استمع إلى الملخص
- **ردود فعل المعارضة**: انتقد الأمين العام للحزب الاشتراكي، منصف الشريقي، البيان واعتبره تهديداً بالقمع والاستبداد، بينما وصف هشام العجبوني من التيار الديمقراطي البيان بأنه إعلان حرب ضد جزء من الشعب.
- **دفاع المؤيدين**: دافع عبد الرزاق الخلولي عن بيان سعيّد، مؤكداً أنه يسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية والسيادة الوطنية، نافياً أن يكون الخطاب عنيفاً أو مسبباً للانقسام.
أصدر الرئيس التونسي الحالي قيس سعيّد (66 عاماً)، بيانه الانتخابي الأول، يوم الأحد، تحت شعار "الشعب يريد"، وهو الشعار ذاته الذي سبق ورفعه سعيّد في انتخابات 2019. واستهل سعيّد البيان بنداء إلى أبناء الشعب التونسي، مذكراً بانطلاق ثورة تونس في 17 ديسمبر/ كانون الأول، مهاجماً المعارضة التونسية، التي زعم أنها "أوهمت الشعب الثائر بأن ما حصل هو انتقال ديمقراطي وبأنه تحقيق لأهداف الثورة"، فيما اعتبرت المعارضة بيان سعيّد "تهديداً" واضحاً للشعب التونسي.
وجاء بيان سعيّد الانتخابي: "لتسكت الأبواق المسعورة المأجورة، التي لم نعمل كما لن نعمل لإسكاتها، فمآلها الطبيعي هو التلاشي والتبخر والاندثار"، مضيفاً: "يتباكى أصحاب هذه الأبواق على الحرية والديمقراطية في حين أنهم يتظاهرون كل يوم وتحت حماية الأمن. بل إن عدداً من المظاهرات التي لا يتجاوز عدد المشاركين فيها بضع العشرات يذرفون الدموع الكاذبة على الديمقراطية، ومن المفارقات أن الذي كانوا يتبادلون التهم اجتمعوا في نفس المظاهرات ويلقون نفس الخطب، ويلتقي الذي كان يدعو لتطبيق الشريعة مع الذين يدعون للمثلية الجنسية، ويلتقي من كان يتظاهر على أنه من يسار اليسار مع الذين نهبوا أموال الشعب الذي فقّروه، فقلوبهم، إن كانت لهم قلوب، تنبض على الشِمال أما حافظات نقودهم فمكانها عندهم كلهم على اليمين"، على حد قوله.
وأضاف سعيّد في نص بيانه أن "الشعب التونسي أسقط القناع تلو القناع عمن كانوا يتظاهرون بأنهم ألد الأعداء فتكشفت الحقائق بسرعة بأن الأعداء المزعومين والفرقاء والخصماء، أمام عدسات المصورين، حلفاء اتفقوا على أن المنظومة قائمة مع تغيرات في الظاهر لا أثر لها في الواقع والتنفيذ، فانقذوها ليأخذ كل طرف نصيبه وأوهموا الشعب الثائر بأن ما حصل هو انتقال ديمقراطي وبأنه تحقيق لأهداف الثورة".
وأثار بيان سعيّد جدلاً واسعاً من قبل معارضين ومتابعين بسبب مضامينه التي اعتبروها حادة وتتضمن معاني عنيفة. وفي هذا الإطار، استغرب الأمين العام للحزب الاشتراكي، منصف الشريقي، وعضو الشبكة التونسية للحقوق والحريات، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بيان الرئيس التونسي، قائلاً إنه "لم يخرج عن سياق خطابات الرئيس سعيد المتعارف عليها منذ صعوده إلى دفة الحكم"، مبيناً أن "استغرابه مستمد من موقع رئيس الجمهورية الذي لا يعي أنه في أعلى منصب في الدولة، ومثل هذا الخطاب لا يساهم في وحدة التونسيين بل هو بيان يقسّم التونسيين والتونسيات، هؤلاء يحبون البلد وهؤلاء لا يحبونه".
ورداً على البيان، قال الشريقي، إن "التونسيين والتونسيات يحبون بلداً قوياً وعادلاً فيه مؤسسات قوية وقضاء عادل تراقب فيه السلط بعضها بعضاً، على عكس ما تم تكريسه منذ 25 يوليو/ تموز 2021، من تمش ينبئ بالاستبداد"، معتبراً أن "هذا البيان يضاف إلى الخطابات التي تحتمل الوعيد والتهديد لمن لا يوافقون مساره أو يعارضونه (...) هذا المسار الذي أصبح حتى مساندوه، سابقاً، يعارضونه، مثل حركة الشعب التي قدمت اليوم منافساً لقيس سعيّد وهو زهير المغزاوي".
