غوتيريس يدين "السقوط الأخلاقي" للبشرية في افتتاح الجمعية العامة: عالمنا على حافة الهاوية

21 سبتمبر 2021
غوتيريس خلال افتتاحه أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة (Getty)
+ الخط -

حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس من أن العالم "على حافة الهاوية ويسير في الاتجاه الخطأ". وجاءت تصريحات غوتيريس خلال إحاطته أمام قادة العالم بمناسبة افتتاح أعمال الجمعية العامة رفيعة المستوى في نيويورك. وتوقف غوتيريس عند الانقسامات والمخاطر التي يشهدها العالم ووصفها بأنها غير مسبوقة.

وأشار إلى أن جائحة كورونا عرّت الفروقات الاقتصادية الصارخة، في الوقت الذي تضرب فيه أزمة المناخ في الكوكب. وتطرق إلى "تزايد خروقات حقوق الإنسان حول العالم، ناهيك عن الهجوم المتزايد على العلم والمعرفة. أما المساعدات الاقتصادية للأكثر ضعفا، فإنها قليلة وتصل متأخرة، إن أتت أصلا".

وتحدث عن فقدان التضامن المقرون بالأفعال، ثم أعطى مثالا على تطعيمات جائحة كورونا، وقال "ربما تلخص صورة واحدة حكاية عصرنا: لقاحات كوورنا في القمامة منتهية صلاحيتها وغير مستخدمة، هذا في الوقت الذي يوجد فيه البلايين من غير المطعمين". وأشار إلى إنه "على الرغم من الانتصار العلمي الذي حققه العالم في تطوير لقاح ضد فيروس كورونا بوقت قياسي، فإن هذا الانتصار يبقى منقوصا بسبب الافتقار إلى الإرادة السياسية والأنانية وانعدام الثقة". وأعطى مثالا على الفروقات الصارخة في عدد الذين تطعموا، حيث إن "أغلب سكان الدول الصناعية حصلوا أو يمكنهم الحصول على تطعيم، في حين أن تسعين بالمئة من سكان القارة الأفريقية لا يمكنهم الحصول عليه". ووصف ذلك بـ"الإدانة الأخلاقية للحال الذي آل إليه وضع البشرية"، وأضاف "هذا جنون. لقد نجحنا في اختبار العلم وسقطنا في اختبار الأخلاقيات".

وذكر غوتيريس عددا من علامات التحذير حول العالم، من بينها درجات الحرارة الحارقة، وفقدان التنوع البيئي، وتلوث المياه والمساحات الطبيعية، والكوارث المناخية.

ولفت غوتيرس إلى أنه ما زال من الممكن إنقاذ الكوكب والحفاظ على ما نصت عليه اتفاقية باريس للمناخ، وحذر في الوقت ذاته من أن الوقت ينفد. وأكد في هذا السياق ضرورة "خفض الانبعاثات بنسبة 45 في المائة بحلول عام 2030. ثم لفت الانتباه إلى أن ما يحدث على أرض الواقع هو عكس ذلك تماما، حيث يشير تقرير صادر عن الأمم المتحدة إلى أنه إذا استمرت الأمور على هذا النحو، فإن الانبعاثات سترتفع بنسبة 16 بالمئة بحلول 2030. وقال غوتيربس "إن ذلك يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات لا تقل عن 2.7 درجة فوق المستوى ما قبل الصناعي".

وتطرق غوتيريس إلى عدم الثقة الذي يشعر به الكثيرون حول العالم، وعزا ذلك لأسباب عديدة، منها الاضطهاد والفساد واللامساواة. وأضاف "عندما يرى الناس أصحاب المليارات يتنافسون على الصعود إلى الفضاء في حين هناك الملايين من الجياع على الأرض... وعندما يرى الأهل أن مستقبل أبنائهم أكثر قتامة مما يكابدونه هم، وعندما لا يرى الشباب أي مستقبل على الإطلاق؛ حينها قد يفقد الناس الذين نخدمهم ونمثلهم ثقتهم لا بحكوماتهم ومؤسساتهم فحسب، ولكن أيضًا بالقيم التي أحيت عمل الأمم المتحدة لأكثر من 75 عامًا".

