قاضي تحقيق تونسي يأمر بسجن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي

قاضي تحقيق تونسي يأمر بسجن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي

20 ابريل 2023
استمر التحقيق مع الغنوشي طيلة الليل (الأناضول)
+ الخط -

قرر قاضي التحقيق في المحكمة الابتدائية بتونس، فجر اليوم الخميس، إصدار بطاقة إيداع بالسجن لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، بعد عدة ساعات من الاستجواب، فيما تقرر الإفراج عن عدد من قيادات الحركة الموقوفين منذ الإثنين الماضي، على خلفية آراء وتصريحات أدلوا بها في اعتصام بمقر "جبهة الخلاص الوطني" المعارضة، بحسب المحامية منية بوعلي.

وقال عضو هيئة الدفاع عن الغنوشي المحامي صابر العبيدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "حاكم التحقيق بالمكتب 33 في المحكمة الابتدائية بتونس، وبعد جلسة تحقيقية دامت أكثر من تسع ساعات، أصدر بطاقة إيداع بحق راشد الغنوشي".

وأضاف أنّ "النيابة العامة في تونس كانت قد قررت، أمس الأربعاء، إحالة ملف رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي والموقوفين معه إلى التحقيق، بالمحكمة الابتدائية بتونس الدائرة 33 وبحضور هيئة الدفاع".

وتابع أنه "بعد المرافعات تقرر الإفراج عن القياديين محمد القوماني وبلقاسم حسن وسائق الغنوشي"، مشيراً إلى أنّ "التحقيق مع الغنوشي انطلق حوالي الساعة الثامنة ونصف مساءً واستمر إلى صباح اليوم الخميس". 

ووفقاً للمحامي حبيب بنسيدهم، فقد شمل الملف 12 متهماً، وهم رئيس البرلمان راشد الغنوشي وعدد من قيادات الحركة كمحمد القوماني وبلقاسم حسن، ووزير الخارجية الأسبق وصهر الغنوشي، رفيق عبد السلام، و6 أشخاص آخرين من حركة النهضة، إضافة إلى النائب عن ائتلاف الكرامة ماهر زيد.

وقال حبيب بنسيدهم في تدوينة "وجهت إلى هؤلاء تهم الاعتداء على أمن الدولة الداخلي، والاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة وحمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضاً".

من جهته، أكد مستشار الغنوشي رياض الشعيبي، في تعليق على التهمة الموجهة إلى الغنوشي، أنّ "نفس الموقف الداعي للتعايش والاندماج الوطني الأساسي للاستقرار السياسي والسلم الأهلي تحصّل بمقتضاه الشيخ راشد الغنوشي على جائزة غاندي الدولية للسلام، لكن الآن يحاكم من أجله أمام قضاء سلطة الانقلاب الذي يعتبره وظيفة وليس سلطة مستقلة كما في كل الديمقراطيات".

وأضاف في تدوينة أنّ "المحاكمة تتعدى الغنوشي لتشمل إدانة القيم والمبادئ الإنسانية التي يدعو لها ويبشر بها".

"النهضة" تندد  

من جهتها، قالت حركة النهضة إنها تندد "بشدة بهذا القرار الظالم، وتؤكد أنّ هذا القرار سياسي بامتياز، والغاية منه التغطية على الفشل الذريع لسلطة الانقلاب في تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية للمواطنين، والعجز عن معالجة الأزمة المالية الخانقة التي تقود البلاد نحو الإفلاس وسط موجة غير مسبوقة من ارتفاع الأسعار حتى خلال شهر رمضان".

وأضافت أنّ "مضمون مداخلة الأستاذ راشد الغنوشي محل التتبع العدلي ليس فيه أية دعوة للتحريض ولا يمس البتّة بالسلم الأهلي، وأن الاتهام تعمّد اجتزاء المداخلة لتبرير الإيقاف الظالم"، مؤكدة أنّ "منهج الحركة السياسي كان وسيظل نضالاً مشروعاً ومتحضراً يُعلي من مبدأ السلمية والمدنية، وهو ما تُؤكده خيارات الحزب بعد الثورة في رفض الإقصاء والتنكيل والدعوة إلى إقرار العفو العام والسعي إلى تحقيق التوافق والوحدة الوطنية واحترام المؤسسات العليا للدولة".

من جهتها، اعتبرت جبهة الخلاص الوطني المعارضة، في بيان لها، اليوم الخميس، أنّ "إحالة أهم شخصية سياسية، بحكم موقعها وحضورها في مقدمة المشهد السياسي التونسي لأكثر من أربعين سنة، بناء على رأي أدلى به بمناسبة ندوة فكرية حوارية نظمتها جبهة الخلاص الوطني، إنما يدل على انهيار حالة الحريات في البلاد والذي انتهى إلى تجريم حرية الرأي والتعبير والنشاط السياسي السلمي".

واعتبرت الجبهة أنّ "إيقاف الشيخ راشد الغنوشي ورفاقه يأتي في سياق حملة طاولت أكثر من عشرين شخصية معارضة بتهم باطلة وفي غياب أدني حجة على سبب احتجازهم لمدة تزيد عن الشهرين، كما تأتي في سياق غلق مقرات الأحزاب السياسية وحظر نشاط جبهة الخلاص الوطني دون إذن قضائي وبناء على أحكام الأمر المشؤوم رقم 50 لعام 1978 والذي يكفي التذكير بتاريخه (26 يونيو/حزيران 1978) للدلالة على أهدافه وللظروف الدموية التي جاء فيها بهدف إخضاع البلاد إلى القبضة الحديدية والتي لم تحل دون سقوط أصحابها سقوطاً مدوياً".

وقالت الجبهة إنّ "مآل هذه السياسة الخرقاء هو السقوط في ما آلت إليه المحاولات الاستبدادية السابقة لها، والتي انتصر عليها الشعب التونسي يوم 14 يونيو/حزيران 2011."

وطالبت "الخلاص الوطني" بـ"الإطلاق الفوري لسراح الشيخ راشد الغنوشي وكافة المعتقلين السياسيين، وتحمّل السلطة كل المسؤولية عما قد يصيبه من أذى وهو شيخ الثمانين الذي يعاني من أمراض مزمنة (ارتفاع ضغط الدم خاصة) يمكن أن تعرّضه لحادث دماغي في ظروف السجن المقيتة والمشينة".

ويذكر أنه تم كذلك إصدار قرار بسجن كل من أحمد المشرقي ويوسف النوري، فيما أبقي على محمد القوماني وبلقاسم حسن وعبد الله الصخيري ومحمد شنيبة وموفق الكعبي في حالة سراح.