مرة تلو الأخرى تعود غزة إلى صدارة المشهد الفلسطيني لتكون رهاناً ضد مخططات الاحتلال الإسرائيلي وتصفية القضية، ولست هنا من دعاة اختصار فلسطين في قطاع غزة، ولكنه اختصار لا يعني إغفال فلسطين التاريخية أو اختصارها في القطاع إطلاقا، ولكن خصوصية غزة في المشهدين الفلسطيني أولا والعربي الإقليمي ثانيا، فهي أول من تصدى لصفقة التوطين الأولى في مارس/آذار من عام 1955.
غزة أعمق من القدرة على استدعاء تاريخها الإنساني والسياسي والاجتماعي وهي بموضوعية الباحث والمتابع رأس الحربة في كل الحيثيات وهي الرأس في كل التطورات المعاصرة التي مرت بها القضية الفلسطينية منذ نكبة عام 1948 مرورا بنكسة عام 1967 وصولا لصفقة القرن والتي بموجب ملامحها تختصر فلسطين التاريخية في دولة غزة، وكي تمر الصفقة يجب تطويع غزة وتركيعها أولا.
وتدرك الولايات المتحدة وحلفاؤها العرب أن قطاع غزة استطاع من خلال أن يكون شرارة انتفاضة عام 1987 بأن يخلط كل الأوراق، وأنه عندما انطلق إسلاميو فلسطين صوب العمل العسكري والمقاومة انطلقوا من غزة، وعندما تردت التسوية المزعومة عقب لقاءات كامب ديفيد 2، حين بلغت الضغوط الأميركية – الإسرائيلية حدا لم يكن بمقدور الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات احتماله، استحضر غزة وانتفاضة الأقصى عام 2000، التي نجم عنها اتخاذ رئيس وزراء الاحتلال حينها أرييل شارون قرارا بالانسحاب من قطاع غزة وإخلاء مستوطناتها في عام 2005، وذلك على وقع العمليات الاستشهادية التي باتت روتين المقاومة اليومي في اختراق المستوطنات، حتى بات كل موقع عسكري إسرائيلي وكل حاجز ومعبر في غزة على موعد مع تفجير نفق أسفله.
وبعدما أريد لها أن تكون نهاية المطاف وفق صفقة غزة أريحا أولا، عادت في صيف عام 2005 لتكون أول أرض فلسطينية محررة من الاحتلال الإسرائيلي. واليوم قدر غزة وحدها أن تواجه كل المخططات وكأنه ما كان ينبغي لها أن تتحرر. وهو التحرير الذي أعادها لدائرة الاستهداف، فبات تركيعها وحصارها والتضييق عليها وإلهاؤها تارة والحرب عليها تارة أخرى وشيطنتها تارة ثالثة وإخراجها من المعادلة الفلسطينية والعربية تارة رابعة هو محور تنفيذ مقتضيات صفقة القرن. وما بين مشروع التوطين الأول في سيناء ومشروع صفقة القرن الآن تقف غزة.
لأن الأمر ببساطة شديدة أن هناك تجربة في قدرة غزة على تجميد كل المشاريع والصفقات والتسويات والتصفيات، ولأن خطاب الرفض الوحيد للصفقة ومخرجاتها صدر من غزة عندما أعلن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية أن صفقة القرن لن تمر حتى لو فُصلت رؤوسنا عن أجسادنا، وهو خطاب متقدم على كل الأدبيات العربية في المنطقة التي تتماهى مع ما هو مطروح أميركياً، وبالتالي فإن الجبهة الوحيدة والأخيرة والأخطر في رفض تمرير الصفقة والتصدي لها هي غزة التي تكون ضدها ما يشبه المنظومة لحصارها وإجبارها على الاستجابة والقبول بدويلة غزة.
