فنلندا تستعد لقرار تاريخي قبل منتصف الصيف بشأن الانضمام إلى "الأطلسي"

10 ابريل 2022
فنلندا تتجه لتقديم طلب عضويتها للناتو في مايو المقبل(جون ثيس/فرانس برس)
+ الخط -

تستعد فنلندا لاتخاذ قرار تاريخي "قبل منتصف الصيف" بشأن طلب انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) كقوّة رادعة في مواجهة هجوم روسي محتمل.

وبقيت الدولة الاسكندنافية التي يبلغ عدد سكانها 5,5 ملايين نسمة غير منحازة عسكرياً، لأسباب من بينها تجنّب استفزاز جارتها الشرقية التي تفصلها عنها حدود يبلغ طولها 1300 كيلومتر.

لكن الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط ضاعف نسبة الدعم الشعبي لانضمامها إلى الناتو من 30 إلى 60 في المائة، بحسب سلسلة من استطلاعات الرأي الجديدة.

وقال رئيس الوزراء الفنلندي السابق ألكسندر ستاب، لوكالة "فرانس برس": "يجب عدم التقليل إطلاقاً من قدرة الفنلنديين على اتخاذ قرارات سريعة عندما يتغير العالم".

يعتقد ستاب الذي يدافع باستمرار عن الانضمام إلى الحلف، أن تقديم فنلندا طلب العضوية الآن "أمر مفروغ منه"، فيما يعيد الفنلنديون تقييم علاقتهم بجارتهم.

والأسبوع المقبل، ستُقدَّم مراجعة للأمن القومي بتكليف من الحكومة إلى البرلمان لمساعدة النواب الفنلنديين على اتخاذ قرارهم، قبل طرح القضية للتصويت.

وقالت رئيسة الوزراء سانا مارين، في مؤتمر صحافي الجمعة: "سنجري مناقشات متأنية للغاية، لكن لن نأخذ وقتاً أكثر مما نحتاجه". وأضافت: "أعتقد أننا سننهي المناقشة قبل منتصف الصيف".

وأفاد ستاب قائلاً: "أعتقد أن الطلب سيقدم في وقت ما خلال مايو/أيار"، وهو ما يتناسب مع موعد قمة الحلف الأطلسي المرتقبة في يونيو/حزيران في مدريد.

 تغير في الموقف

 

وأعلنت فنلندا استقلالها في 1917 بعد 150 عاماً من الحكم الروسي. وواجه جيشها غزواً لقوات سوفييتية تفوقه عدداً بكثير خلال الحرب العالمية الثانية، لكنه ألحق خسائر فادحة بالجيش الأحمر.

وانتهت الأعمال العدائية باتفاق سلام شهد تنازل فنلندا عن العديد من المناطق الحدودية للاتحاد السوفييتي.

وافق القادة الفنلنديون على البقاء على الحياد خلال الحرب الباردة مقابل ضمانات من موسكو بعدم شنّ غزو. وعرف هذا الحياد الإجباري للدولة لاسترضاء جارتها الأقوى بـ"الفنلدة".

وظلت فنلندا خارج التحالف العسكري عبر الأطلسي، وركزت على المحافظة على قدرات دفاع وتأهب ممولة جيداً، على الرغم من خفضها هذه المخصصات بعض الشيء بعد الحرب الباردة.

وقال ستاب: "نحن قادرون على حشد 280 ألفاً إلى 300 ألف رجل وامرأة في غضون أيام"، مضيفاً أنه يمكن أيضاً استدعاء 900 ألف من قوات الاحتياط.

ووافقت الحكومة الفنلندية الأسبوع الماضي على زيادة الإنفاق الدفاعي بنسبة 40 في المائة بحلول 2026، لتعزيز مكانة البلاد. وقال النائب عن حزب "الوسط"، يوناس كونتا: "قطعنا شوطاً طويلاً عندما يتعلق الأمر بسياساتنا الأمنية، وقد نجحت حتى الآن".

