كوبنهاغن... القمع في خدمة الصهيونية

28 يونيو 2024
تظاهرة دعم لغزة في كوبنهاغن، 28 أكتوبر 2023 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الحكومة الدنماركية تسعى لفرض قوانين قمعية ضد حرية الرأي والتعبير تحت غطاء مكافحة معاداة السامية، لحماية السردية الصهيونية وتقليل خسائر إسرائيل، مما يعكس تأثير اللوبيات الصهيونية ويهدد حرية التعبير.
- تظهر السياسة الدنماركية انقساماً واضحاً في موقفها من فلسطين، حيث يتجه بعض الساسة نحو دعم إسرائيل بشكل يتناقض مع مواقف دول أوروبية أخرى مثل النرويج، مما يعكس تجاهلاً للمعارضة الداخلية والدولية للصهيونية.
- الجهود الدنماركية لتجريم دعم فلسطين تعبر عن محاولة لمحاصرة التضامن مع القضية الفلسطينية وتعزيز السردية الصهيونية، مما يشير إلى ضرورة تعزيز الدبلوماسية والسياسات العربية لمواجهة هذه التحديات والدفاع عن حقوق وحريات الشعب الفلسطيني.

تحاول حكومة ائتلاف يسار ويمين الوسط الدنماركية برئاسة ميتا فريدركسن في سياق أوروبي فرض قوانين قمعية بحق حرية الرأي والتعبير لتخفيف خسائر دولة الاحتلال الإسرائيلي. فالدجاجة التي تبيض ذهباً هي النفخ في جثة السردية الصهيونية تحت لافتة "مكافحة معاداة السامية"، ولو جرى نسف تقديسها حرية التعبير، والتربع على عرشها العالمي أخيراً. القصة ببساطة ليست فقط في نسف الساميين الآخرين من تعريف "معاداة السامية"، كما يشير حقوقيون ورجال قانون في كوبنهاغن، بل في اختراع عجيب لجعل انتقاد الصهيونية "جريمة".

من الملاحظ أن الآراء الشخصية المسبقة للسياسيين في كوبنهاغن تفرض نفسها. ويبدو أن زملاء يسار الوسط الدنماركي الاسكندنافيين، كالنرويجيين، الذين اعترفوا بدولة فلسطين أخيراً، ما عادوا يفهمونهم. فبعض ساسة الدنمارك يتجندون خدمة لأجندات اللوبيات الصهيونية، رغم أن يهوداً في بلدهم يقفون ضد الصهيونية، وسيكون عجيباً أن يلاحق مواطنو البلد، يهوداً وغيرهم، كرمى لعيون جيش وكيان أجنبي متهم بارتكاب إبادة وجرائم حرب، ومصنف بمستوى تصنيف تنظيمي القاعدة وداعش.

مع ذلك، يُعبّر السباق الدنماركي، وإلى حد ما الألماني الساعي لتجريم دعم الفلسطينيين، عن رغبة بمحاصرة التحركات التضامنية وتدارك خسائر السردية الصهيونية والمتصهينة، خصوصاً لدى الأجيال الجديدة، المراد لها العودة إلى "بيت الطاعة". بل هو يعكس أيضاً حالة انقسام في معسكر يسار الوسط، من النرويج شمالاً إلى إسبانيا جنوباً. وسواء نجح أو فشل تيار خدمة الصهيونية في فرض مكارثية قمعية، فإن تلك المحاولات تقدم صورة واضحة لهشاشة السياسات والدبلوماسية العربية، حتى على مستوى سفراء، لمواجهة مساعي سفراء تل أبيب لاستعادة السردية المزيفة، السهلة التفكيك في مثل هذه الأجواء.

وفي جعبة تلك السياسات العربية، لو كانت أقله وبحق تقف موقف شركات وصناديق تقاعدية وطلبة جامعيين غربيين، بل أقطاب الجاليات اليهودية، من عدالة قضية فلسطين، الكثير من الأدوات والحجج لمواجهة نفاق الدنمارك في سياق أوروبي. منها مثلاً استمرار دعم مصانع السلاح والذخيرة جيش الاحتلال المصنف بقاتل أطفال، وبقية جرائمه التي يتابعها الجميع على المستوى القانوني والحقوقي الدوليين، إلى جانب رأي عام شهد تغيرات كثيرة. فقضية إرسال كوبنهاغن معدات لطائرات "أف 35" إلى جيش الاحتلال ليست بسيطة لو أرادت السياسات والدبلوماسية العربية مواجهة ازدواجية معايير العدالة والحقوق وحرية التعبير. يمكن لهؤلاء مراجعة ما تكتبه الصحافة الدنماركية عن قضية مصانع تيرما التي تفوح رائحتها، للتصرف مثلما تصرفت نيكاراغوا مع ألمانيا أمام محكمة العدل الدولية.

المساهمون