لا تزال الانتخابات الليبية في مهب الريح، على الرغم من مرور ثلاثة أيام على إعلان المفوضية العليا للانتخابات عن فتح باب قبول طلبات الترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بسبب استمرار الجدل القائم حول القوانين الانتخابية وعدم حسمه، فمن يحدد مصير العملية الانتخابية؟ يعلّق الرأي العام المحلي، والدولي أيضاً، آماله على نجاح الانتخابات في ليبيا، للانتقال إلى فترة سياسية أكثر استقراراً، يمكن من خلالها حلّ الكثير من الملفات العالقة: الأمن والاقتصاد بالنسبة للداخل، وفكّ اشتباك المصالح الدولية بالنسبة للخارج. لكن كيف يمكن ذلك، والأزمة الليبية تصاعدت لتصل إلى الخلاف حول أساس الحلّ؟
يتعلق الأمر بالغموض الذي تُسيّر فيه مفوضية الانتخابات العملية الانتخابية، فحتى الآن لم يعرف ما إذا كان مجلس النواب قد اعتمد التعديلات التي اقترحتها المفوضية بشأن القوانين الانتخابية، كما أن هذا المجلس، المنوط به إصدار هذه القوانين، انزلق إلى أتون الانقسام الحاد حيال تلك التعديلات، بين نواب يطلبون تعديل بعضها، كما ظهر في بيان أصدره 56 نائباً الإثنين الماضي، وبين من يتمسك بنفاذها بالشكل الذي صدرت به، كما هو الحال في بيان لـ44 نائباً صدر في الأول من شهر نوفمبر/تشرين الثاني الحالي. وهناك من يطالب بضرورة تعديلها بالكامل، تزامناً مع بروز سؤال حول القاعدة الدستورية للانتخابات وضرورة توضيحها، كما هو الحال في البيان الذي صدر عن 49 نائباً أول من أمس الثلاثاء.
لكن اللافت خلال الأيام الأولى من فتح باب الترشح، اختفاء العديد من الأسماء التي كانت لها مواقف واضحة في مسار عرقلة الانتخابات، وعلى رأسها رئيس البرلمان عقيلة صالح الذي يغيب عن كل هذا الجدل، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، الذي استمر في مواقفه المعارضة للانتخابات على أساس قوانين مجلس النواب، لكن بصفته الشخصية وليس بصفته كرئيس للمجلس، الذي يعد طرفاً سياسياً مهماً.
مقابل هذا التراجع، لم يعد خافياً أن انحصار الجدل في بندي "مزدوجي الجنسية"، وتحديد مدة ترك شاغل الوظيفة الرسمية لمنصبه قبل موعد الانتخابات، مقصود بهما رئيس الحكومة الانتقالية عبد الحميد الدبيبة، الذي لم يترك منصبه حتى الآن، ويبدو المرشح الأوفر حظاً في المشهد، واللواء المتقاعد خليفة حفتر، حامل الجنسيتين الليبية والأميركية.
كل هذا الجدل المتصاعد، والذي يشوش على آمال الليبيين بنجاح الاستحقاق الانتخابي، وعبور البلاد إلى مرحلة واعدة، يسوده يقين دائم بأنه لا حلّ داخلياً للوضع الليبي المعقد، وأن الحل يبقى في الخارج، كما كانت الحال في كل المراحل الماضية للأزمة. ولهذا السبب، يفسّر أحد النشطاء حالة الارتباك في المشهد الليبي، وصمت كل المختلفين حيالها، بأنهم ينتظرون ما سيسفر عن يوم غد الجمعة، وتحديداً عن اجتماع الدول التي تستضيفها باريس في مؤتمر حول ليبيا، والتي لم تخف أن مسألة الانتخابات هي على رأس أجندة المؤتمر المرتقب.