ساد الهدوء، اليوم الإثنين، مدينة الرقة شرقي سورية، بعد يوم من تظاهر الآلاف من السكان للمطالبة بـ "القصاص" من عنصر في "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) اعترف بقتل امرأة وطفلتها منذ أيام عدة مع شريكة له، ما أثار غضباً من المتوقع أن يتصاعد في حال عدم الاستجابة مع المطالب الشعبية.
وكانت قوى الأمن الداخلي (الأسايش) التابعة لـ"الإدارة الذاتية"، في شمال شرقي سورية، قد اعتقلت، أمس الأحد، عدداً من المتظاهرين واصفة إياهم بـ "المخربين"، متهمة إياهم بأنهم "قاموا بالتهجم على أملاك المواطنين في السوق"، وفق بيان لها اليوم الإثنين، وجاء فيه أنّ "قوى الأمن الداخلي ألقت القبض على الأشخاص الأربعة الذين قاموا بارتكاب جريمة قتل المرأة وابنتها وتم تسليمهم للجهات القضائية، بانتظار قرار المحكمة بحقهم".
وكان عنصر من "قسد" قد قتل مع شريكة له، منتصف الشهر الجاري، امرأة في العقد الثالث، كانت حاملاً، طعناً بآلة حادة وابنتها البالغة من العمر ثماني سنوات، ويطالب الأهالي بإعدام القاتل الذي اعترف بجريمته مع شركاء له بدافع السرقة، في ظل مخاوف من "تمييع" القضية، وعدم تنفيذ حكم الإعدام بحق المدانين بالجريمة بذريعة أنّ قوانين "الإدارة الذاتية" لا تجيز حكم الإعدام.
#الرقة #عاجـل
— يوسف الرحيم أبو الطيب (@D1MHMOF4KPr53P9) January 22, 2023
خرجت الان مظاهرة تطالب بأعدام قتلة السيدة " نورا الأحمد" وطفلتها بالقرب من دوار النعيم وسط مدينة الرقة للقصاص من القتلة pic.twitter.com/GTgdmPFqYK
وفي السياق، قال أحمد.س، الذي كان ضمن المتظاهرين، لـ"العربي الجديد": "خرجنا للمطالبة بحقوق وليس للعبث والتخريب كما تزعم الأسايش"، وأشار إلى أنّ "الأهالي لن يقبلوا بأقل من القصاص العادل"، مضيفاً "أي محاولة للتهرب من معاقبة المجرم بما يستحق ستُواجه بغضبة شعبية كبيرة".
وأوضح أحمد أنّ محافظة الرقة "تحكمها علاقات عشائرية لا يمكن لأحد تجاوزها تحت أي ذريعة"، مضيفاً "مطالب أهل الرقة لا تتوقف عند معاقبة مجرم فحسب، بل إلى تخفيف القبضة الأمنية، والتعامل مع الفساد المستشري في مفاصل الإدارة، وعدم تهميش أهالي المحافظة من قبل سلطة الأمر الواقع، كما كان يفعل النظام قبل عام 2011". وبيّن أنّ الرقة "تشهد حراكاً مدنياً شبابياً سلمياً غايته وضع حد لتجاوزات المسؤولين في الإدارة"، مضيفاً "لو كان القاتل يعلم أنه سيلاقي عقاباً رادعاً لما أقدم على فعلته".
وبيّنت مصادر محلية كانت حاضرة في التظاهرة، التي خرجت في ساحة النعيم بالرقة، أنّ عدداً من شيوخ العشائر والوجهاء، أبرزهم الشيخ هويدي الشلاش شيخ قبيلة العفادلة، "تعهدوا للمتظاهرين بتحقيق العدالة والقصاص من القاتل"، وفق المصادر.
وتراجعت قوات "قسد"، أمس الأحد، عن قرار فرض حظر للتجول في مدينة الرقة في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي. وتسيطر "قسد"، التي تشكل الوحدات الكردية ثقلها الرئيسي، على مدينة الرقة وجلّ ريفها منذ أواخر عام 2017، حيث سيطرت عليها بعد طرد تنظيم "داعش" من المدينة من قبل التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
وتعد الرقة من أكبر المحافظات السورية لجهة المساحة، حيث تبلغ أكثر من 20 ألف كيلو متر مربع، وهي اليوم مقسمة بين قوى عدة؛ حيث تسيطر "قسد" على جل المحافظة بدءاً من قرية دبسي فرج غرباً إلى بلدة معدان شرقاً، بما فيها مدينة الطبقة التي تضم سد الفرات وهو أكبر السدود في سورية، بينما تسيطر فصائل سورية معارضة على مدينة تل أبيض التابعة لمحافظة الرقة على الحدود السورية التركية.
وللنظام السوري وجود ضمن الحدود الإدارية لمحافظة الرقة، حيث يسيطر على قرى في ريفها الغربي وأخرى في ريفها الجنوبي الشرقي، وعلى جل البادية التابعة للمحافظة.
ومرّت الرقة منذ عام 2011 بالعديد من التحولات، حيث سيطرت عليها فصائل المعارضة في عام 2013، قبل أن يطردها تنظيم "داعش" في عام 2014 والذي بقي في المحافظة حتى أواخر عام 2017.