كابوس أوروبا في عودة الترامبية

19 يوليو 2024
فانس وترامب في مؤتمر الجمهوريين، 16 يوليو 2024 (كارولين كاستر/أسوشييتد برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- احتمال عودة ترامب إلى البيت الأبيض يثير قلق أوروبا وأوكرانيا، خاصة مع اختيار جي دي فانس نائباً له، الذي يعارض دعم أوكرانيا.
- تزايدت المخاوف الأوروبية من تراجع الثقة في واشنطن، مما يدفع بعض القادة الأوروبيين للتفكير في استقلالية أكبر عن الولايات المتحدة.
- الانعزالية الأميركية المحتملة في سياسات ترامب وفانس قد تترك أوروبا وحيدة في مواجهة روسيا، مما يعزز التوترات ويعقد النقاشات حول مستقبل العلاقات الأوروبية-الأميركية.

ليس خبراً جيداً لأوروبا وأوكرانيا احتمال عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، خصوصاً بعدما زادت محاولة الاغتيال في بنسلفانيا، السبت الماضي، شعبيته. بل يتحوّل ترامب إلى كابوس أوروبي لجهة علاقة دول القارة بحليفها الأميركي، باختياره جي دي فانس نائباً له، وهو صاحب مواقف متشدّدة من استمرار دعم أوكرانيا ورئيسها فولوديمير زيلينسكي، وقد تجاهله تماماً في مؤتمر ميونخ للأمن في فبراير/ شباط الماضي. وتشعر الطبقة السياسية التقليدية والتاريخية في أوروبا أيضاً بقلق إضافي، مع وجود قوى أوروبية انحازت إلى الترامبية منذ 2016.

هذه كلها بالتأكيد أخبار جيدة لروسيا، فساسة الاتحاد الأوروبي والأعضاء (الأوروبيون) في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، يعرفون، في الكواليس، أن علاقتهم وثقتهم بواشنطن لم تعد من المسلّمات. ففي ذروة التوتر مع إدارة ترامب في 2017، اندفعت قيادات أوروبية، مثل المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وغيرهما، إلى التفكير بصوت مرتفع بشأن ضرورة تبنّي نزعة استقلالية عن واشنطن. لكن وسط الحرب الأوكرانية التي تستنزف الأوروبيين منذ فبراير/ شباط 2022، ومع تزايد الانتشار العسكري الأميركي والأطلسي في القارة، يتحوّل التفكير بسلبية علاقة الحليفين الأوروبي والأميركي إلى مصدر تشاؤم وإرباك.

صحيح أن أوروبا تُبدي التزاماً بسياساتها في مواجهة روسيا، لكنه التزام سيعاني تخلخلاً بعودة ترامب، خصوصاً أن قوى أوروبية من خارج الطبقات السياسية التقليدية أصبحت ترامبية الهوى، وتؤمن، مثله ومثل نائبه فانس، بأن هذا الانخراط في أوكرانيا ليس من مصلحة دولها. ومثلما يُرفع شعار "أميركا أولاً" فإن بعض قوى أوروبا وأحزابها يروق لها رفع شعارات بلادها أولاً، وليس الاتحاد الأوروبي مجتمعاً.

عليه، فإن الخشية الأوروبية من الانعزالية الأميركية في سياسات مقبلة للثنائي ترامب - فانس عميقة هذه المرة، مع ترك دول أوروبية وحيدة في مواجهة مصيرها أمام روسيا. والتبشير هذه الأيام بالسلام في أوكرانيا، والذي يعتقد رئيس الوزراء المجري القومي المحافظ فيكتور أوربان أن لدى ترامب خطة لتحقيقه، يُقرأ على أنه في مصلحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ولا يبدو أن أوروبا، بعدما صرفت كل ما صرفته، جاهزة للتنازل عن اعتبار دعمها لأوكرانيا بمثابة جدار صدّ بوجه ما تسميها "أطماعاً روسية".

أمام الأوروبيين في الأشهر المقبلة نقاشات جدّية بشأن مستقبل علاقتهم بواشنطن، والعودة ربما إلى أوراق الاستقلالية عنها في بعض السياسات الخارجية والقضايا الدولية. بالطبع ليس ذلك سهلاً، وقد تزايدت مصاعبه بوجود قوى أوروبية قومية متشدّدة وشعبوية ترامبية، متّهمة بخلخلة وحدة موقف القارة من روسيا، وقضايا أخرى محلية ودولية.

المساهمون