في الذكرى العاشرة لـ"20 فبراير".. دعوات لانفراج سياسي وحقوقي بالمغرب

20 فبراير 2021
أكثر من 40 مدينة مغربية تستعد للخروج في وقفات احتجاجية (فرانس برس)
+ الخط -

برزت دعوات لتحقيق انفراج سياسي وحقوقي في المغرب، وذلك بالتزامن مع الاحتفاء بالذكرى العاشرة لانطلاق مسيرات حركة "20 فبراير"؛ النسخة المغربية من الربيع العربي.

وفي وقت تستعد فيه أكثر من 40 مدينة مغربية للخروج في وقفات احتجاجية، مساء اليوم السبت وغداً الأحد، لتجدد المطالبة بالاستجابة لما نادت به "حركة 20 فبراير" قبل عقد من الزمن، دعا القيادي اليساري محمد بن سعيد آيت إيدر، اليوم السبت، مؤسسات الدولة إلى تحقيق انفراج سياسي وحقوقي واسع، لتحقيق مزيد من الحرية والأمن والكرامة والديمقراطية، وصيانة الوحدة الترابية.

وقال آيت إيدر، مؤسس "منظمة العمل الديمقراطي"، وأحد رموز الوطنية واليسار في تاريخ المغرب، في رسالة مصوّرة وجّهها بمناسبة حلول الذكرى العاشرة لـ"حركة 20 فبراير": "أحيي شباب وشابات وطني وأدعوهم لمزيد من الثقة بأنفسهم، فهم أمل المستقبل وصنّاعه، وأدعو لمزيد من النضال السلمي لتحقيق الديمقراطية الكاملة والانخراط في الحياة السياسية والمشاركة المكثفة في الانتخابات المقبلة (الصيف المقبل)، بالتسجيل والترشيح والتصويت للمساهمة في التغيير".   

 

من جهتها، اعتبرت عضو "حركة 20 فبراير"، سارة سوجار، أنه "في ظل التحولات المطروحة والحراكات التي تعرفها دول الجوار، وما يتميز به المجتمع المغربي من حركية، آن الأوان لتستجيب الدولة للمطالب، وتفتح الحوار مع الحركات المجتمعية، وتحترم وتعترف بفضاءات التعبير لأنّ المغاربة تمكّنوا من إبداع فضاءات خاصة بهم خارج التنظيمات الكلاسيكية، وأن تجيب عنها إجابات قانونية وسياسية".

وتابعت، في تصريحات لـ"العربي الجديد": "كما استطاع المجتمع المغربي أن يعبّر عن مطالبه بشكل راقٍ وسلمي وحضاري، يتعيّن على الدولة الرّد بنفس الطريقة، وأن تفتح الحوار مع المواطنين وتحقق مطالبهم، خاصة ونحن على أبواب الانتخابات التي هي فرصة لإحياء النقاش العمومي، ولتقديم الفاعل السياسي لعرض حقيقي للتنافس، والدولة بالإفراج عن المعتقلين، وخلق انفراج لكي تعيد منسوب الثقة والمصداقية".

واعتبرت سوجار أنّ الوضعية العامة في البلاد تؤكد أنّ مطالب "حركة 20 فبراير" لم يُستجب لها على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، لافتةً إلى أن هناك مؤشرات عدة تكشف أنّ مطالب الحركة ما زالت قائمة، في ظل ما عاشه المغرب من ديناميات واحتجاجات منذ 2011 إلى حدود الساعة.

وبحسب الناشطة الحقوقية، فإنّ مطالب الحركة لم تتحقق، وهو ما تدل عليه مؤشرات المغرب على مستوى التنمية البشرية والاقتصاد والديمقراطية والحريات، "إذ لا نزال في مراتب متأخرة، وهو ما تؤكده التقارير الرسمية وخطابات أعلى سلطة في البلاد".

وأوضحت أنه "ما دامت الحاجة قائمة والانتهاك للحقوق موجوداً، فإنّ المطالب التي رفعتها الحركة ما زالت قائمة"، مشيرة إلى أنه "على مستوى الدمقرطة، لم يتمكن المشهد السياسي إلى حد الساعة من مواكبة التحولات ومطالب التغيير، والتعبير عنها داخل المؤسسات التشريعية والتنفيذية وخارجها".

وقالت سوجار إنّ "تعطيل المسطرة التشريعية، واستهلاك زمن طويل لإخراج بعض القوانين التنظيمية وبعض مؤسسات الحوكمة التي نصّ عليها دستور 2011، يطرح سؤالاً كبيراً بشأن إن كانت إرادة الدولة في تحقيق تقدم حقيقية أم أنها كانت فقط لحظية لاحتواء الحراك الذي عرفه المغرب في سياق موجة الربيع العربي وما رافقه من انتفاضات في عدد من البلدان".

 

وكان الآلاف من المغاربة قد خرجوا في 20 فبراير/ شباط عام 2011 إلى شوارع المملكة للاحتجاج، بناء على دعوة أطلقتها حركة شكلها شباب مغاربة من تنظيمات سياسية ومستقلين عبر منصات التواصل الاجتماعي، مطالبين بالعدالة الاجتماعية والحرية والكرامة، والفصل بين الثروة والسلطة في المناصب الحكومية، ومحاكمة الضالعين في قضايا فساد واستغلال نفوذ ونهب ثروات المملكة.

كذلك طالبوا باستقلال القضاء وحرية الإعلام، وإقامة ملكية برلمانية، وإجراء انتخابات نزيهة ووضع دستور جديد، وذلك في سياق ثورات الربيع العربي التي بدأت في تونس أواخر عام 2010، وأطاحت عدة أنظمة عربية حاكمة.

وبعد أقلّ من شهر من الاحتجاجات، سارع العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى وضع أجندة للإصلاح من خلال خطابه الشهير في 9 مارس/ آذار 2011، وأقرّ تعديلات دستورية قلّصت من صلاحياته في الحكم، ووسّعت من صلاحيات رئيس الحكومة. غير أنّ شباب الحركة لم تقنعهم تلك الإصلاحات وعدّوها "التفافاً" على مطالبهم الرئيسة، وقضوا ما يزيد عن العام في معارضتها، قبل أن يبدأ الزخم الشعبي الذي كان يحركهم في الخفوت لأسباب ذاتية وأخرى خارجية.

وعلى الرغم من أنّ "حركة 20 فبراير"  كانت قد ساهمت في إحداث هزة كبيرة في مشهد سياسي سمته البارزة، وقتها، الأزمة على الأصعدة كلها، بولادة دستور الربيع العربي، وإجراء انتخابات سابقة لأوانها مكّنت للمرة الأولى في تاريخ المغرب من صعود الإسلاميين إلى سدة الحكم، إلا أنّ ديناميتها ومطالبها خفتت واعتراها فتور ملحوظ بعد انسحاب جماعة "العدل والإحسان"، أكبر تنظيم إسلامي في المغرب، والتي كانت تشكل الثقل الأكبر داخل الحركة إلى جانب اليساريين، ما خفف بشكل مؤثر من حجم التظاهرات الاحتجاجية للحركة.