مع تصاعد التوتر في الجنوب السوري، بدأت قوات نظام الأسد، صباح اليوم الخميس، عملية عسكرية في درعا البلد، حيث اقتحمت المنطقة من عدة محاور، فيما تصدى لها عدد من المسلحين المحليين، وسط سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين.
وقال الناشط الصحافي محمد الشلبي، لـ"العربي الجديد"، إنّ قوات "الفرقة الرابعة" التابعة للنظام، تحاول التقدم من ثلاثة محاور نحو درعا البلد، من مناطق النخلة وقصاد والقبة، وسط اشتباكات عنيفة وتصدّ من قبل أبناء المنطقة.
وأكد أنّ عدداً من عناصر الفرقة التي تعتبر موالية لإيران، قتلوا أو أصيبوا جراء الاشتباكات على محور منطقة القبة شرقي درعا البلد، مع استمرار عمليات القصف المكثف براجمات الصواريخ وقذائف الهاون والدبابات والمضادات الأرضية، وهو ما أدى إلى مقتل شخص على الأقل، وإصابة عدد من المدنيين بجراح.
كما أطلقت قوات النظام صوب أحياء درعا البلد صاروخ أرض - أرض من نوع "فيل".
وذكر موقع "تجمع أحرار حوران"، أنّ الأهالي المحاصرين في درعا البلد، وجهوا نداء استغاثة لعدم توفر أي مواد إسعافية بعد إغلاق النقطة الطبية الوحيدة في المنطقة، يوم أمس الأربعاء، جراء استهدافها من قبل قناصة "الفرقة الرابعة".
وبحسب الشلبي، فإنّ قوات "الفرقة 15"، والأفرع الأمنية التابعة للنظام، انسحبت من النقاط التي وصلت إليها، أول أمس الثلاثاء، بغية تطبيق الاتفاق الموقّع مع الفاعليات المحلية في درعا البلد.
ولم تتمكن "اللجنة الأمنية" التابعة للنظام من إيقاف "الفرقة الرابعة" التي تحاول استفزاز أبناء درعا البلد، لمواجهة قواتها من أجل إيقاع خسائر في صفوفها، وبالتالي تبرير الهجوم على المنطقة، بهدف إفشال الاتفاق الذي تم بمساع روسية، حيث كان من المفترض أن تدخل "الفرقة 15" وتقيم 3 نقاط عسكرية داخل المنطقة، بموجب اتفاق التهدئة الأول.
في غضون ذلك، توالت "الفزعات" لدرعا البلد من مختلف أنحاء منطقة حوران، إذ أعلن شبان في المنطقة الشرقية وبلدة تل شهاب ومدينتي جاسم ونوى، تضامنهم مع درعا البلد في بيانات مصورة، مهددين النظام بالتصعيد في كافة أنحاء المحافظة في حال واصل حصار درعا البلد، فيما بادر شبان في مدينة نوى إلى إغلاق الطرقات الرئيسية وأشعلوا الإطارات تضامناً مع درعا البلد.
ووفق "تجمع أحرار حوران"، فقد سُمع إطلاق نار كثيف من أسلحة رشاشة في بلدة صيدا شرقي درعا، ناجم عن مهاجمة مجهولين حواجز للأمن العسكري في البلدة، بعد فجر اليوم الخميس.
وأوضح أنّ الحاجز الواقع على طريق الجيزة – غصم، تعرّض لاستهداف بطلق ناري، بعد منتصف ليل الأربعاء، وهو حاجز عسكري مشترك لقوات النظام من "الفرقة 15" والأمن العسكري، كما تعرض حاجز عسكري يقع في مدخل مدينة نوى من جهة بلدة الرفيد لاستهداف بعيارات نارية من قبل مجهولين.
هدد شبان من حوران النظام بالتصعيد في كافة أنحاء محافظة درعا في حال واصل حصار درعا البلد
واستهدف مجهولون أيضاً بالأسلحة الرشاشة مقراً لـ"أمن الدولة" في مدينة أنخل بريف درعا الغربي، فيما هاجم شبان المركز الثقافي في مدينة جاسم الذي يتخذه فرع أمن الدولة مقراً له، مستخدمين الأسلحة الخفيفة.
وكانت لجان التفاوض في درعا البلد، قد أعلنت أنها عقدت اجتماعاً ضمّ اللجان المركزية في محافظة درعا مع ممثلين من "اللواء الثامن" الموالي لروسيا، مساء أمس الأربعاء، في مدينة درعا، لبحث تطورات درعا البلد، دون حضور ضباط النظام السوري.
وقالت اللجان إنها طلبت من "اللواء الثامن" إيصال مقترحها لضباط النظام بنشر 3 نقاط عسكرية في أحياء درعا البلد، تضم عناصر من "اللواء الثامن" من أبناء المحافظة فقط، مضيفة أنه "في حال رفض النظام مقترحنا نطالب بتهجير جميع الأهالي في درعا البلد وطريق السد والمخيمات والبالغ عددهم نحو 50 ألف نسمة، وفي حال رفض المطلب الأخير فنتجه إلى خيار الحرب".
من جهته، اتهم قائد شرطة درعا التابع للنظام ضرار دندل، وجهاء درعا البلد بعدم الالتزام بتسليم كامل السلاح المتوسط والخفيف في المدينة.
