في الاتفاق مع الخرطوم على إعادة 6 آلاف من لاجئي العمل السودانيين إلى السودان، كاشفاً أنّ البرهان وافق على الفور أن يتم تعديل القانون لتسهيل عودتهم بأسرع وقت ممكن، مرجحاً أن عوائد اقتصادية ستعود على السودان جراء الموافقة على استقبال اللاجئين.
ولفت كوهين إلى أن إسرائيل وافقت على إعداد لاجئي العمل مهنياً، وبعد ذلك تتولى تدشين مشروع في السودان للمساعدة في تطويره اقتصادياً.
ولفت كوهين إلى أن السودان وإسرائيل اتفقتا على تدشين سفارتين في كل من الخرطوم وتل أبيب، إلى جانب الشروع في التعاون في المجالات الاقتصادية والزراعية، مشيراً إلى أن الخرطوم وافقت على السماح للطيران الإسرائيلي "بالتحليق بحرية" في الأجواء السودانية.
وقد كان اللقاء بين كوهين ووزير الدفاع السوداني ياسين إبراهيم ياسين عبد الهادي، الذي سبق اللقاء مع البرهان، "مفاجئاً" للمسؤولين الإسرائيليين، حيث لفتت الصحيفة إلى أن الوزير السوداني هو الذي بادر بتقديم مشروع للتعاون الاستخباري للوفد الإسرائيلي.
وأضافت الصحيفة أن أعضاء الوفد الإسرائيلي قاموا بترجمة "المشروع" السوداني من العربية إلى الإنكليزية بعد إدخال تعديلات عليه ومن ثم تم التوقيع عليه بشكل احتفالي.
وقد أدى امتداد اللقاءات مع المسؤولين السودانيين إلى اضطرار كوهين إلى التراجع عن مخططه لزيارة المقبرة اليهودية في الخرطوم، حيث كان مجبراً على العودة إلى إسرائيل قبل إغلاق مطار بن غوريون بفعل إجراءات مواجهة كورونا.
واستدركت الصحيفة بأنه على الرغم من أن الكثيرين من كبار المسؤولين في الخرطوم شاركوا في اللقاء الذي جمع كوهين بالبرهان، إلا أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك قاطع الاجتماع، لافتة إلى أن الأخير في حالة "نزاع سياسي" مع البرهان.
توقيع الاتفاق في واشنطن "في غضون أشهر"
وفي حديث تلفزيوني، اليوم الأربعاء، قال كوهين إنّ إسرائيل والسودان سيضعان اللمسات الأخيرة على الاتفاق الدبلوماسي لتطبيع العلاقات بينهما خلال مراسم في واشنطن في غضون الأشهر الثلاثة المقبلة.
ولم يصدر تعليق على الفور عن مسؤولين سودانيين أو السفارة الأميركية في إسرائيل. وكانت الحكومة المدنية في السودان قد قالت إن اتفاق تطبيع العلاقات مع إسرائيل لا يمكن أن يدخل حيز التنفيذ إلا بعد أن يوافق عليه مجلس تشريعي انتقالي لم يتشكل بعد.
وقال كوهين لتلفزيون "واي نت" الإسرائيلي، بحسب ما نقلته وكالة "رويترز"، إنّ "مسودة اتفاق السلام تحرز تقدماً ومن المنتظر إجراء مراسم توقيع بين إسرائيل والسودان في واشنطن خلال الأشهر الثلاثة المقبلة".
وذكر كوهين أنّه قدم لمضيفيه زيتاً وفاكهة من الأراضي المقدسة وحصل على بندقية "إم16" على سبيل الهدية لوداعه.