ما تتعرض له غزة الآن من حصار وتضييق وإغلاق معابر وتخفيض معونات وانقطاع كهربائي وخصومات رواتب وتقزيم وتحجيم وتمكين وتردي المصالحة والشيطنة هو ببساطة عينة لمقتضيات وضرورات تمرير صفقة القرن، فهذه الصفقة كغيرها لن تمر إلا على أنقاض غزة بفارق أن غزة عام 1955 لم تعد هي غزة ذاتها الآن، وما كان متاحا تمريره لم يعد الآن ممكنا مجرد الإفصاح عنه حتى بعد عشر سنوات من التطويع ما زالت غزة تشكل هاجساً.
تبدلت الأدوات بتبدل الأدوار، وحلت الجزرة عربياً بدل العصا الإسرائيلية – الأميركية، وملمح ذلك كنت أظنه التقرب من حركة حماس مثلا أو إعادة غزة إلى خريطة الاهتمام العربي، لكن ما لا يمكن فهمه أن يتطوع بعض العرب ليُفرد مساحات وعناوين ليخبرنا عن مكاسب غزة من صفقة القرن، فيستعرض أحد جهابذة التماهي ليقول إن غزة الآن بوضعها الحالي غير قابلة للحياة، والسؤال من الذي جعل غزة غير قابلة للحياة؟ أو إن أراضي غزة غير كافية لاستيعاب الزيادة السكانية.. ترى من سرق أرض فلسطين؟ ويستمر التدليس العربي المتساوق حد التماهي مع المخطط ؛ بأن غزة لن تتمكن من العيش بسعادة ورفاه على قطعة أرض محدودة لا تسمح بالتطوير والتنمية ويستحيل بناء ميناء بحري بحجم معقول فيها وإن اقتراب الميناء من إسرائيل سيجعله في دائرة الاستهداف.
نسي داعمو صفقة القرن العرب أن غزة محاصرة بفعل عربي رسمي، وما تتعرض له يتم بمباركة عربية، وأن الذين يتباكون على تلاشى حياة الرفاهية إذا رفضت غزة الصفقة عليهم أن يعلموا أن أهل غزة باتوا بفضل التماهي العربي مع الاحتلال الإسرائيلي والمطامع الأميركية محاصرين ومعتقلين في سجن كبير بفضل هذا التماهي، وأما الذين اتخذوا من سطحية إدراكهم
مدخلا للفهم وصولا للتنظير باستحالة بناء ميناء في غزة نقول لهم إنه قبل عقد ونصف كانت غزة تضع حجر الأساس للميناء ولسانه البحري بعدما انتهت من بناء مطار غزة الدولي، ولكن إسرائيل داست ذلك كله وردمته؛ واليوم يتطوع العرب لتطويع غزة واختصار فلسطين في دويلة على 2 % من مساحة فلسطين ويُملي بعضهم على السلطة الفلسطينية أن عليها أن توافق على أبو ديس عاصمة لهذه الدويلة. وإلا لا دعم ولا معونة.
ولا يبدو هذا الموقف أو ذاك العرض العربي سيتوقف عند حد معين من حدود التماهي حتى ولو وصل حد القطيعة بينه وبين السلطة الخجولة من قبول أبو ديس وفق العرض كعاصمة، والراجح والمتوقع أنّ الضغط سيمضي بعيدا ربما للحد الذي لا تستطيع السلطة الفلسطينية احتماله وأن في صفقة القرن صفقات.
قد يُفهم تماهي الحالة العربية مع إسرائيل وفق حالة الهرولة صوب التطبيع وقد يُفهم الصمت العربي على حصار غزة والعدوان الإسرائيلي عليها في ثلاث حروب؛ ولكن أن يصل حد الترويج حتى بلغ أن يقال إنه بإمكان غزة بناء مدينة جديدة في سيناء تستوعب مليون شخص على الأقل، وأن هناك فوائد اقتصادية لهذه التوسعة المرتقبة لقطاع غزة ويهمس ثالث أن غزة الجديدة ستكون جاذبة للاستثمار وبإمكان الفلسطينيين أن يصنعوا من غزة الجديدة منطقة جذب لتصبح مركز تجاري دولي.