ونقلت وسائل إعلام موالية للنظام عن دندل قوله، يوم أمس الأربعاء، إنّ سكان درعا البلد بادروا بإطلاق النار على نقطة دوار الكرك، ما أدى إلى إصابة عدد من عناصر قوات النظام السوري، زاعماً أنّ الأخيرة التزمت بجميع البنود وقدمت بند فتح طريق السرايا على جميع البنود، على الرغم من أنه كان آخر البنود المفترض تنفيذها.
كما تحدث عن تنفيذ بند التسوية وإجراء التسويات لـ183 مطلوباً للنظام، بينهم عشرة عناصر من الشباب الفارين من الخدمة العسكرية، إضافة لنشر النقاط العسكرية التي اتفق عليها مسبقاً.
وأضاف دندل أنه تم استدعاء الوجهاء في درعا البلد الذين وقعوا على الاتفاق، و"كانت حججهم بحصول اختلافات بوجهات النظر بينهم"، وفق قوله، مضيفاً أنّ مقاتلي المعارضة السابقين لم يقبلوا بتسوية أوضاعهم، وطالبوا بإخراجهم باتجاه الشمال السوري، إلا أنّ لجنة درعا البلد رفضت ذلك.
وأطبقت قوات النظام، اعتباراً من الليلة الماضية، الحصار على درعا البلد، حيث أغلقت طريق سجنة آخر الطرق المفتوحة باتجاه المنطقة، فيما استهدفت المجموعات المحلية التابعة لقوات النظام المتمركزة في حي المنشية المستوصف الطبي في درعا البلد، ما دفع الكادر الطبي لإغلاقه على الرغم من كونه النقطة الطبية الوحيدة التي تخدم المنطقة.
وكانت "اللجنة المركزية" الممثلة لعشائر درعا قد طالبت، في بيان لها، أمس الأربعاء، بالعودة للاتفاق الأول بوضع نقاط عسكرية داخل درعا البلد، ورفضت خيار تهجير عدد من أبناء المدينة، فما دعت فعاليات محلية في درعا إلى تنفيذ إضراب عام، اليوم الخميس، في جميع مناطق الجنوب السوري تضامناً مع درعا البلد.
غارات روسية على ريف إدلب الجنوبي
على صعيد ميداني آخر، شنت طائرات حربية روسية، صباح اليوم الخميس، غارات جوية على ريف إدلب الجنوبي شمال غربي سورية، فيما تدور اشتباكات بين فصائل "الجيش الوطني" المعارض المدعوم من تركيا، و"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) في ريف حلب الشمالي.
وذكر الناشط الصحافي محمد المصطفى، لـ"العربي الجديد"، أنّ الغارة الروسية استهدفت بلدة البارة بجبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، التي توجد فيها نقطة مراقبة تابعة للقوات التركية، دون معلومات عن خسائر بشرية، وسط قصف مدفعي من جانب قوات النظام على بلدتي إبلين والبارة جنوبي إدلب.
وكانت الطائرات الروسية قد أغارت، أمس الأربعاء، أيضاً على مناطق دوير الأكراد بريف حماة الغربي، ومناطق أخرى في برزة ومحيط الكبانة بجبل الأكراد في ريف اللاذقية الشمالي، إضافة إلى محيط بلدة كنصفرة، ومحيط النقطة التركية في بلدة البارة بريف إدلب الجنوبي.
من جهة أخرى، قصفت القوات التركية وفصائل "الجيش الوطني"، فجر اليوم الخميس، مواقع قوات "قسد" في تل مضيق وأبين وعقيبة ودير جمال ومحيط تل رفعت وسد الشهباء، في ريف حلب الشمالي.
إلى ذلك، ذكر موقع "عين الفرات" المحلي، أنّ العشرات من شاحنات نقل النفط التابعة لشركة "القاطرجي"، دخلت إلى مناطق سيطرة النظام السوري عبر معبر الطبقة بريف الرقة الجنوبي شمالي شرقي سورية، بعد أن ملأت خزاناتها بالنفط من حقول رميلان الخاضعة لسيطرة قوات "قسد" وإشراف التحالف الدولي بقيادة واشنطن، في ريف الحسكة.
تفرض وزارة الخزانة الأميركية منذ العام 2014 عقوبات على المنشآت النفطية التابعة للنظام السوري
وذكر المصدر أنّ نحو 135 شاحنة نقل، توجهت عبر معبر البوعاصي غربي الطبقة، إلى طريق الرقة- حلب الخاضع لسيطرة النظام السوري، قادمة من حقول رميلان عبر طريق أبيض الواصل ما بين الرقة والحسكة.
وتقدر حمولة الشاحنة الواحدة بنحو 180 برميلا (نحو 28 ألف لتر) بما مجموعه للقافلة نحو 4 ملايين لتر نفط تبعاً للنوعية القادمة من حقول رميلان والشدادي الخاضعة لإشراف ورقابة التحالف.
وتفرض وزارة الخزانة الأميركية منذ العام 2014 عقوبات على المنشآت النفطية التابعة للنظام السوري، كما تحظر على مواطنيها وشركاتها التعامل مع شركتي مصفاة بانياس وحمص، إلى جانب فرض عقوبات على "القاطرجي" منذ عام 2018 لدورها بتسهيل نقل شحنات النفط بين النظام السوري وتنظيم "داعش".
وبحسب الموقع، فإنّ هذه القافلة هي الثالثة خلال الشهر الحالي، مما يجعل من حقول رميلان ونفط مناطق "قسد" مصدراً رئيسياً لدعم النظام السوري.