فيتو روسي ضد مشروع قرار يعتبر تغير المناخ تهديداً للأمن الدولي

13 ديسمبر 2021
يربط مشروع القرار بين مخاطر المناخ الأمنية ونشوب النزاعات الدولية (محمد الشامي/Getty)
+ الخط -

فشل مجلس الأمن الدولي بتبني مشروع قرار حول التغيير المناخي يربطه بالتهديد الذي يشكله للأمن والسلم الدوليين، بسبب استخدام روسيا لحق النقض (فيتو) ضده. وحصل مشروع القرار الإيرلندي النيجيري على 12 صوتاً مؤيدة من أصل 15، وعارضته دولتان (روسيا والهند) في حين امتنعت الصين عن التصويت. وفي العادة يحتاج أي مشروع قرار لتبنيه 9 أصوات، شريطة ألا تستخدم أي من الدول الخمس دائمة العضوية حق النقض. ودعمت 113 دولة عضو في الأمم المتحدة مشروع القرار وصياغته وهي خطوة غير عادية. ويمكن للدول الأعضاء في الأمم المتحدة دعم صياغة مشروع قرار في مجلس الأمن، دون أن يكون لها صوتٌ في المجلس ولكن كجزء من تعبيرها عن تأييدها له ولصياغته. 

خيبة أمل بسبب الفيتو

ويطلب النصّ من الأمين العام للأمم المتحدة "دمج المخاطر الأمنية المتعلقة بالمناخ كعنصر مركزي في استراتيجيات الأمم المتحدة الشاملة لمنع نشوب النزاعات".

وكان مشروع القرار يطلب أيضًا من الأمين العام للأمم المتحدة إعداد تقرير في غضون عامين حول التداعيات على الأمن  للآثار الضارة الناجمة عن التغيّر المناخي، في ملفات يديرها المجلس، وتوصيات بشأن الطريقة التي يمكن أن تتمّ معالجة هذه المخاطر من خلالها.

وعلقت السفيرة الأيرلندية، جيرالدين بيرن ناسون، على نتائج التصويت وفشل المجلس بتبني المشروع قائلة " نشعر بخيبة أمل كبيرة بفشل مجلس الأمن تبني مشروع قرار حول المناخ والأمن. الوقت ليس على جانبنا وكان علينا تبني القرار.  من المؤسف أن يفشل المجلس بتبني القرار بسبب فيتو لإحدى الدول" وأشارت إلى استمرار المحادثات والمشاورات حول المشروع ولأشهر ودعم أغلبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة له. وأضافت "اليوم كانت هذه فرصة لمجلس الأمن أن يعترف للمرة الأولى بالحقيقة التي نعيشها في هذا العالم، وهي أن التغيير المناخي يزيد من انعدام الأمن والاستقرار حول العالم. هذا تهديد حقيقي للأمن والسلم الدوليين".

السفيرة الأميركية: منع الفينو الروسي أهم هيئة في العالم، تعمل للحفاظ على السلم والأمن الدوليين، من اتخاذ خطوة صغيرة وعملية وضرورية لمكافحة آثار تغير المناخ

وشرحت السفيرة الأيرلندية "كان من الممكن أن نتحمل مسؤوليتنا كمجلس أمن عن طريق تبني القرار. كانت هذه ستكون خطوة أولى متواضعة لنتمكن من فهم العلاقة بشكل أفضل بين تغير المناخ و تهديد الأمن والسلم الدوليين عن طريق تقارير دورية للأمين العام حول الموضوع وغيرها من الخطوات الصغيرة".

وانتقدت السفيرة الإيرلندية روسيا لاستخدامها الفيتو، وقالت "مرة أخرى يظهر هذا الفيتو أنه من الضرورة اجراء الإصلاحات الضرورية على نظام مجلس الأمن "

أما السفيرة الأميركية، ليندا توماس غرينفيلد، فقالت في مداخلتها أمام المجلس "باستخدام روسيا حق النقض ضد هذا القرار فإنها منعت أهم هيئة في العالم تعمل للحفاظ على السلم والأمن الدوليين، من اتخاذ خطوة صغيرة وعملية وضرورية لمكافحة آثار تغير المناخ." وأضافت السفيرة الأميركية " إن أزمة المناخ هي أزمة أمنية، وواحدة من أكثر الأزمات إلحاحًا في عصرنا

وبحسب "رويترز"، اعتبرت فرنسا أن هناك "رابطا جليا" بين احترار الكوكب والأمن، في حين "تزدهر مجموعات مسلّحة" من جراء قلّة الموارد المائية، والنقص في المواد الغذائية، وانعدام الأمن المناخي من خلال استغلال ضعف الشعوب.

