استمع إلى الملخص
- الشكوى قُدمت من "صندوق هند رجب" وتضمنت أدلة مثل مقاطع فيديو وصور، واستندت البرازيل في قرارها إلى ميثاق روما للتحقيق في جرائم الحرب.
- أثارت الواقعة ردود فعل قوية في إسرائيل، حيث دُعي لاجتماع طارئ لحماية الجنود، ونُصح الجنود بتجنب السفر وإزالة المحتوى الموثق للجرائم.
أمرت محكمة في البرازيل الشرطة بالتحقيق مع عسكري إسرائيلي يزور البلاد، للاشتباه في ارتكابه جرائم حرب في قطاع غزة، لتقول هيئة البث العبرية لاحقاً إن الجندي تمكن من الفرار وهو في طريق العودة إلى إسرائيل. وأفادت القناة (12) الخاصة، الأحد، بأنه "جرى اتخاذ القرار (من المحكمة) بعد شكوى قدمتها منظمة مناهضة لإسرائيل مقرها في بروكسل، تعمل على محاكمة الجنود الإسرائيليين في جميع أنحاء العالم".
ولاحقاً، قالت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية) إن جندي الاحتياط الذي وجهت محكمة في البرازيل الشرطة المحلية بالتحقيق معه تمكن من الفرار، وهو في طريق العودة حالياً إلى إسرائيل. ولم تذكر الهيئة تفاصيل إضافية حول ملابسات هروب الجندي الإسرائيلي من البرازيل.
وكانت المحكمة الفِدرالية في البرازيل قد أمرت الشرطة المحليّة بفتح تحقيق ضد الجندي الإسرائيلي وتوقيفه، بعدما وصل لقضاء عطلة في البلاد إثر إكمال خدمته العسكرية قبل نحو أسبوع. ومع ذلك تمكّن الجندي من الهرب ليلة أمس إلى دولة مجاورة للبرازيل، دون أن يُعتقل؛ إذ نقل موقع واينت العبري، الأحد، عن عائلة الجندي قولها إنه "لا تفاصيل إضافية حول الموضوع، المهم أنه فر من هناك".
قرار المحكمة جاء عقب شكوى قدّمها "صندوق هند رجب" (HRF)، الذي يحمل اسم الطفلة الفلسطينية ذات السنوات الست التي قتلها جنود الاحتلال الإسرائيلي بعد محاصرتها بدباباته في سيارة مع أقربائها الذين استشهدوا أيضاً، بينما كانت تستصرخ طلباً لنجدتها وإنقاذها على مدى أيام، فيما منع الاحتلال المسعفين من الوصول إليها.
الصندوق المذكور أقيم بهدف ملاحقة جنود الجيش "الذين ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في فلسطين"، كما يشير في تعريفه. وقررت السلطات البرازيلية اتخاذ إجراءات عقب الشكوى المقدمة من الصندوق ضد الجندي، الذي وصل سائحاً إلى البلاد. وجاء في الشكوى أن أعمال الجندي هي جزء من مجهود واسع النطاق، وهي تمثل "إبادة وجرائم ضد الإنسانية" وفق القانون الدولي. وبين الدلائل التي أرفقها الصندوق بالشكوى مقاطع فيديو وإحداثيات مكانية، وصور توثق قيام الجندي بوضع مواد متفجرة، والمشاركة في تدمير حيّ كامل في غزة خلال نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
وطالبت المنظمة بتوقيف الجندي الإسرائيلي لمنع هروبه من الأراضي البرازيلية أو تدمير أي دليل. وقالت القناة "12": "ينضم الخوف من التحقيق مع الجندي الإسرائيلي إلى الدراما التي حدثت في سريلانكا خلال الشهر الماضي، عندما رصدت المنظمة هناك جندياً إسرائيلياً في الخدمة الفعلية، وطالبت باعتقاله، فيما طلبت منه المؤسسة الأمنية الإسرائيلية مغادرة سريلانكا على الفور". وختمت القناة بالقول: "ينضم هذان الحادثان إلى سلسلة حوادث وقعت في الماضي وأثارت قلقاً في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية". وفي 19 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، كشفت القناة 12 النقاب عن تهريب جندي إسرائيلي من سريلانكا قبيل استدعائه للتحقيق معه بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة.
