عبّر الناطق الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، عن قلقه من استمرار التضييق على الحريات في مصر.
وقال دوجاريك، في تصريح لـ"العربي الجديد" ليل الثلاثاء- الأربعاء: "لقد عبّرت المفوضية السامية لحقوق الإنسان، كما عبّر مكتب الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقنا من انحسار الفضاء المدني في مصر. وموقفنا لم يتغير، وكما ذكرنا سابقاً، فإن مجلس حقوق الإنسان هو الإطار الملائم لبحث أي تحديات متعلقة بحقوق الإنسان في أي بلد كان".
وحول ما إذا كان يدعم آلية مراقبة ينشئها مجلس حقوق الإنسان في هذا السياق، قال: "هذه الأمور يجب أن تتولاها هيئات حقوق الإنسان المختصة، وقد عبّرنا عن موقفنا بشأن ذلك".
وجاءت تصريحات دوجاريك، إثر توجيه أكثر من مائة منظمة حقوقية دولية بارزة، بما فيها "هيومان رايتس ووتش"، رسالة إلى وزراء خارجية الدول حول العالم تحذر فيها من تدهور أوضاع حقوق الإنسان في مصر ومن استمرار وزيادة الملاحقات التي يواجهها عاملون في مجال حقوق الإنسان وعائلاتهم من قبل حكومة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وطالبت المنظمات تلك الحكومات بدعم إنشاء آلية رصد وإبلاغ، حول حالة حقوق الإنسان الآخذة بالتدهور في مصر من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
ويأتي هذا المطلب مع اقتراب عقد اجتماعات الدورة العادية الـ 46 للمجلس في مقره الرئيسي في جنيف، بدءاً من الـ 22 من الشهر. وأكدت المنظمات على أن "إنشاء آلية للرصد والإبلاغ يعد خطوة مهمة بغية تسليط الضوء على الانتهاكات والجرائم التي ترتكب في مصر مع تقديم سبل لإنصاف الناجين وأهالي الضحايا، والحيلولة دون وقوع المزيد من الانتهاكات كما فتح الباب أمام سبل للمحاسبة".
وأشارت المنظمات، في رسالتها كذلك إلى أنه "بعد مرور عشر سنوات على انطلاق الانتفاضة عام 2011، والتي عمت جميع البلاد، وأدت إلى عزل الرئيس حسني مبارك، فإن المصريين يعيشون اليوم في ظل حكومة قمعية تشدد الخناق عليهم وتخنق كافة أشكال المعارضة والتعبير السلمي".
وورد في الرسالة كذلك أن الأسابيع الأخيرة أظهرت أن من الممكن أن يؤدي التحرك الجماعي إلى تغيير ويمكن أن يكون له تأثير. وأضافت: "لا يمكن أن نضمن نجاة حركة حقوق الإنسان المصرية في الفترة المقبلة إلا عبر تحرك مستمر ودؤوب".
وأشار مدير مكتب جنيف في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، جو فيشر، إلى "ضرورة أن توجه الحكومات رسالة، تأخرت كثيراً، إلى الحكومة المصرية بأن انتهاكات حقوق الإنسان ستخضع للرصد والإبلاغ وأن المصريين الشجعان الذين يواجهون الاضطهاد ليسوا لوحدهم في نضالهم".
ووصفت المنظمات الدولية نضال حقوق الإنسان في مصر بأنه وصل إلى "مفترق طرق حرج"، مشيرة، في رسالتها إلى أن "عدم تحرك شركاء مصر والدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان قد أدى إلى زيادة في نهج الحكومة المصرية وإسكات أي معارضة وتهشيم أوصال المجتمع المدني المستقل".
وأشارت المنظمات الموقعة على الرسالة إلى عدد من الانتهاكات التي تمارس ضد أفراد منظمات حقوق الإنسان في مصر، ومن بينها تلك التي لحقت بأعضاء "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" وتجميد أصولهم المالية واعتقالهم وتوجيه اتهامات بـ "الإرهاب" لبعضهم.
وخلصت إلى أن تلك الممارسات تظهر عزم الحكومة المصرية على الاستمرار والتصعيد بهجماتها ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، مشيرة كذلك إلى تعرض المحتجزين للتعذيب والمعاملة السيئة بشكل ممنهج.
وأشارت المنظمات كذلك إلى اضطرار العديد من منظمات حقوق الإنسان في مصر إلى إغلاق أبوابها، أو التقليل من أنشطتها أو العمل تحت تهديد دائم بالتعرض للاعتقال والمضايقات أو العمل من الخارج.
ولفتت إلى استعانة الحكومة المصرية بقوانين "مكافحة الإرهاب" لتبرير تلك الانتهاكات، وتجريم الحريات وإسكات المعارضين وحبس النشطاء.
كما دعت المنظمات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لتحمل مسؤوليته، والتحرك لضمان إعداد التقارير بشكل فعال وتفعيل المتابعة والرصد الدوليين لأوضاع حقوق الإنسان في مصر.