قررت دولة فلسطين، اليوم الثلاثاء، التنازل والتخلي عن حقها في ترؤس مجلس الجامعة العربية في دورته الحالية، بسبب ما قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، إنها "فاجعة ضربت الجامعة العربية، وبسبب الهرولة غير المسبوقة نحو التطبيع"، مشددا على أن قرارها لا يعني الانسحاب منها.
وأضاف المالكي، خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر وزارة الخارجية برام الله، لإعلان تخلي فلسطين عن ترؤس مجلس الجامعة، أنّ "الاتفاق الإماراتي البحريني بالتطبيع مع إسرائيل، المخالف لقرارات القمم العربية بخصوص مبادرة السلام العربية، وضع فلسطين أمام مهمة كبيرة ومسؤولية أكبر".
وقال، خلال المؤتمر الصحافي ذاته: "لا يشرف دولة فلسطين أن تشاهد هرولة العرب نحو التطبيع خلال رئاستها، وكون قرار الهرولة قد اتخذ في واشنطن، فليس من المجدي بذل مزيد من الجهد في إقناع أحد بعدم التطبيع، خاصة وأنهم ليسوا أصحاب قرار".
وفيما رد الوزير الفلسطيني على إمكانية الانسحاب من الجامعة العربية بالقول: "إن هذه الخطوة لا تعني الانسحاب من الجامعة"، مشيرا إلى "الإرث التاريخي للتواجد الفلسطيني في الجامعة منذ تأسيسها وانضمام منظمة التحرير عام 1976"، وقال: "إن الخروج من الجامعة قد يخلق فراغاً يمكن أن يولد سيناريوهات مختلفة نحن في غنى عنها".
وتساءل المالكي: "كيف ستتصرف دولة فلسطين كدولة عضو في الجامعة العربية عندما تشاهد أن قرارات القمم العربية من موضوع التطبيع تُستباح دون أي رادع؟ بل على العكس كانت أجواء الجامعة الأخيرة عموماً إما تشجع أو تغطي أو تهادن أو تسكت على هذه الخطوة".
وأكمل تساؤلاته، حول إدارة فلسطين لمجلس الجامعة: "كيف ستتصرف فلسطين كرئيس للدورة الحالية لمجلس الجامعة، والتي بدأت للتو أمام هذا الانحدار نحو التطبيع؟ وماذا ستعمل وهي تشاهد الضغوطات والابتزازات التي تمارس باستهداف دول عربية أخرى بعينها لضمها لمنحدر التطبيع تحت حجج ومبررات واهية"؟
وحول أسباب هذا القرار، قال المالكي: "إن لكل دولة إمكاناتها على الصمود في وجه الضغوط والابتزاز، خاصة عندما يأتي من الوكلاء الحصريين للتطبيع مع الاحتلال، ليختلط الابتزاز بالضغط والتحريض، وربما التهديد والوعيد. لا نستطيع قياس قدرة صمود دولة فلسطين مع أي من هذه الدول".
وشدد المالكي على التمسك بمبادرة السلام العربية التي تنص على أن التطبيع لا يمكن أن يتم إلا بعد انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، خاتماً بالقول إنّه "من المؤسف أنّ بعض الدول العربية تقف مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بينما نتمسك نحن بالمبادرة العربية بحذافيرها".
رسالة "شديدة اللهجة"
وعرض رسالة وجهها لأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، لإبلاغه بالتخلي عن رئاسة الدورة الحالية، واعتبار نفاذ القرار منذ وصول الرسالة، وحوت الرسالة كلاما شديد اللهجة تجاه الجامعة والأمانة العامة، وما أثرته اتفاقات التطبيع على الجامعة نفسها.
وقال في الرسالة: "إن دولة الإمارات فجرت أزمة عميقة في جامعة الدول العربية من خلال الإعلان الثلاثي الأميركي الإسرائيلي الإماراتي، وما تلاه من انهيار مشابه من قبل مملكة البحرين، وضعت على إثره الجامعة العربية في مأزق معقد، زاد من إضعافها الممنهج ومن انقساماتها، ليصل الأمر هذه المرة إلى إرثها التاريخي الذي اعتد بالقضية الفلسطينية كقضية مركزية لكل العرب".
وأشار الوزير الفلسطيني، في حديثه الموجه لأبو الغيط، إلى أن "فلسطين حاولت الانخراط في حوار معمق مع الأمانة العامة للجامعة والدول الأعضاء للحفاظ عليها وعلى ثوابتها تجاه القضية الفلسطينية".
رسالة المالكي: دولة الإمارات فجرت أزمة عميقة في جامعة الدول العربية من خلال الإعلان الثلاثي الأميركي الإسرائيلي الإماراتي، وما تلاه من انهيار مشابه من قبل مملكة البحرين، وضعت على إثره الجامعة العربية في مأزق معقد، زاد من إضعافها الممنهج ومن انقساماتها، ليصل الأمر هذه المرة إلى إرثها التاريخي الذي اعتد بالقضية الفلسطينية كقضية مركزية لكل العرب
ورغم حديث المالكي عن أن قرارات التطبيع لم تناقش في الجامعة العربية، إلا أنه حمل الجامعة العربية المسؤولية التضامنية، متهماً الأمانة العامة للجامعة بـ"اتخاذ توجه بالتغطية على ما قامت به الإمارات والبحرين، مما عمق أزمتها"، حسب المالكي.
وقال المالكي في الرسالة: "إن فلسطين ترفض أن يسجل في تاريخها ارتباط رئاستها بالانحدار القيمي الذي تجلى في الاجتماع الوزاري العربي الأخير في 9 سبتمبر/ أيلول الجاري، وما تلاه من خطوات تطبيعية نفت أسس وأركان وأسباب العمل ضمن أسوار الجامعة العربية".
وقال المالكي: "لن تقبل دولة فلسطين أن تتحمل عبء الانهيار في الموقف العربي وتراجع التضامن العربي وعبء الهرولة نحو التطبيع".