ثم يتطوع صوت عربي آخر ليدُس السم فيقول إن كل هذه المكاسب والامتيازات "مقابل أن يتنازل الفلسطينيين عن جزء من الضفة الغربية يشغله المستوطنون منذ عشرات السنين"، ويُكمل أن هذا التنازل قد يكون مؤلما لكن لا يمكن مقارنته بحجم الفوائد والمكاسب التي ستحققها غزة في المستقبل، لا أريد الاستزادة والاستفاضة لكننا أمام حالة تزوير عربية غير مسبوقة؛ قد نتفهم التآمر الرسمي والالتفاف على الحركة الوطنية الفلسطينية واللجوء الفلسطيني وقد نستوعب النكبة والنكسة كنتائج للتعاطي العربي مع الحالة الفلسطينية لكن ما لا يمكن استيعابه أن هناك أصواتا عربية رسمية باتت جزءاً من ترهيب الفلسطينيين تارة بالحرب والتصعيد وتارة بالرفاهة والنمو والتطور، وما بين الترهيب والترغيب يموت الفلسطيني في غزة في انتظار تحويله للعلاج وعلى نفقته الخاصة، وإن مات في الخارج يحتاج لإذن عربي رسمي ليعود ليدفن في غزة وربما يبقى ينتظر.
إن معطيات المشهد عربيا أولا وفلسطينيا ثانيا تُفضي إلى معادلة مفادها أن غزة بوابة تمرير صفقة القرن حتى لو اقتضى الأمر الخروج للحرب الرابعة. وللحرب روايتان الأولى تقول إن الحرب ستجبر غزة على تمرير الصفقة قهرا لا طواعية، والثانية أن الحرب على غزة لن تكون مجرد جولة فلا يعلم أحد ما في جعبة المقاومة هناك؛ وإن وقعت الحرب فإنها ستعطل كل المشاريع والصفقات وستحرج كل حلفاء وأصدقاء إسرائيل من العرب. تمرير الصفقة يعني تلاشي المقاومة هكذا المعادلة وهي نتيجة صفرية باتت تحكم وقائع الصراع ما بين المقاومة الفلسطينية في غزة وأركان صفقة القرن.
إن استحضار التماهي العربي مع إسرائيل والإدارة الأميركية لا يعني إعفاء المكون الفلسطيني المُصر على تعطيل المصالحة والبقاء في مربع الانقسام السياسي والجغرافي والوطني، لأن واحداً من أهم مقومات التفرد الإسرائيلي والتماهي العربي والتغول الأميركي هو حالة الانقسام، وبالتالي فإن استمرار هذا الانقسام يعني توفير وتهيئة بيئة حاضنة لتمرير صفقة القرن بيد فلسطينية تُصر على موقفها وعلى تعطيل التصالح بين الفلسطينيين في الوطن الواحد المستهدف في بقائه.
غزة أعمق من القدرة على استدعاء تاريخها الإنساني والسياسي والاجتماعي وهي بموضوعية الباحث والمتابع رأس الحربة في كل الحيثيات وهي الرأس في كل التطورات المعاصرة التي مرت بها القضية الفلسطينية منذ نكبة عام 1948 مرورا بنكسة عام 1967 وصولا لصفقة القرن والتي بموجب ملامحها تختصر فلسطين التاريخية في دولة غزة، وكي تمر الصفقة يجب تطويع غزة وتركيعها أولا.
وتدرك الولايات المتحدة وحلفاؤها العرب أن قطاع غزة استطاع من خلال أن يكون شرارة انتفاضة عام 1987 بأن يخلط كل الأوراق، وأنه عندما انطلق إسلاميو فلسطين صوب العمل العسكري والمقاومة انطلقوا من غزة، وعندما تردت التسوية المزعومة عقب لقاءات كامب ديفيد 2، حين بلغت الضغوط الأميركية – الإسرائيلية حدا لم يكن بمقدور الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات احتماله، استحضر غزة وانتفاضة الأقصى عام 2000، التي نجم عنها اتخاذ رئيس وزراء الاحتلال حينها أرييل شارون قرارا بالانسحاب من قطاع غزة وإخلاء مستوطناتها في عام 2005، وذلك على وقع العمليات الاستشهادية التي باتت روتين المقاومة اليومي في اختراق المستوطنات، حتى بات كل موقع عسكري إسرائيلي وكل حاجز ومعبر في غزة على موعد مع تفجير نفق أسفله.