وفي الإطار، نقلت صحيفة "متروبوليس" البرازيلية عن المحامية مييرا بينيارو قولها إن "القرار يستند إلى ميثاق روما، والذي وقعت البرازيل عليه. وعلى كل دولة موقعة على الميثاق الالتزام بضمانة أن جرائم الحرب المنضوية في الوثيقة، بما يشمل الجرائم ضد الإنسانية والإبادة، سيُحقق فيها والمسؤولين عنها يُقدّمون للعدالة".
جلسة طارئة في الكنيست عقب واقعة البرازيل
وعقب ما حدث، قرّر رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، يولي أدلشتاين، عقد اجتماع طارئ غداً لمناقشة الموضوع تحت عنوان "الحماية ضد الملاحقات القضائية لجنود الجيش في الخارج". وستكون الجلسة سرية. كما أفاد أدلشتاين بأنه "على مدى شهور طويلة، كأعضاء لجنة الخارجية والأمن حذّرنا مرّة تلو أخرى من أنّ الملاحقة القانونية بسبب جرائم الحرب لن تقف على رئيس الحكومة، ووزير الأمن، وإنما ستمتد لتطاول جنودنا".
واتهم رئيس المعارضة الصهيونية يئير لبيد الحكومة بالفشل في الساحة الدولية، وذكر في منشور له على منصة إكس أن "حقيقة أن جنود الاحتياط الإسرائيليين يضطرون للهرب من البرازيل في جنح الظلام حتّى لا يُعتقلوا بعدما قاتلوا في غزة تمثل فشلاً سياسياً كبير للحكومة الفاقدة للمسؤولية، والتي ببساطة لا تعرف كيف تعمل". وأضاف متسائلاً: "كيف وصلنا إلى وضعٍ أصبح فيه الفلسطينيون أفضل من حكومة إسرائيل في الساحة الدولية؟"، داعياً إلى إقامة لجنة تحقيق رسمية "لكي تحمينا من جهة، وتقدم منظومة شرح (دعائية) مفيدة وملائمة من جهة ثانية، وتمنع حوادث كهذه. من غير المعقول أن مقاتلي الجيش - في الخدمتين النظامية والاحتياطية - سيتخوّفون من السفر والسياحة خارج البلاد فقط لخشيتهم من الاعتقال".
تعليمات لمرتكبي الإبادة
وقبل نحو شهر، طالب جيش الاحتلال جنوده وضباطه الذين يرغبون في السفر إلى الخارج بهدف السياحة بالامتناع عن ذلك، كما طالبهم أيضاً بإزالة المقاطع والصور التي توثق جرائمهم على الشبكة، وألا يشاركوا صوراً لرحلاتهم في الخارج على صفحاتهم الشخصية. قرار الجيش أتى، وفقاً لـ"واينت"، بعد عشرات الحوادث التي قدّمت فيها شكاوى ضد الجنود، وبعضها فُتحت فيها مسارات قضائية ضد جنود وضباط شاركوا في الإبادة، وذلك على خلفية قرار المحكمة الجنائية الدوليّة التي أصدرت مذكرات توقيف دولية ضد بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن السابق يوآف غالانت.
إلى ذلك، توجّهت حركة "أُم يَقِظة" التي تمثل أمهات جنود جيش الاحتلال، عقب القرار الذي اتخذته البرازيل، لنتنياهو ورئيس أركان الجيش، هرتسي هليفي، لافتةً في رسالتها إلى أنه "منذ بداية الحرب تلقت إسرائيل عدداً لا يحصى من التحذيرات حيال المخاطر القانونية المترتبة على القتال. وحرّاس العتبة في جهاز القضاء الإسرائيلي لم يتركوا جرساً إلا وقرعوه بهدف لجم الوزراء عن الخروج بتصريحات تُنَظّر للإبادة وارتكاب الجرائم. ولذلك نعتبر أنكم الجهة المسؤولة حصراً عن إزالة المخاطر القانونية التي تعرض لها أولادنا المقاتلون".