فشل باحتواء خطر "داعش" في البادية السورية

13 ابريل 2022
تنفذ "قسد" وقوات التحالف تدريبات دورية في البادية لمواجهة "داعش" (دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -

لم يهدأ نشاط خلايا تنظيم "داعش" المنتشرة في البادية السورية، إذ تشن هجمات دائمة على قوات النظام والمليشيات التابعة له، لتندفع الأخيرة للقيام بحملة جديدة في بادية دير الزور التي تحوّلت إلى ميدان عمليات للتنظيم.

وأكد الناشط عمر الديري لـ"العربي الجديد" أن قوات النظام استقدمت تعزيزات عسكرية إلى بادية المسرب التابعة إدارياً لمحافظة دير الزور، يومي السبت والأحد الماضيين، بهدف استئناف عمليات التمشيط التي تستهدف خلايا "داعش" في المنطقة. وأوضح الديري أن من ضمن التعزيزات حشد عناصر من مليشيا "الدفاع الوطني" في محافظة دير الزور وعناصر من "لواء القدس" الذي يضم مسلحين من مخيمات الفلسطينيين في سورية.

وكان "داعش" قد شن الأحد هجوماً على المليشيات الإيرانية في بلدة السخنة في ريف تدمر الشمالي الشرقي، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أكد مقتل 4 من هذه المليشيات في الهجوم. وأشار المرصد إلى أن قوات النظام والمليشيات الإيرانية في مدينة تدمر استنفرت عناصرها، تحسباً لهجمات مفاجئة على المواقع العسكرية في المنطقة من قبل خلايا التنظيم.

حملة جديدة ضد "داعش" في البادية

ومن المرجح أن يساند الطيران الروسي قوات النظام والمليشيات في الحملة الجديدة ضد "داعش"، إذ عاود هذا الطيران نشاطه مطلع الشهر الحالي، وشنّ غارات على مواقع للتنظيم في البادية السورية. ووفق المرصد، شنّت المقاتلات الروسية نحو 240 غارة منذ مطلع الشهر الحالي، لا سيما في بادية السخنة، وبادية الرصافة الواقعة إلى الجنوب الغربي من مدينة الرقة.

وكان نشاط الطيران الروسي في البادية قد تراجع خلال الشهر الماضي، كما يبدو بسبب انشغال وزارة الدفاع الروسية بغزو أوكرانيا. ولطالما نفذت قوات النظام والمليشيات التابعة لها حملات ضد خلايا "داعش" في البادية، ولكنها فشلت في الحد من نشاط هذه الخلايا التي تشن هجمات مباغتة وتتحرك على دراجات نارية في هذه البادية مترامية الأطراف.

وكان التنظيم قد اتخذ البادية منطقة تمركز له بدءاً من أواخر عام 2017 مع بدء تراجعه الكبير في سورية والعراق، وصولاً إلى عام 2019، حين فَقَد آخر معقل له في شرقي الفرات وهو بلدة الباغوز.

أبرم "داعش" عدة صفقات مع النظام لنقل عناصره من أحياء جنوب دمشق، ومن حوض اليرموك إلى البادية

وأبرم التنظيم عدة صفقات مع النظام لنقل عناصره من أحياء جنوب دمشق، ومن حوض اليرموك في ريف درعا الغربي خلال عام 2018 إلى البادية. وعقد صفقات مماثلة مع "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) أتاحت له نقل عناصر من منطقة شرقي نهر الفرات إلى البادية التي سيطر عليها لسنوات بشكل شبه كامل، وهو ما أتاح له كما يبدو إنشاء مستودعات سلاح وذخيرة، ونقاط تمركز شديدة التحصين في تضاريس صعبة.

كما يستفيد التنظيم من اتساع البادية الجغرافي، التي تشكل نحو نصف مساحة سورية، في التحرك على العديد من المحاور، خصوصاً في بادية حمص ودير الزور حيث يكثر وجود المليشيات الإيرانية التي تتخذ من مدينة تدمر ومحيطها مناطق نفوذ لها.

استغلال "داعش" للبقاء في سورية

وأوضح مدير مركز "الشرق نيوز" فراس علاوي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن بادية المسرب "تقع إلى الجنوب الغربي من مدينة دير الزور بنحو 30 كيلومتراً وتُنسب لقرية تحمل ذات الاسم". وأشار إلى أن "هذه البادية مرتبطة جغرافياً بجبل البشري الذي يضم خلايا للتنظيم".

وأوضح أنه "لتأمين مدينة دير الزور شنّ النظام والإيرانيون والروس عدة حملات ضد التنظيم في هذه البادية". وبيّن أن "كل الحملات فشلت لأنها منطقة واسعة جداً"، مضيفاً: "ما يجري حرب جغرافيا، وعصابات. التنظيم يعرف الطبيعة الجغرافية للبادية السورية، ويستغل ذلك لصالحه لصد كل الحملات ضده، سواء من قوات النظام أو المليشيات".

وعن الأسباب التي تحول دون القضاء على تنظيم "داعش" في سورية على الرغم من الحملات والقصف الجوي، يعتقد المحلل العسكري العميد مصطفى فرحات في حديث مع "العربي الجديد" أن "هناك جملة من الأسباب". ولفت إلى أن "تنظيم داعش هو مبرر وجود جهات منخرطة في الصراع السوري، وإذا طوي هذا الملف تفقد هذا المبرر، لأنها دخلت سورية تحت يافطة محاربة الإرهاب".

فرحات: تنظيم داعش هو مبرر وجود جهات منخرطة في الصراع السوري

وأشار إلى أن "القضاء على التنظيم في المساحات المفتوحة مثل البادية السورية صعب"، مضيفاً: "لديه القدرة على التخفي والتحصين، كما أن التنظيم لم يصل إلى درجة كبيرة من الوهن. لديه خلايا ومجموعات تتحرك وتشن عمليات وتستهدف مصالح لعدة أطراف". ويعتقد فرحات أن "ملف تنظيم داعش لن ينتهي إلا على يد السوريين فهم أصحاب المصلحة الحقيقية في القضاء على كل التنظيمات العابرة للحدود".

وفي السياق، تشير المعطيات إلى أن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة والداعم لـ"قسد" يتخوف من هجوم لـ"داعش" على مواقع في منطقة "شرقي الفرات" الخاضعة لهذه القوات، مماثل لهجوم واسع النطاق شنّه على سجن الحسكة في الشهر الأول من العام الحالي.

وفي هذا الصدد، ذكرت مصادر محلية أمس الثلاثاء أن دوي انفجارات عنيفة متكررة سُمع في منطقة معيزيلة شرقي دير الزور، تبين أنها ناجمة عن تدريبات مشتركة بين التحالف الدولي و"قسد"، تحاكي هجمات على مواقع خلايا "داعش"، أو صد هجمات من قبل التنظيم على القواعد المشتركة بين الطرفين.

وكان التحالف الدولي قد أعلن في الربع الأول من عام 2019 القضاء على تنظيم "داعش" في شرقي الفرات، إلا أن خلايا التنظيم، خصوصاً في ريف دير الزور الشرقي، تنشط بين وقت وآخر.

وكان الهجوم على سجن الحسكة في يناير/ كانون الثاني الماضي أكبر عمليات التنظيم في المنطقة الخاضعة لـ"قسد"، التي كانت حذرت من تخطيط هذا التنظيم لهجوم ربما يطاول مخيم الهول في ريف الحسكة التي يضم عائلات مسلحين من "داعش" إما قتلوا وإما أُسروا، أو موجودون في البادية.

المساهمون