وبعدما أريد لها أن تكون نهاية المطاف وفق صفقة غزة أريحا أولا، عادت في صيف عام 2005 لتكون أول أرض فلسطينية محررة من الاحتلال الإسرائيلي. واليوم قدر غزة وحدها أن تواجه كل المخططات وكأنه ما كان ينبغي لها أن تتحرر. وهو التحرير الذي أعادها لدائرة الاستهداف، فبات تركيعها وحصارها والتضييق عليها وإلهاؤها تارة والحرب عليها تارة أخرى وشيطنتها تارة ثالثة وإخراجها من المعادلة الفلسطينية والعربية تارة رابعة هو محور تنفيذ مقتضيات صفقة القرن. وما بين مشروع التوطين الأول في سيناء ومشروع صفقة القرن الآن تقف غزة.
لأن الأمر ببساطة شديدة أن هناك تجربة في قدرة غزة على تجميد كل المشاريع والصفقات والتسويات والتصفيات، ولأن خطاب الرفض الوحيد للصفقة ومخرجاتها صدر من غزة عندما أعلن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية أن صفقة القرن لن تمر حتى لو فُصلت رؤوسنا عن أجسادنا، وهو خطاب متقدم على كل الأدبيات العربية في المنطقة التي تتماهى مع ما هو مطروح أميركياً، وبالتالي فإن الجبهة الوحيدة والأخيرة والأخطر في رفض تمرير الصفقة والتصدي لها هي غزة التي تكون ضدها ما يشبه المنظومة لحصارها وإجبارها على الاستجابة والقبول بدويلة غزة.
ما تتعرض له غزة الآن من حصار وتضييق وإغلاق معابر وتخفيض معونات وانقطاع كهربائي وخصومات رواتب وتقزيم وتحجيم وتمكين وتردي المصالحة والشيطنة هو ببساطة عينة لمقتضيات وضرورات تمرير صفقة القرن، فهذه الصفقة كغيرها لن تمر إلا على أنقاض غزة بفارق أن غزة عام 1955 لم تعد هي غزة ذاتها الآن، وما كان متاحا تمريره لم يعد الآن ممكنا مجرد الإفصاح عنه حتى بعد عشر سنوات من التطويع ما زالت غزة تشكل هاجساً.
تبدلت الأدوات بتبدل الأدوار، وحلت الجزرة عربياً بدل العصا الإسرائيلية – الأميركية، وملمح ذلك كنت أظنه التقرب من حركة حماس مثلا أو إعادة غزة إلى خريطة الاهتمام العربي، لكن ما لا يمكن فهمه أن يتطوع بعض العرب ليُفرد مساحات وعناوين ليخبرنا عن مكاسب غزة من صفقة القرن، فيستعرض أحد جهابذة التماهي ليقول إن غزة الآن بوضعها الحالي غير قابلة للحياة، والسؤال من الذي جعل غزة غير قابلة للحياة؟ أو إن أراضي غزة غير كافية لاستيعاب الزيادة السكانية.. ترى من سرق أرض فلسطين؟ ويستمر التدليس العربي المتساوق حد التماهي مع المخطط ؛ بأن غزة لن تتمكن من العيش بسعادة ورفاه على قطعة أرض محدودة لا تسمح بالتطوير والتنمية ويستحيل بناء ميناء بحري بحجم معقول فيها وإن اقتراب الميناء من إسرائيل سيجعله في دائرة الاستهداف.
