قرارات وقف الاعتراف بإسرائيل جدية أم تمظهر لعجز القيادة الفلسطينية؟

قرارات "المركزي" بوقف الاعتراف بإسرائيل.. جدية أم تمظهر لعجز القيادة الفلسطينية؟

09 فبراير 2022
تشكيك في مدى جدية القرارات (الرئاسة الفلسطينية/ Getty)
+ الخط -

لم يشكل قرار المجلس المركزي الفلسطيني، مساء اليوم الأربعاء، تعليق الاعتراف بدولة إسرائيل لحين اعترافها بدولة فلسطين ووقف الاستيطان، ووقف التنسيق الأمني مفاجأة، فهي ليست المرّة الأولى التي يتخذ فيها المجلس قراراً مماثلاً. وسبق أن قرر المجلس اتخاذ تلك القرارات في دوراته خلال السبعة أعوام الماضي، ما يعتبره مراقبون بأنه يظهر عجز القيادة السياسية الفلسطينية وعدم وجود إرادة لتنفيذ تلك القرارات.

واعتبر المحلل السياسي ومدير "مركز مسارات لأبحاث السياسات والدراسات"، هاني المصري، في حديث لـ"العربي الجديد"، القرار بغير الجدي، مدللاً على ذلك بأنه "قرار سبق أن تم اتخاذه عدة مرات ولم ينفذ".

وقال المصري: "إن ما يشير إلى أن القرار لن ينفذ هو البند الأخير في بيان المجلس المركزي، بتكليف اللجنة التنفيذية بوضع آليات لتنفيذ القرارات وفق المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني"، متسائلاً "من يحدد المصلحة العليا؟".

ورد على تساؤله بالقول: "اللجنة التنفيذية للمنظمة، لكنها لا تملك من أمرها شيئاً، إذ إن الرئيس محمود عباس هو الذي سيحدد تلك المصلحة، وهو لا يرى مصلحة بتنفيذ هذه القرارات".

استرضاء الشارع

ووفق المصري، فإن البند الأخير كان موجهاً إلى الولايات المتحدة الأميركية، بأن القرارات لن تنفذ، فالولايات المتحدة حسب المصري، لا تريد حتى رفع السقف لفظياً، وقد طلبت "بأن لا تكون هناك قرارات صعبة، ولكن عملية الاغتيال الإسرائيلية لثلاثة شبان في نابلس رفعت السقف في ظل الغضب الشعبي الفلسطيني".

واغتالت قوات خاصة من جيش الاحتلال أمس ثلاثة شبان، حيث استهدفت مركبتهم التي كانوا يستقلونها، بعدما اقتحمت حي المخفية في مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية مستخدمة سيارات مدنية فلسطينية.

وفسر المصري خطوة المجلس المركزي رغم توقعه بعدم وجود نية للتنفيذ؛ بكونها قرارات يريدها الشعب الفلسطيني وقواه، معتبراً أنها "محاولة استرضاء للشارع وبنفس الوقت تلويح لإسرائيل والولايات المتحدة".

وقال المصري: "هناك عجز وعدم توفر إرادة لتنفيذ القرارات خشية من المواجهة، القرارات يريدها الشعب وهي ما تقتضيه المصلحة الوطنية، لأن هناك اتفاقات تنكرت لها إسرائيل، ولكن المؤسسة الفلسطينية غير مستعدة لدفع الثمن، ولا يعتقدون أن هناك مساراً بديلاً عن المسار الذي مشوا فيه".

ومع ذلك اعتبر المصري أنه في حال كان قرار وقف الاعتراف جدياً، فإنه سيكون قراراً تاريخياً في تلك الحالة، "لأنه سيخفف، ويغير أسوأ تنازل قدمته منظمة التحرير الفلسطينية بالاعتراف بإسرائيل، والاعتراف بحقها بالعيش".

ويرى المصري أن "مثل تلك الخطوة ستعيد المصداقية للرواية الفلسطينية بأن إسرائيل كيان غير شرعي واستعماري على حساب الشعب الفلسطيني، وسيؤدي ذلك إلى صنع قدر من التوازن في الموقف الفلسطيني الذي فقد التوازن بالكامل منذ اتفاقية أوسلو".

الكرة بملعب "تنفيذية المنظمة"

من جهته، قال عضو المجلس المركزي التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية والثوري التابع لحركة "فتح" عبد الإله الأتيرة في حديث لـ"العربي الجديد" إن "سقف تحديد العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي كان مرتفعاً من الجميع، وقد نال إجماعاً من كافة أعضاء المجلس المركزي، إسرائيل تنصلت من كل الاتفاقيات، فلماذا نبقى نحن من يتمسك بها؟"، مؤكداً أن سمات المرحلة القادمة مختلفة تماماً عما نحن عليه اليوم.

وحول آليات تطبيق تلك القرارات، أوضح الأتيرة أن المجلس المركزي رفع توصياته إلى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وقال: "الكرة الآن بملعب اللجنة التنفيذية بكل أعضائها القدامى والجدد، عليهم وضع برنامج وخطة واضحة بشأن تلك القرارات، يكون قابلاً للتطبيق ومحدداً زمنياً، حتى يشعر الشارع الفلسطيني بالجدية، ولا تبقى حبراً على ورق".

وقال الأتيرة إن "القضية الفلسطينية اليوم تمر بأصعب أوضاعها، الولايات المتحدة الأميركية بإدارتها الجديدة تقف ضدنا ولم تقدم أي حلول، وما تعد به لا يبدو قريباً، وحكومة الاحتلال الإسرائيلي غير معترفة بنا سياسياً، وتنصلت من كل الاتفاقيات، وأعلنت أنها لن تسمح لنا بإقامة دولة مستقلة، وهي تدعم الاستيطان والمستوطنين، وجرائمها لا تتوقف، ولم يعد السكوت ممكناً أو مسموحاً".

قرارات "مكررة"

وبحسب متابعة "العربي الجديد"، للقرارات الصادرة عن دورات المجلس المركزي منذ عام 2015 وحتى الدورة الأخيرة التي اختتمت أمس، وسط مقاطعة من عدة فصائل وشخصيات سياسية ومستقلين، فإنها قرارات مكررة.

ففي أكتوبر/ تشرين الثاني 2018، عقدت دورة للمجلس المركزي كان من أبرز قراراتها تعليق الاعتراف بدولة إسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ووقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة، والانفكاك الاقتصادي على اعتبار أن المرحلة الانتقالية، بما فيها اتفاق باريس، لم تعد قائمة، وهي قرارات تكررت في الدورة الحالية.

وفي أغسطس/ آب من عام 2018، عقدت دورة للمجلس المركزي حملت القرارات ذاتها الصادرة عن الدورة الأخيرة للمجلس، أهمها: "إقرار توصيات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بتنفيذ قرارات المجلس الوطني وتقديم مشروع متكامل مع جداول زمنية محددة يتضمن تحديداً شاملاً للعلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية مع سلطة الاحتلال إسرائيل، وبما يشمل تعليق الاعتراف بدولة إسرائيل ووقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله".

وفي شهر يناير/ كانون الثاني 2018، عقدت دورة أخرى للمجلس المركزي، وقرر المجلس تكليف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بتعليق الاعتراف بإسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطين، وإلغاء قرار ضم القدس الشرقية ووقف الاستيطان، فيما جدد المجلس المركزي قراره بوقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله.

وسبق أن قرر المجلس المركزي في شهر مارس/ آذار 2015، وقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة مع سلطة الاحتلال الإسرائيلي في ضوء عدم التزامها بالاتفاقيات الموقعة بين الجانبين.

المساهمون