الهند: مجلس الأمن ليس المكان المناسب لنقاش قضية المناخ والأمن

وكان غوتيريس، قد اعتبر أن "التغير المناخي، وإن لم يكن مصدر كل الشرور، إلا أن تأثيره مضاعف، ويشكل عاملا يفاقم انعدام الاستقرار والنزاع والإرهاب"

مجلس الأمن ليس مكانا مناسبا

أما السفير الهندي، تي. إس. تيرومرتي، الذي صوتت بلاده ضد مشروع القرار فقال أمام المجلس " نعتقد أن مجلس الأمن ليس المكان الملائم لنقاش قضية المناخ والأمن. وتبدو محاولة فعل ذلك وكأنها تأتي من أجل تحويل الأنظار والمسؤولية عن نقاشه في المؤسسات ذات الصلة وإبعاد انتباه العالم من عدم رغبة الدول (الغربية والصناعية والثرية) بالوفاء بالتزاماتها المختلفة من بينها المادية لمساعدة الدول المتضررة من تبعات المناخ بسبب الدول الصناعية" 

إلى ذلك قدم السفير الروسي للأمم المتحدة في نيويورك حججا مشابهة لنظيره الهندي ودافع بشراسة عن استخدام بلاده للفيتو، الذي حال دون تبني القرار على الرغم من حصوله على الأصوات الكافية المؤيدة له. وقال نبنزيا" بالنسبة لروسيا فإن مشروع القرار هذا غير مقبول. لم ترغب الدول التي صاغت المشروع الاستماع إلى ملاحظاتنا حول المشروع. نحن نعترض على إدراج مجال جديد على جدول أعمال المجلس وبنوده الدائمة." وأضاف " يؤسس ويربط نص مشروع القرار بشكل آلي وعام بين الأمن والسلم الدوليين وبين التغيير المناخي. وبذلك يحول عوامل اجتماعية وعلمية إلى عوامل سياسية."

ونوه السفير الروسي " ناهيك عن أن النص يدرج الربط بين تهديد التغيير المناخي للأمن والسلم الدوليين كعامل مركزي في استراتيجية الأمم المتحدة لمحاربة النزاع، فإنه يدرج ذلك ضمن مهام عمليات حفظ السلام والبعثات السياسية. وهذا سيحمل معه تبعات كثيرة ومختلفة" ومن ضمنها، بحسب السفير الروسي، أن ذلك "سيحيد نظر المجلس عن الأسباب الجذرية للنزاعات الواردة على جدول أعماله، وهذا يلائم الدول الأعضاء في المجلس التي تزكي أو تدعم تلك النزاعات أو لها أنشطة عسكرية."

السفير الروسي: قضية محاربة تغير المناخ هي قضية تنمية وليست قضية سياسية

وأضاف، إن روسيا " لا تؤيد النهج الذي فرضته الدول الغربية. كما تتحدث الدول التي صاغت مشروع القرار عن تأييد 113 دولة لصياغته، ولكن ماذا عن الـ 80 دولة التي لم تضع اسمها ودعمها لصياغته." وأضاف "إن الآراء منقسمة ونشهد محاولات غير ديمقراطية ومحاولة فرض سيناريو ووجهة نظر الدول الغربية على المجلس." وقال السفير الروسي عن قضية محاربة تغير المناخ هي قضية تنمية وليست قضية سياسية. وأكد أن بلاده ترى ضرورة للعمل في مؤسسات الأمم المتحدة ذات الصلة والمختصة وليس مجلس الأمن.

في المقابل ترى الدول التي أيدت القرار ودعمته أن تولي المجلس لمسؤوليته حول المناخ وربطها بالأمن والسلم الدوليين لا يعني بالضرورة توقف المؤسسات الأخرى المختصة للأمم المتحدة والدولية عن النظر وتحمل مسؤوليتها في هذا السياق بل على العكس تماما. وترى تلك الدول أن إدراج الموضوع على جدول أعمال المجلس بشكل دوري والحصول على تقارير من الأمين العام سيعني التعامل مع الموضوع من زاوية إضافية وليست بديلة لعمل المؤسسات الأخرى.  

المساهمون