وعلى غرار غالبية زملائه البرلمانيين، كان كونتا البالغ من العمر 32 عاماً يعتقد أن الانضمام إلى الأطلسي "أمر لا نحتاج إليه في الوقت الحالي".

لكن الغزو الروسي "غيّر شيئاً في أوروبا بطريقة لا يمكن تغييرها مرة أخرى"، كما قال لوكالة "فرانس برس". وأعلن كونتا، أخيراً، أنه يعتقد الآن أن الوقت حان للسعي للانضمام إلى الحلف.

كذلك أعلن عدد من أعضاء البرلمان، أخيراً، إجراء تغييرات مماثلة في مواقفهم في ما يتعلق بـ"مسألة الناتو" الفنلندية، على الرغم من أن العديد منهم لم يعبّروا عن مواقفهم علناً في انتظار مناقشات أكثر تفصيلاً.

أقلية ضد الناتو 

 

وأعرب ستة فقط من أعضاء البرلمان الفنلنديين البالغ عددهم 200 في استطلاع حديث أجرته الإذاعة العامة عن وجهات نظر مناهضة للحلف الأطلسي، بمن فيهم ماركوس موستيارفي من حزب تحالف اليسار.

وصرح النائب عن لابلاند لوكالة "فرانس برس"، بأن عدم الانحياز في السويد وفنلندا "جلب الاستقرار إلى شمال أوروبا برمتها".

ويشكك موستيارفي في احتمال أن يوفر التزام الناتو المادة الـ 5 للدفاع المتبادل حماية حقيقية في حالة وقوع هجوم.

وبدلاً من ذلك، يستشهد بالقدرات الدفاعية لفنلندا "القوية جداً إلى درجة أنها ستجبر روسيا على التفكير في الثمن الذي ستدفعه مقابل الهجوم".

على الرغم من تلقيه "آراءً من كل الأنواع" من العامة وزملائه النواب حول موقفه، يصرّ موستيارفي على أنه "فكر في هذا الأمر حتى النهاية، وحتى الآن لا أرى سبباً لتغيير موقفي".

مساحة رمادية 

 

منذ الهجوم الروسي، عقدت القيادة الفنلندية سلسلة من المحادثات المكثفة لاستطلاع رأي دول الناتو الأخرى بشأن التقدّم بطلب انضمام إلى الحلف.

إلى جانب السويد المجاورة، تلقت فنلندا تأكيدات من الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ، بأن باب الناتو لا يزال مفتوحاً، بالإضافة إلى عبارات الدعم من العديد من الأعضاء، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وتركيا.

لكن من المرجح أن ينظر الكرملين إلى محاولة فنلندا الانضمام إلى الناتو على أنها استفزاز، إذ تعتبر موسكو أن توسع الحلف الذي تقوده الولايات المتحدة عند حدودها يمثّل خطراً على أمنها.

وحذر رئيس فنلندا سولي نينيستو من أن رد روسيا يمكن أن يكون "متهوراً"، ويشمل خروقات برية وجوية وهجمات متنوعة.

بدوره، تعهد الكرملين "بإعادة التوازن إلى الوضع" في حال انضمام فنلندا إلى الناتو.

من ناحية أخرى، أقرّ وزير الخارجية بيكا هافيستو بأن روسيا يمكن أن تسعى لزعزعة محاولة الانضمام خلال فترة "رمادية" بين تقديم الطلب وتصديق جميع دول الناتو الثلاثين عليه، الأمر الذي قد يستغرق من أربعة أشهر إلى عام.

وقال ستاب: "لطالما حاولت فنلندا الابتعاد عن المنطقة الرمادية"، لكنه يعتقد أن فنلندا لديها القدرة على الصمود في وجه عدوان روسي محتمل أو هجمات مختلطة.

(فرانس برس)