نسي داعمو صفقة القرن العرب أن غزة محاصرة بفعل عربي رسمي، وما تتعرض له يتم بمباركة عربية، وأن الذين يتباكون على تلاشى حياة الرفاهية إذا رفضت غزة الصفقة عليهم أن يعلموا أن أهل غزة باتوا بفضل التماهي العربي مع الاحتلال الإسرائيلي والمطامع الأميركية محاصرين ومعتقلين في سجن كبير بفضل هذا التماهي، وأما الذين اتخذوا من سطحية إدراكهم
ولا يبدو هذا الموقف أو ذاك العرض العربي سيتوقف عند حد معين من حدود التماهي حتى ولو وصل حد القطيعة بينه وبين السلطة الخجولة من قبول أبو ديس وفق العرض كعاصمة، والراجح والمتوقع أنّ الضغط سيمضي بعيدا ربما للحد الذي لا تستطيع السلطة الفلسطينية احتماله وأن في صفقة القرن صفقات.
قد يُفهم تماهي الحالة العربية مع إسرائيل وفق حالة الهرولة صوب التطبيع وقد يُفهم الصمت العربي على حصار غزة والعدوان الإسرائيلي عليها في ثلاث حروب؛ ولكن أن يصل حد الترويج حتى بلغ أن يقال إنه بإمكان غزة بناء مدينة جديدة في سيناء تستوعب مليون شخص على الأقل، وأن هناك فوائد اقتصادية لهذه التوسعة المرتقبة لقطاع غزة ويهمس ثالث أن غزة الجديدة ستكون جاذبة للاستثمار وبإمكان الفلسطينيين أن يصنعوا من غزة الجديدة منطقة جذب لتصبح مركز تجاري دولي.
ثم يتطوع صوت عربي آخر ليدُس السم فيقول إن كل هذه المكاسب والامتيازات "مقابل أن يتنازل الفلسطينيين عن جزء من الضفة الغربية يشغله المستوطنون منذ عشرات السنين"، ويُكمل أن هذا التنازل قد يكون مؤلما لكن لا يمكن مقارنته بحجم الفوائد والمكاسب التي ستحققها غزة في المستقبل، لا أريد الاستزادة والاستفاضة لكننا أمام حالة تزوير عربية غير مسبوقة؛ قد نتفهم التآمر الرسمي والالتفاف على الحركة الوطنية الفلسطينية واللجوء الفلسطيني وقد نستوعب النكبة والنكسة كنتائج للتعاطي العربي مع الحالة الفلسطينية لكن ما لا يمكن استيعابه أن هناك أصواتا عربية رسمية باتت جزءاً من ترهيب الفلسطينيين تارة بالحرب والتصعيد وتارة بالرفاهة والنمو والتطور، وما بين الترهيب والترغيب يموت الفلسطيني في غزة في انتظار تحويله للعلاج وعلى نفقته الخاصة، وإن مات في الخارج يحتاج لإذن عربي رسمي ليعود ليدفن في غزة وربما يبقى ينتظر.
إن معطيات المشهد عربيا أولا وفلسطينيا ثانيا تُفضي إلى معادلة مفادها أن غزة بوابة تمرير صفقة القرن حتى لو اقتضى الأمر الخروج للحرب الرابعة. وللحرب روايتان الأولى تقول إن الحرب ستجبر غزة على تمرير الصفقة قهرا لا طواعية، والثانية أن الحرب على غزة لن تكون مجرد جولة فلا يعلم أحد ما في جعبة المقاومة هناك؛ وإن وقعت الحرب فإنها ستعطل كل المشاريع والصفقات وستحرج كل حلفاء وأصدقاء إسرائيل من العرب. تمرير الصفقة يعني تلاشي المقاومة هكذا المعادلة وهي نتيجة صفرية باتت تحكم وقائع الصراع ما بين المقاومة الفلسطينية في غزة وأركان صفقة القرن.
إن استحضار التماهي العربي مع إسرائيل والإدارة الأميركية لا يعني إعفاء المكون الفلسطيني المُصر على تعطيل المصالحة والبقاء في مربع الانقسام السياسي والجغرافي والوطني، لأن واحداً من أهم مقومات التفرد الإسرائيلي والتماهي العربي والتغول الأميركي هو حالة الانقسام، وبالتالي فإن استمرار هذا الانقسام يعني توفير وتهيئة بيئة حاضنة لتمرير صفقة القرن بيد فلسطينية تُصر على موقفها وعلى تعطيل التصالح بين الفلسطينيين في الوطن الواحد المستهدف في بقائه.