انتخب المصرفي السابق اليميني غييرمو لاسو، أول من أمس الأحد، رئيساً للإكوادور في وجه منافسه الاشتراكي أندريس أراوز المدعوم من الرئيس الأسبق رافاييل كوريا. وشكّل فوزه مفاجأة فعلية في الدورة الثانية من الانتخابات، كونه تقدّم بفارق أقل من 32 ألف صوت على ياكو بيريز في الجولة الأولى التي جرت في 7 فبراير/شباط الماضي، ونال 19.74 في المائة من أصوات الناخبين، في مقابل 32.72 في المائة لأراوز. وفي الجولة الثانية، نال لاسو 52.51 في المائة من الأصوات في مقابل 47.49 في المائة لأراوز .
وسيخلف لاسو (65 عاماً) الذي نجح في محاولته الثالثة بعد عامي 2013 و2017، الرئيس لينين مورينو الذي ينهي في 24 مايو/أيار المقبل ولاية من أربع سنوات. وقال لاسو في غواياكيل (جنوب غرب) مسقط رأسه: "في 24 مايو المقبل، سنتحمّل بمسؤولية التحدّي المتمثّل بتغيير مصير وطننا وتحقيق الفرص والازدهار" في الإكوادور. وأبدى استعداده لتقديم "حياته للشعب"، واعداً بـ"إكوادور حرة وديمقراطية".
لم ينجح لاسو في انتخابات 2013 ولا في انتخابات 2017
ومع إظهار الانتخابات حدّة الانقسام في الإكوادور، يبقى أمام لاسو مهمة صعبة لانتشال البلاد من مأزقها الاقتصادي، خصوصاً أنه ليس طارئاً على الساحة السياسية. ولن يكون الأمر جديداً عليه، إذ سبق له أن قام بمهمتين "إنقاذيتين" سابقاً. الأولى مع إفلاس شركة "كوكا كولا" في الإكوادور، مطلع التسعينات، فعُينّ رئيساً لإدارة العمليات، ونجح في إعادة هيكلة الشركة، ودفعها لتحقيق الأرباح. وفي عام 1994، أصبح المدير التنفيذي لمصرف "بانكو غواياكيل"، فأسس برنامج "بانكوس ديل باريّو"، الذي سمح لأصحاب المتاجر المحلية في إرساء الشراكة مع المصارف لرسم سياسات السوق واستراتيجته. ووصف مصرف "التنمية للبلدان الأميركية"، ومقره واشنطن، برنامج لاسو بـ"الخطوة المصرفية المتقدمة في عالم التنمية". وفي مهمته الثانية، عيّنه الرئيس الأسبق جميل معوّض، "سوبر وزير" للاقتصاد، خلفاً لآنا لوسيا أرميخوس، في عام 1999، وشارك في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، للحصول على الدعم المالي لكيتو.
ومع أنه مصرفي، غير أن لاسو لا يصنّف نفسه يمينياً أو يسارياً، رغم قوله: "الحياة جعلت مني ليبيرالياً". كما أن نظرته الاقتصادية لا تتضمّن فرض ضرائب جديدة، بل أكد أنه سيلغي تسعة أنواع من الضرائب حين يصبح رئيساً. وأشار إلى أن زيادة الضرائب ستحدّ من الإنتاجية والتوظيف في القطاع الخاص. ويؤيد لاسو التبادل الحر ويعتزم إنعاش الاقتصاد من خلال تطوير التجارة ويهدف إلى "القضاء على العجز كلياً لتجنّب تفاقم الديون".
ويتخذ لاسو من رئيس الوزراء الإسباني الأسبق خوسيه ماريا أثنار، مثالاً أعلى له، بعد إصلاحات الأخير الواسعة في مدريد مطلع القرن الـ21. ويفضّل الرئيس الإكوادوري المنتخب توثيق العلاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وفي عام 2011 نشر كتابه "رسائل إلى أولادي"، الذي تضمن أفكاره وخطواته للتنمية، من أجل الاستعانة بها في تطوير الاقتصاد الإكوادوري. ودعا إلى تطوير سياسات التنمية التي تتيح فرصاً اقتصادية أكثر للمواطنين. وهو ما أثنى عليه أثنار.
ويصنّف لاسو نفسه "عدواً لاشتراكية القرن الـ21، المستوحاة من فنزويلا وكوبا"، ولمنظمة "ألبا" (التحالف البوليفاري لشعوب أميركا الخاصة بنا)، والتي كانت الإكوادور أيام كوريا جزءاً منها. وهو ما وضعه على خصومة شديدة مع كوريا، الذي اتهمه بالتورّط في الأزمة المالية الإكوادورية عام 1999.
ساهم في إعادة هيكلة "كوكا كولا" في الإكوادور في التسعينات
وسبق له أن شارك في رئاسيات 2013، مرشحاً عن حزبه "ابتكار الفرص". ونال 22.68 في المائة من الأصوات، وحلّ ثانياً خلف كوريا، الذي حصل على 57.17 في المائة من الأصوات. وحاول لاسو مجدداً في رئاسيات 2017، تحت شعار "تأمين مليون فرصة عمل للإكوادوريين"، لكنه خسر أمام منافسه اليساري لينين مورينو، رغم نيله 48.84 في المائة من أصوات الناخبين.
وينتمي لاسو إلى جمعية "أوبوس داي" الكاثوليكية، وهي "مؤسسة في الكنيسة الكاثوليكية تهدف إلى نشر الوعي العميق للدعوة العامة للقداسة في الحياة العادية". ويرفض الإجهاض والزواج من نفس الجنس، ومصارعة الثيران والديوك (الشهيرتين في الإكوادور). ويدعو إلى نقاش واسع من أجل وضع حدّ للمخدرات، بعد فشل الحرب عليها في البلاد. وشدّد على رفضه التنقيب عن النفط في محمية يازوني الأمازونية.
(العربي الجديد)