تقتل إسرائيل كل إنسان، النساء والأطفال والشيوخ، والصحافيين والمسعفين، وحتى المرضى. وحشية أمام أعين العالم الأبكم لم يعرف التاريخ لها مثيلاً. دول عظمى تتكاتف على بقعة صغيرة اسمها غزة، تشرّع محوها من على وجه البسيطة، ويقول مجرم الحرب بنيامين نتنياهو، أمس الأول السبت، إن له شرعية دولية في الوجود العسكري في غزة. يتحدث عن الشرعية الدولية، بينما احتقر وداس كل قرارات الشرعية الدولية بدعم من المجرمين الواقفين وراءه تحت كذبة الدفاع عن النفس.
وحشية لا حد لها، كان آخرها ما حدث في مستشفى كمال عدوان، حيث كشف مدير عام وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، منير البرش، أن "القوات الإسرائيلية تعمّدت إخراج الجرحى إلى العراء، في ظل أجواء البرد الشديد، واعتدت على الكوادر الطبية".
وأضاف أن "12 طفلاً ما زالوا موجودين داخل الحاضنات في المستشفى من دون ماء ولا غذاء، بعدما منع الجيش الإسرائيلي إجلاءهم"... ثم تطلع علينا بيانات الشفقة الغربية بإرسال مساعدات إلى غزة، كأنما يحتاج الشهداء إلى إعاناتهم.
هذه أخبار لم يعد يستغربها أحد في العالم من أكثر المجرمين فظاعة في تاريخ البشرية، إسرائيل، ومن داعميها وعلى رأسهم الولايات المتحدة، التي يخرج علينا بعض مسؤوليها من وقت لآخر ببعض الحنيّة مدّعين أنهم يحثون إسرائيل على التقليل قدر الإمكان من قتل المدنيين، بينما يواصل الجسر الجوي مدّها بالقنابل المدمرة وكل العتاد العسكري الممكن.
يتذكر الجميع كيف هبّ قادة من مختلف أنحاء العالم، ومن بينهم عرب طبعاً، للتنديد باستهداف صحافيي جريدة "شارلي إيبدو"، وهو أمر مفهوم طبعاً، بينما يُقتل ويُختطف صحافيون كل يوم من القوات الإسرائيلية أمام أعين الجميع، وينزف الصحافي حتى الموت ويُمنع وصول الإسعاف إليه، وبالكاد تسمع همهمات متفرقة.
في ألمانيا، أصدرت وزارة الداخلية في ولاية ساكسونيا مرسوماً يقضي بربط الحصول على الجنسية الألمانية بالتزام المتقدم بحق إسرائيل في الوجود، واعتبار أن أمن تل أبيب مصلحة عليا لألمانيا.
عرّت غزة كل شيء وكشفت كل الوجوه، وبيّنت بوضوح قائمة القَتَلَة وداعميهم والساكتين على الاغتيال الأكبر في تاريخ البشر، الصف الأول والثاني ومن تبعهم، وعلينا ألا ننسى، حتى يحتفظ التاريخ بكل تفاصيل المأساة، وحتى لا يعودوا يوزعون علينا مجدداً خطابات حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية والإنسانية، أميركا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، وحتى أستراليا وكندا واليابان والهند، وكل من وقف في صف المجرمين، وطبعاً عرب كثيرون يتخفون وراء بيانات بائسة.