فيديو يوثق اغتصاب فلسطيني من قبل جنود إسرائيليين في معتقل سدي تيمان

07 اغسطس 2024
لقطة من الفيديو الذي يوثق اغتصاب فلسطيني في معتقل سدي تيمان، 6 أغسطس 2024 (لقطة شاشة)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **اعتداء جنود إسرائيليين على معتقل فلسطيني في قاعدة سدي تيمان العسكرية، حيث أظهر مقطع فيديو اغتصاب أحد المعتقلين ونقله إلى المستشفى بإصابات خطيرة.**

- **رغم المزاعم بأن المعتقل من قوات حماس، أكدت القناة 12 عدم مشاركته في عملية "طوفان الأقصى". جهاز كشف الكذب كشف كذب جنديين، ونادي الأسير الفلسطيني طالب بتحقيق دولي محايد.**

- **مددت المحكمة العسكرية اعتقال خمسة جنود، وسط دعم من وزراء ونواب في الكنيست. اقتحم أنصار اليمين المتطرف مقر الشرطة العسكرية دعماً للجنود، مما يعكس تفكك دولة الاحتلال وغياب سلطة القانون.**

كشفت القناة 12 العبرية، مساء الثلاثاء، عن مقطع فيديو يوثق اعتداء جنود إسرائيليين على معتقل فلسطيني في مركز الاعتقال بقاعدة سدي تيمان العسكرية، وذلك بعد نحو أسبوع من اعتقال عدد من الجنود بشبهة اغتصابه. ونقلت القناة عن النيابة العسكرية قولها إنّ المقطع يوثّق كيف اعتدى جنود الاحتياط على المعتقل الفلسطيني.

ويظهر في بداية التسجيل المعتقلون الفلسطينيون مطروحين على الأرض وأيديهم مكبّلة وأعينهم مغطاة. ثم تظهر مجموعة من جنود الاحتياط من القوة 100 وهم يقتادون أحد المعتقلين جانباً ثم يحشرونه عند سياج، فيما يرفعون الدروع التي يحملونها للتغطية على أفعالهم، لعلمهم بوجود كاميرات أمنية على ما يبدو. ويتضمن الفيديو توثيقاً للجريمة المنسوبة إلى الجنود، وهي "الاغتصاب"، بحسب القناة العبرية، التي أضافت أنه تم بعد ساعات من ذلك نقل المعتقل إلى المستشفى وهو ينزف، ووصفت إصاباته بالمعقدة، فيما ذكر الأطباء أنها ناجمة عن "دخول جسم ما" لجسده.

ورغم المزاعم الإسرائيلية بأنّ الحديث عن أحد عناصر النخبة في قوات حركة حماس، ذكرت القناة 12 أنّ المعتقل المذكور لم يشارك في عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وليس من قوات النخبة. في المقابل تدعي شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، أنه شرطي في حماس، من قسم مكافحة المخدرات، لكن التقرير الاستخباراتي ذاته للشعبة زعم أنه ينتمي إلى قوة تنفذ عمليات ضد إسرائيل، وأنه "سيكون خطيراً للغاية إذا تم إطلاق سراحه".

وفي وقت سابق من يوم أمس، كشفت جهاز كشف الكذب (بوليغراف)، كذب جنديين متورطين في الجريمة بحق الفلسطيني، ما عزز الشبهات المنسوبة إليهما. وتم طرح سؤالين متطابقين على اثنين من المشتبهين؛ الأول: "هل أدخلت شيئاً في شرج الفلسطيني أثناء عملية تفتيش؟"، والثاني: "هل تخفي هوية الشخص الذي أدخل شيئاً في شرج الفلسطيني؟". وأجاب الجنديان بالنفي على كلا السؤالين. لكن فاحص جهاز كشف الكذب وجد أنهما لم يقولا الحقيقة في ما يتعلق بالسؤالين المطروحين.

وكتب فاحص جهاز الكذب عن أحد المعتقلين: "خلال الفحص، لوحظ نمط تنفس غير طبيعي، والذي استمر رغم ملاحظاتي المتكررة. هذا النمط يثير شبهة قوية للغاية بوجود محاولات متعمّدة للتشويش على سجلّات الفحص". وتم إجراء أحد الاختبارات قبل ستة أيام والآخر قبل ثلاثة. وعرضت النتائج على المشتبه بهم. وأشار الفاحص أيضاً إلى أنه تم إرسال النتائج بعد عملية تحليل إضافية من قبل الشرطة لنتائج الفحص.

مطالبات بتحقيق دولي

وفي السياق، جدّد نادي الأسير الفلسطيني، اليوم الأربعاء، مطالبته لهيئة الأمم المتحدة ومن خلال منظماتها المتخصصة، بالقيام بتحقيقٍ دوليٍ محايد حول ما يجري من عمليات تعذيب ممنهجة بحقّ الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، كشفت جزءاً مصوراً منه عبر ما سُرب إلى وسائل الإعلام، إلى جانب عشرات الشّهادات التي وثقتها المؤسسات المختصة، والكفيلة بإدانة ومحاسبة الاحتلال.

