فلسطينيون من جنين: عشنا أياماً سوداء خلال الاجتياح الإسرائيلي

31 اغسطس 2024
فلسطينيون ينزحون من مخيم جنين جراء الاجتياح الإسرائيلي / 31 أغسطس 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- انسحبت المدرعات والجرافات الإسرائيلية من جنين بعد عملية خلفت دماراً واسعاً في البنية التحتية واستشهاد 20 فلسطينياً، بينهم رجل ثمانيني، ومقتل جندي إسرائيلي.
- واصلت القوات الإسرائيلية اجتياحها لجنين بزعم القضاء على المقاومة، مما أدى إلى اشتباكات عنيفة وعزلة تامة للسكان مع انقطاع المياه والكهرباء.
- تشهد الضفة الغربية توغلات إسرائيلية منتظمة، والعملية الأخيرة في جنين تذكر بعملية مشابهة في 2002 خلال الانتفاضة الثانية، حيث دُمرت مئات المنازل واستشهد 52 فلسطينياً.

بعد انسحاب المدرعات والجرافات الإسرائيلية من شوارع مدينة جنين مخلفة دماراً في كلّ مكان، روى سكان في المدينة الواقعة في شمال الضفة الغربية المحتلة "أياماً سوداء" عاشوها. وقالت فايزة أبو جعفر في الحي الشرقي لمدينة جنين، لوكالة "فرانس برس"، "أيام سوداء"، مضيفة وهي تشير إلى الدمار المحيط بها، "الوضع صعب، صعب جدا، على الأطفال وعلى الجميع. خوف ورعب. ودمار..."، إلا أنها تستدرك "معنوياتنا عالية".

وواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، السبت، الاجتياح الواسع للمدينة ومخيمها بزعم القضاء على المقاومة الفلسطينية المسلحة بعتاد خفيف من بنادق وعبوات ناسفة مصنعة محلياً. ودارت اشتباكات عنيفة في أحياء المدينة اليوم، ما أسفر عن مقتل جندي إسرائيلي وإصابة آخرين.

على مسافة غير بعيدة من الشارع الذي وقفت فيه فايزة أبو جعفر، استشهد رجل ثمانيني برصاصة قناص إسرائيلي، وفق ما يقول سكان. واستشهد في العملية العسكرية الواسعة التي أطلقها الاحتلال في شمال الضفة منذ أربعة أيام 20 فلسطينيا.

ودفع جيش الاحتلال، منذ الأربعاء، بعربات مدرّعة مدعومة بسلاح الجو إلى جنين وطولكرم وطوباس ومخيماتها، وهي معقل لمجموعات مسلحة تقاوم إسرائيل التي تحتل الضفة الغربية منذ العام 1967.

وجرفت الآليات العسكرية الأسفلت عن الطرق، ما تسبّب بتدمير البنى التحتية. وأمكنت، السبت، رؤية تلال صغيرة من التراب والأسفلت على جوانب هذه الطرق، بالإضافة الى دمار وفجوات في الأبنية. وقالت بلدية جنين إن الاحتلال دمر 70 بالمائة من شوارع المدينة وبنيتها التحتية.

وفيما زعم جيش الاحتلال أن أنابيب المياه تحت الأرض ثُقبت عن طريق الخطأ حينما كان يحاول البحث عن عبوات على جانبي الطرق، أكد فلسطينيون أن الأمر متعمّد. وهذه ليست المرة الأولى التي يدمر فيها الاحتلال البنى التحتية والطرقات في مدن ومخيمات شمال الضفة، إذ عمد إلى اتباع هذا النهج في سياق سياسة العقاب الجماعي التي يتبعها ضد الفلسطينيين منذ سنوات طويلة.

وأعلنت حركتا حماس والجهاد الإسلامي أن 13 على الأقل من الشهداء ينتمون إلى جناحيهما العسكريين، كتائب القسام وسرايا القدس. وتشهد الضفة الغربية توغلات إسرائيلية منتظمة. لكن من النادر أن تنفذ بشكل متزامن في مدن عدّة، وبإسناد جوي، كما يحدث منذ الأربعاء.

"حرب" في جنين

ووقف مجدي المهدي يتفقّد سيارتين ودراجة نارية سحقت تحت كومة من الركام والمعادن المتناثرة من جرافات عسكرية في جنين. ووصف ما حدث بأنه "حرب"، مضيفا: "أقاموا ثكنة عسكرية قبالتنا، وكانوا يُحضرون الشبان إليها للتحقيق معهم". وقال طاهر السعدي: "نحن معزولون عن العالم الخارجي تماما"، وأضاف: "المياه مقطوعة والكهرباء مقطوعة... كلّ البنية التحتية دُمّرت. لم تبق بنية تحتية"، وتابع: "جميع مقومات الحياة هنا معدومة. لا يوجد خبز. نحن نعيش بصعوبة. لا يوجد حليب، والمواد الغذائية مقطوعة بشكل نهائي".

الصورة
محاولة إطفاء حريق أشعله الاحتلال في سوق خضار بمدينة جنين (Getty)
رجال دفاع مدني يحاولون إطفاء حريق أشعله الاحتلال في سوق خضار بمدينة جنين / 31 أغسطس 2024 (Getty)

وأفاد مصور وكالة فرانس برس في جنين، السبت، بأن أصوات إطلاق النار تسمع في أنحاء المدينة، بينما خلت الشوارع تقريبا من الحركة باستثناء العربات العسكرية الإسرائيلية، مشيرا إلى تحليق طائرات مسيّرة في أجوائها.

ذاكرة 2002

ويدور قتال عنيف في مخيم جنين. ويقول محافظ جنين كامل أبو الرب: "لا نعرف بالضبط ما الذي يحدث هناك". وبحسب أبو الرب، هناك "إجراءات إسرائيلية بمحاصرة المستشفيات وتقسيم المدينة والمخيم إلى مربّعات واعتبارها مناطق عسكرية مغلقة". وتابع: "لا يسمح للإسعاف ولا للدفاع المدني ولا للصحافيين بالدخول والخروج لكي نعرف حقيقة ما يجري". وكان مخيم جنين مركز الانتفاضة الفلسطينية الثانية ضد الاحتلال الإسرائيلي في مطلع الألفية الثالثة.

في العام 2002، حاصر جيش الاحتلال الإسرائيلي المخيم أكثر من شهر وسط قتال شرس سوّيت خلاله مئات المنازل بالأرض، فيما استشهد 52 فلسطينيا وقتل 23 جنديا إسرائيليا. ويُعرف المخيم بأنه معقل للمقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية.

وقارن أبو الرب ما يحدث اليوم بـ2002 قائلا: "هذا العدوان يذكّرنا بذلك العدوان اللئيم، من حيث العدد (..)، من حيث تدمير البنية التحتية وإطلاق النار على الأبرياء".

(فرانس برس، العربي الجديد)