وأفاد الشريقي أن "جزءاً كبيراً من الشعب نفض يديه من أي إمكانية نجاح أو إصلاح من هذا المسار، ولكن الرئيس يغض الطرف عن كل هذا ولم يقم بتقييم لحكمه وامتلاكه كل السلطة منذ 3 سنوات، بينما إنجازه صفر في كل الميادين، ولا يوجد أي إنجاز يذكر في كل المجالات، بالإضافة إلى أن تونس أصبحت حارساً لإيطاليا بعد الاتفاقية مع ميلوني التي لم يكشف عنها الرئيس إلى اليوم". وانتقد الشريقي وصم الرئيس معارضيه "بالخيانة وغير الوطنيين وليسوا صادقين وبالتالي لا يستغرب مواصلة نفس الخطاب ونفس الشعارات العامة".
وشدد على أن "تركيز الخطاب على التهديد والوعيد والحرب على الفساد، في حين أن الفساد تواصل في عهده الذي يحكم فيه وحده ولم ينجز شيئاً يذكر"، مفيداً أنه "بيان تخويف وتهديد بمواصلة قمع الحريات إذا فاز في ولاية ثانية، وهو خطر على تونس قد يحوّلنا إلى بلد تموت فيه الحرية وتصبح فيه تونس بلداً منبوذاً، وشعبه يعيش تحت عصا القمع والاستبداد، ما يدعو إلى توحد كل الأطياف والحساسيات المجتمعية والحقوقية والمدنية تحت عنوان المقاومة والتصدي لما ينتظر تونس، حتى تتأسس دولة اجتماعية عادلة تحمي الحقوق والحريات ويتحقق فيها العيش الكريم لكل التونسيين".
واعتبر القيادي في التيار الديمقراطي، هشام العجبوني على صفحته بـ"فيسبوك"، أن "البيان الانتخابي لسعيد هو بمثابة إعلان حرب"، مضيفاً أن هذا "ليس إعلان حرب ضد عدو خارجي أو الكيان الصهيوني لا سمح الله، بل ضدّ جزء من الشعب الذي انتخبه في 2019 واكتشف بعد 5 سنوات من الحكم، منهم 3 سنوات من الحكم المطلق، أنّه ليس أهلاً لهذه المسؤولية الجسيمة وانّه فشل فشلاً ذريعاً في كلّ ما قام به، وأنّ بقاءه على رأس الدولة لـ5 سنوات أخرى يعني تواصل الخراب والفشل والشّرخ الاجتماعي الذي تسبّب فيه بسياساته وخطاباته المقسّمة والمتشنّجة".
في مقابل ذلك، قال رئيس المكتب السياسي لمسار "25 جويلية"، عبد الرزاق الخلولي، المساند للحملة الانتخابية للرئيس سعيّد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "البيان الانتخابي لسعيّد في مضمونه لم يخرج عن المعهود وسيرورة فكره الذي يحمله منذ عام 2011، وخصوصاً عند الحملة التفسيرية الانتخابية في عام 2019، فهو ينطلق من فكرة أن المنظومة السابقة لم تكن عادلة ولا تتوفر فيها العدالة الاجتماعية ولا تحقق السيادة الوطنية، فمنذ عقود لم تقم الدولة بدورها الاجتماعي وهذا ما يريد تحقيقه".
وبين أن سعيّد "ركز على ضرورة خوض حرب تحرير وتحرر من الهيمنة الخارجية ومن التدخل الأجنبي في بلادنا من أجل تحرير ثرواتنا وتحرير العقول لتحقيق السيادة". وفي رده على انتقاد البيان من المعارضة باعتباره خطاباً عنيفاً يقسم الشعب ويختزل عبارات حرب ووعيد، نفى الخلولي ذلك قائلاً إن "هذا الخطاب لا يقسم التونسيين بل هو فكر شمولي يتوجه للمستقبل لاستكمال المسيرة التي بدأها تحت شعار الشعب يريد، لأن هذا ما يريده الشعب، وبالتالي سيواصل تفكيك المنظومات التي تعطل وتكبل التنمية والتطور الاجتماعي".
وشدد الخلولي على أنه "لا يوجد أي تهديد للتونسيين أو تقسيم للتونسيين بل إن هذه أفكار الرئيس (...) لا يوجد أي إقصاء، وهو تحدث على التاريخ القريب وحاول التأكيد على الأسباب التي جعلت تونس لم تتقدم في العشرية التي جعلت البلاد على شفا الإفلاس"، مشيراً إلى أن "هذه فلسفة فكر الرئيس وتوجهه الذي بني عليها نظام الوظائف بدل السلط والنظام القاعدي والشركات الأهلية والحرب على الفاسدين وتحقيق السيادة والعدالة الاجتماعية".