 وقال "إن القيم الإنسانية الأساسية، كالسلام وحقوق الإنسان والكرامة للجميع والعدالة والتضامن، في مرمى النيران". ثم أشار إلى أن "الوعود التي تقطع ولا تنفذ تصبح بلا قيمة عندما لا يرى الناس نتائج ملموسة في حياتهم الشخصية". ثم حذر من أن ذلك قد يفسح المجال لدوافع إنسانية مظلمة.

وعلى الرغم من قوله إن تحقيق الأهداف التي وضعها العالم نصب عينيه ما زال ممكناً، فإنه حذر في الوقت ذاته من الانقسامات التي يعيشها العالم. وقال في هذا السياق "لنكن صريحين. إن النظام متعدد الأطراف محدود للغاية في أدواته وقدراته في ما يتعلق بما هو مطلوب للإدارة الفعالة للمنافع العالمية العامة".

وتحدث غوتيريس عن التقرير الذي صدر عن مكتبه تحت عنوان "أجندتنا المشتركة"، ويقدم فيه تحليلا للحالة الدولية ويعطي توصيات لتقوية نظام التعددية الدولية كما مواجهة التحديات التي يعيشها العالم. وتطرق في خطابه إلى ستة مجالات تجب معالجتها: بناء السلام، والمناخ، وردم الهوة بين الفقراء والأغنياء، ومعالجة اللامساواة على أساس الجندر، وسد الفجوة الرقمية، وسد الفجوة بين الأجيال.

وقال إن بناء السلام يبقى للكثيرين حلما صعب المنال. وذكر عدداً من الصراعات المستمرة في دول عدة، من بينها اليمن وسورية وإثيوبيا وأفغانستان وميانمار. وحذر مما أسماه "انفجارا في عمليات الاستيلاء على السلطة بالقوة. وعودة الانقلابات العسكرية". ثم تحدث عن الخلافات بين الصين والولايات المتحدة من دون أن يسميهما قائلاً "سيكون من المستحيل مواجهة التحديات الاقتصادية والإنمائية الهائلة في الوقت الذي نرى فيه أكبر اقتصادين في العالم على خلاف بعضهما مع بعض".

وعن المناخ، تحدث عن ضرورة بناء الثقة بين الشمال والجنوب. وأشار في هذا السياق إلى ثلاثة مجالات من بينها التمويل والتكيف والتخفيف. وحول التمويل، قال إنه من الضروري أن تفي الدول الغنية بتعهداتها وتقدم 100 مليار سنويا للدول النامية لمكافحة المناخ والبناء الأفضل، كما تجنيد موارد المؤسسات المالية الدولية والقطاع الخاص بالكامل. وأكد ضرورة أن تعتمد الحكومات اقتصادات خضراء، عن طريق "فرض ضرائب على الكربون والتلوث بدلاً من دخل الفرد، لتسهيل التحول إلى الوظائف الخضراء المستدامة، كما من خلال إنهاء الدعم للوقود الأحفوري وتحرير الموارد لاستثمارها مرة أخرى في الرعاية الصحية والتعليم والطاقة المتجددة وأنظمة الغذاء المستدامة والحماية الاجتماعية لشعوبها".

ولفت غوتيريس الانتباه أيضاً إلى ضرورة معالجة الفروقات الجندرية، حيث كانت النساء الأكثر تضررا من تبعات انتشار جائحة كورونا اقتصاديا وصحيا واجتماعيا، بما فيها زيادة العنف ضدهن. وأكد ضرورة معالجة الفروقات الرقمية حيث إن نصف سكان العالم لا يوجد لديهم مجال للدخول إلى الإنترنت. وأكد ضرورة العمل بحيث يصبح ذلك متاحاً لجميع الناس حول العالم بحلول عام 2030. وختم غوتيريس إحاطته بالحديث عن ضرورة ردم الهوة بين الأجيال. فقال "سيرث الشباب تبعات قراراتنا، الجيدة والسيئة. وفي نفس الوقت، نتوقع أن يولد 10.9 مليارات شخص بنهاية القرن". وأكد ضرورة أن يكون الشباب جزء من الحوار حول المستقبل. وتحدث عن نية الأمم المتحدة تخصيص مكتب الأمم المتحدة للشباب مع مبعوث خاص.

المساهمون