وقال النادي إنّ على جهات التحقيق الدولية أن تطالب الاحتلال بتسجيلات الكاميرات الموجودة في السّجون والمعسكرات، والتي تشكّل اليوم جزءاً مركزياً من بنيتها، والتي من المؤكّد أنها ستكشف المزيد من الجرائم المروّعة الموثقة بالأدلة إلى جانب الشهادات التي تسعى المؤسسات لمتابعتها، كوجه من أوجه الإبادة المستمرة. وقال النادي، تعقيباً على شريط الفيديو الذي يظهر قيام مجموعة من جنود الاحتلال بتنفيذ جريمة اغتصاب بحقّ أحد معتقلي غزة، إنّ "هذه الجريمة واحدة من بين العديد من جرائم الاغتصاب التي نفّذها جنود الاحتلال بحقّ معتقلي غزة، تحديداً في معسكر سديه تيمان الذي شكّل الشّاهد الأبرز على جرائم التّعذيب بحقّ المعتقلين الفلسطينيين في سجون ومعسكرات الاحتلال، استناداً لإفادات وشهادات أسرى جرى الإفراج عنهم من معسكرات الاحتلال، وكذلك استناداً لزيارات محدودة تمت أخيراً من قبل عدة مؤسسات".  وبيّن نادي الأسير، أنّ جريمة الاغتصاب الموثقة بالكاميرات، تؤكّد أنّ هناك المزيد من الأدلة المصورة والتي يملكها الاحتلال حول كل الجرائم التي نفّذت بحقّ المعتقلين في المعسكر وفي سجون أخرى.

أدلة جديدة على تورط جنود في التعذيب بمعتقل سدي تيمان

ومددت المحكمة العسكرية في بيت ليد، أمس الثلاثاء، على ذمة التحقيق، اعتقال خمسة جنود من بين التسعة الذين اعتقلوا وسبق إطلاق سراح عدد منهم. وأعلن المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي في نهاية الجلسة أنّ المحكمة قبلت طلب النيابة العسكرية، وقالت المحكمة: "إنه منذ الجلسة السابقة أضيفت أدلة تعزز الشبهة ضد الجنود الخمسة".

وقبل نحو أسبوع، اعتقلت الشرطة العسكرية الإسرائيلية تسعة جنود من جيش الاحتلال بشبهة الضلوع بعملية الاغتصاب. وكانت الشرطة قد دهمت معسكر سدي تيمان، ووقع شجار عنيف في المكان بين عناصر الشرطة العسكرية وجنود الاحتياط لينتهي باعتقال تسعة جنود. وسارع وزراء ونواب في الكنيست الإسرائيلي إلى الوقوف بجانب الجنود والدفاع عنهم رغم فعلتهم المشينة.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في حينه إنه "في أعقاب الاشتباه بالتنكيل بأحد المحتجزين الذي كان محتجزاً في مركز في سدي تيمان، جرى فتح تحقيق من قبل الشرطة العسكرية بأمر من مكتب المدعي العام العسكري". ووقف وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إلى جانب المشتبه بهم، قائلاً إن "مشهد ضباط الشرطة العسكرية الذين يأتون لاعتقال أفضل أبطالنا في سدي تيمان، هو أمر مخجل على أقل تعبير. أوصي وزير الدفاع (يوآف غالانت)، ورئيس الأركان (هرتسي هليفي)، وسلطات الجيش بدعم الجنود والتعلّم من مصلحة السجون. لقد انتهى الصبر إزاء الإرهابيين، يحتاج الجنود للحصول على دعم كامل".

وسارع أعضاء آخرون من حزب القوة اليهودية أيضاً للوقوف إلى جانب المشتبه بهم ضد تحقيق الشرطة العسكرية. وقال عضو الكنيست ألموغ كوهين إنه غادر الكنيست في طريقه "للوقوف إلى جانب الأشخاص الذين أرسلناهم في هذه المهمة. ولا أنوي السماح بحملة الاضطهاد المهينة ضد جنودنا المقدسين". كما سارع عضو الكنيست تسفي سوكوت، من حزب الصهيونية الدينية بزعامة الوزير بتسلئيل سموتريتش، للتوجه أيضاً إلى معتقل سدي تيمان، وقال: "هذا التعامل تجاه جنودنا، الذين يتركون كل شيء ويذهبون للقتال من أجلنا في سدي تيمان يجب أن يتوقف الآن". وتوجه أعضاء كنيست آخرون إلى المكان حيث اقتحم محتجون، بينهم أعضاء بالكنيست، المعتقل، كما شهدت مجموعة واتساب خاصة بالوزراء الإسرائيليين نقاشات وغضباً كبيراً بسبب توقيف الجنود رغم إطلاق سراحهم بعد التحقيق.

ولاحقاً اقتحم العشرات من أنصار اليمين المتطرف، بينهم وزراء وأعضاء كنيست، مقر الشرطة العسكرية في "بيت ليد" الذي نقل إليه الجنود لاستكمال التحقيقات معهم. وجاء الاقتحام دعماً للجنود المعتدين المشتبه بهم بالاغتصاب. وحملت تلك الاقتحامات مؤشرات إلى حالة تفكك دولة الاحتلال الإسرائيلي من الداخل وغياب سلطة القانون وإشاعة الفوضى والصراع الداخلي.

وتحاول الدولة العميقة المتمثّلة في اليمين المتطرّف فرض سلطتها على الجيش ومؤسسات الدولة، حتى تلك التي تحاول التستّر على الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين أمام المجتمع الدولي والقانون الدولي. وقد لا يكون الفرق جوهرياً بين توجهات إسرائيل الحالية والمقبلة على مستوى ممارسات الاحتلال وأفعاله وتصوراته المستقبلية، لكن ثمة من يحاول القيام بذلك على المكشوف مقابل من يسعى للعب على وتر القانون الدولي ومنح تبريرات لممارسات الاحتلال وتغطيتها بورقة توت.