تشكل القاعدة الأميركية في حقل "العمر" النفطي في ريف دير الزور الشرقي في أقصى شرق سورية، هدفاً دائماً للميلشيات الإيرانية المسيطرة على القسم الذي يقع جنوب نهر الفرات من هذا الريف، الذي تتعدد القوى المسيطرة عليه منذ عام 2017.
وقد أكد مسؤولون أميركيون، أمس الخميس، أن عسكريين أميركيين أصيبا بجروح طفيفة إثر هجوم صاروخي على القاعدة الأميركية في حقل العمر.
وأضاف المسؤولون، الذين تحدثوا لوكالة "رويترز" بشرط عدم الكشف عن هويتهم، أن أحد العسكريين عولج بالفعل وخرج من المستشفى، بينما يخضع الثاني لفحوص للكشف عن إصابة في الدماغ، قبل أن يعلن مساء عن ارتفاع عدد الجرحى إلى أربعة.
استهداف القاعدة للمرة الأولى منذ 3 أشهر
وأكد المكتب الإعلامي لـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) في بيان له أمس، أن المليشيات الإيرانية استهدفت قاعدة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في حقل "العمر" بقذائف صاروخية عدة للمرة الأولى منذ نحو ثلاثة أشهر.
بدورها، تحدثت شبكات إعلامية محلية، عن حدوث انفجارين بمحيط حقل العمر، تلاهما أصوات سيارات إسعاف بالقرب من المدينة السكنية داخل الحقل.
من جانبه، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إنه رصد بعد منتصف ليل الأربعاء-الخميس، دوي انفجارات في منطقة حقل العمر النفطي، ناجمة عن قذائف صاروخية مصدرها مناطق نفوذ المليشيات التابعة لإيران على الضفة الأخرى للنهر.
ووفقاً للمرصد، وجهت قوات التحالف الدولي ضربات صاروخية لمواقع المليشيات الإيرانية في أماكن تمركزها جنوب نهر الفرات. لكن الناشط الإعلامي الموجود في ريف دير الزور الشرقي، أبو عمر البوكمالي، نفى في حديث مع "العربي الجديد"، حدوث قصف متبادل، قائلاً إن "هذا الأمر غير دقيق".
أُصيب عدد من العسكريين الأميركيين بجروح طفيفة إثر الهجوم
وأكد البوكمالي حدوث انفجارين في منطقة قاعدة التحالف، مشيراً إلى أن الطيران الأميركي حام في سماء هذه المنطقة. ولفت المتحدث نفسه إلى أن "المنطقة التي خرجت منها القذائف غير معروفة".
وكانت المليشيات الإيرانية استهدفت قاعدة العمر التابعة للتحالف الدولي مطلع العام الحالي بقذائف عدة، سقطت إحداها في مهبط للطيران المروحي في القاعدة. وتسيطر هذه الميلشيات على قرى عدة شمال نهر الفرات، تتخذها منصات لإطلاق صواريخ باتجاه قاعدة التحالف الدولي في حقل العمر.
وتعد هذه القاعدة مركز عمليات للتحالف بشكل عام، بينما يضم حقل "الكونيكو" القريب من حقل "العمر" مراكز تدريب تتبع أيضاً للتحالف الدولي، وقد تعرضت هي الأخرى لاستهداف من قبل المليشيات الإيرانية أكثر من مرة، آخرها في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وكان التحالف الدولي و"قسد" طردا تنظيم "داعش" من حقل العمر وغيره من الحقول النفطية في ريف دير الزور عام 2017، بعد مواجهات دامية مع التنظيم الذي كان يستخدم هذه الحقول لرفد ميزانيته.
وتستهدف المليشيات الإيرانية قاعدتي "العمر" و"كونيكو" في إطار رسائل واضحة من طهران بأن القواعد الأميركية في شرق سورية في مرمى نيرانها.
واقع الشرق السوري
ولم يسبق لوزارة الدفاع الأميركية أن ردت على الاستهداف الإيراني بشكل واسع النطاق، إذ من الواضح حرص الأميركيين على بقاء واقع الشرق السوري كما هو عليه في الوقت الراهن.
وتنتشر العديد من المليشيات الإيرانية في ريف دير الزور الشرقي، بين مدينتي البوكمال والميادين، على الجانب الجنوبي من نهر الفرات.
وفي مقابل قاعدة "العمر" الأميركية، هناك قاعدة كبرى للإيرانيين في شرقي دير الزور هي قاعدة "الإمام علي" التي أقامها الحرس الثوري الإيراني عام 2019 عقب طرد تنظيم "داعش" من المنطقة.
ولطالما تعرضت هذه القاعدة التي تعد أكبر وأضخم القواعد العسكرية الإيرانية في سورية، للقصف من طيران التحالف الدولي والمقاتلات الإسرائيلية.
تسعي المليشيات الإيرانية والنظام السوري إلى إحداث بلبلة في ريف دير الزور الشرقي
وتسعي المليشيات الإيرانية والنظام السوري إلى إحداث بلبلة في ريف دير الزور الشرقي، في سياق محاولات للعودة إلى هذا الريف الغني بالثروات التي يحتاجها النظام لإنقاذ اقتصاده.
ولكن هذه المحاولات لم تجد نفعاً حتى اللحظة، في ظل الرفض الشعبي لأي عودة للنظام تحت أي ذريعة على الرغم من أن هناك استياء من تجاوزات "قسد".
من جهته، رأى المحلل العسكري، العميد مصطفى الفرحات، أنه "لا يمكن عزل ما يجري في الشرق السوري بين المليشيات الإيرانية والجانب الأميركي، عما يجري في العالم".
وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "إيران حليف رئيسي لروسيا، ومن ثم فإن هزيمة الأخيرة في أوكرانيا تهدد الوجود الإيراني برمته في سورية". وعبر الفرحات عن اعتقاده بأن "افتعال أزمات في شرقي سورية من خلال قصف القاعدة الأميركية في حقل العمر يخدم الطرف الروسي".