قالت مصادر مصرية خاصة لـ"العربي الجديد"، إن وفدًا أمنيًا إسرائيليًا رفيع المستوى وصل إلى العاصمة المصرية القاهرة صباح اليوم الأحد، على متن طائرة خاصة، لاستكمال التباحث بشأن عدد من الملفات المشتركة والمتعلقة بالوساطة المصرية بين حكومة الاحتلال والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.
وأوضحت المصادر أن الوفد الذي يقوده إيال حولتا، مستشار الأمن القومي التابع لمجلس الوزراء، ويضم مئير بن شبات، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي، كان محملًا بمجموعة من الرسائل المتعلقة بالوضع في قطاع غزة، مشيرة إلى أنه جاء لاستكمال مباحثات التهدئة التي تقودها القاهرة منذ وقف إطلاق النار في القطاع، في أعقاب وقف الحرب الأخيرة على القطاع في مايو/ أيار الماضي.
وكشفت المصادر أن الوفد الأمني التقى فور وصوله إلى القاهرة برئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل، إضافة لعدد من قيادات الجهاز، على رأسهم اللواء أحمد عبد الخالق، مسؤول ملف فلسطين بالجهاز.
كما كشفت المصادر عن أن توقيت زيارة الوفد يرجع إلى موجة التصعيد الأخيرة على الحدود الشمالية في فلسطين المحتلة، بعد التصعيد الأخير من جانب حزب الله اللبناني ورده على قصف الطيران الإسرائيلي أهدافاً داخل الأراضي اللبنانية بقصف مدفعي لمستوطنات إسرائيلية.
وأوضحت المصادر أن زيارة الوفد الإسرائيلي استغرقت عدة ساعات، طلب فيها المسؤولون الإسرائيليون من القاهرة ممارسة الضغط على الفصائل الفلسطينية للحفاظ على حالة التهدئة وعدم المشاركة في أي "أعمال عدائية" تجاه المستوطنات بالتنسيق مع حزب الله، لافتة إلى أن هناك قلقاً بالغاً في الدوائر الأمنية والعسكرية الإسرائيلية من جرهم إلى معركة جديدة على عدة جبهات، وسط ضغوط من جانب فصائل غزة للتسريع بالتسهيلات الخاصة بسكان القطاع وسرعة فتح المعابر، وإدخال كافة المواد والسلع التي يحتاجها القطاع، فيما تماطل تل أبيب في تنفيذها وتصر على ربطها بإحراز تقدم في صفقة الأسرى المحتجزين لدى حركة حماس.
وشدد الوفد الأمني الإسرائيلي على الجانب المصري بضرورة إلزام حركة حماس بوقف إطلاق البالونات الحارقة، مع تقديم وعود بالاستجابة للمطالب الخاصة بسكان القطاع والشروع في بعض التسهيلات، وعلى رأسها توسيع مساحة الصيد لتصل إلى نحو 13 كيلومترا.
وبحسب ما أفادت المصادر "العربي الجديد"، فإن الجانبين بحثا مجموعة من التصورات الخاصة بإدخال المنحة القطرية للقطاع، التي تعد مطلبا أساسيا من بين مطالب حركة حماس، مشيرة إلى أنه جرى التشاور بشأن مقترح سابق كان قد حظي بترحيب مبدئي من الجانب الإسرائيلي يقضي بإشراك مصر، قبل أن يتعطل بسبب المماطلة الإسرائيلية للضغط على حماس لإحراز تقدم في مفاوضات تبادل الأسرى.
وبحسب المصادر، فإن هناك مخاوف إسرائيلية من دفع إيراني لحلفاء تابعين لها لاستنزاف القدرات الإسرائيلية وصرف تل أبيب عن توجيه أي ضربات نوعية لأهداف إيرانية في الوقت الراهن، مؤكدة أن هناك توجها لدى حزب الله اللبناني لتفجير مواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي بدعم من فصائل فلسطينية، وهو ما تسعى تل أبيب لتفاديه عبر تحييد قطاع غزة من خلال الوساطة المصرية.
وتقول المصادر المطلعة على مسار الوساطة إن هناك حالة من الارتياح المصري بسبب خطوة التصعيد من جانب حزب الله في هذا التوقيت، الذي رفع الضغوط عن كاهل القاهرة بعد تلويح الجانب الإسرائيلي في وقت سابق باستعداده لإشراك تركيا في مفاوضات تبادل الأسرى.
وبحسب المصادر، فإن "لجوء تل أبيب للقاهرة في هذا التوقيت جاء بهدف تنشيط الوساطة والضغط على فصائل غزة، لأن إسرائيل تسعى للحفاظ على أن يكون قرار الحرب، أو الضربة العسكرية، مع حزب الله وإيران، من تحديدها، لا أن يكون ردة فعل"، مشيرة في الوقت ذاته إلى قلق إسرائيلي بسبب زيارة وفد رفيع من حركة حماس بقيادة إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، إلى إيران مؤخرا ولقاء الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي.
وفي توقيت متزامن مع وصول الوفد الأمني الإسرائيلي، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت إن "إسرائيل لن تقبل ولا بأي حال من الأحوال "إطلاق نار ورشقات صاروخية من لبنان باتجاه البلدات الإسرائيلية ومنطقة الجليل"، محملًا الحكومة اللبنانية كامل المسؤولية عن إطلاق القذائف.
وأضاف في مستهل جلسة الحكومة الإسرائيلية، صباح الأحد، "لا يهمنا ما إذا كانت منظمة فلسطينية تطلق النار أو مليشيات مستقلة، فدولة إسرائيل لن تقبل إطلاق النار على أراضيها".
وفي محاولة منه لتأليب الرأي العام اللبناني ضد حزب الله، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية "هناك صحوة مهمة جدا في الجانب اللبناني، يعبر عنها الكثير من المواطنين، ضد حزب الله والتدخل الإيراني في البلاد، حيث تتجه إيران وحزب الله لتوريط الشعب اللبناني بالجبهة مع إسرائيل في ظل الأزمة الاقتصادية والسياسية الحادة هناك".
وكان وفد من حركة حماس بقيادة إسماعيل هنية قد زار إيران الخميس الماضي للمشاركة في حفل تنصيب إبراهيم رئيسي، وذلك بعد ساعات قليلة من إعادة انتخاب هنية رئيسا للمكتب السياسي للحركة في ولاية ثانية.