أعرب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث، اليوم الخميس، عن قلقه إزاء تصنيف الولايات المتحدة لجماعة الحوثيين كجماعة إرهابية، لافتاً إلى أن ذلك قد يؤثر سلباً على المفاوضات والأوضاع الإنسانية في البلد.
وأكد في الوقت ذاته على نيته في الاستمرار بالتعامل مع جماعة الحوثيين مهما كان التصنيف، مطالباً بإلغاء التصنيف، ومشدداً على أن ذلك قد يؤدي إلى مجاعة في اليمن.
وجاءت أقوال غريفيث، خلال إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك خلال جلسته الشهرية حول اليمن. وتحدث غريفيث عن هجمات مطار عدن نهاية العام الماضي التي قتل فيها العشرات بمن فيهم عاملون في الحكومة اليمنية وصحافي وعاملون في المجال الإنساني.
ودان غريفيث الهجمات، وقال إنها يمكن أن ترقى لمستوى جريمة حرب. وعبر عن تضامنه مع الحكومة الجديدة التي قررت البقاء بعدن بالرغم من المخاطر. ولفت غريفيث إلى أن الحكومة اليمنية خلصت بعد تحقيقاتها إلى مسؤولية جماعة الحوثيين عن الهجمات. يُذكر أن الأمم المتحدة لم تحدد من جانبها بشكل مستقل الجهات المسؤولة عن تلك الهجمات.
وبدا غريفيث أكثر تشاؤماً، ووصف المسار السياسي باليمن بأنه أكثر صعوبة مقارنة بالشهر الماضي، مؤكداً، في الوقت ذاته، على أن السلام ممكنٌ إذا ما توفرت الإرادة عند الأطراف.
غريفيث لـ #مجلس_الأمن: "لم يكن الطريق إلى السلام في #اليمن سهلاً أبدًا في الماضي. وأعتقد أنه الآن بات أكثر صعوبة بكثير مما كان عليه قبل شهر.
— @OSE_Yemen (@OSE_Yemen) January 14, 2021
ولكن لازال هناك مخرج. حتى بعد كل المآسي التي عانى منها اليمنيون، فإن السلام ممكن حين توجد الإرادة لتحقيقه ".
وذكّر غريفيث بضرورة فتح مطار صنعاء الدولي والاتفاق على إطلاق سراح مزيد من المعتقلين والسجناء ورحب بالاجتماع المرتقب بين الأطراف لمناقشة الملف. وتحدث عن الإعلان المشترك الذي يتم التفاوض عليه والذي يمثل مجموعة من المقترحات تشمل وقف إطلاق النار وتدابير إنسانية واقتصادية واستئناف العملية السياسية.
وقال إن الأطراف اتفقت على وقف إطلاق النار، إلا أن هناك خلافات متعلقة بالمقترحات الإنسانية والاقتصادية وتتعلق بطريقة دفع الرواتب في القطاع العام وعملية الاستيراد عبر ميناء الحديدة وفتح مطار صنعاء للطيران الدولي. وأكد على ضرورة اعتماد الاقتراحات الواردة للمفاوضات، لافتاً إلى أن استئناف العملية السياسية التي تشمل الجميع وترمي إلى إنهاء النزاع بشكل شامل أمر ضروري.
من جهته قال مساعد الأمين العام للشؤون الإنسانية في حالة الطوارئ، مارك لوكوك، إن الأولوية القصوى حالياً في اليمن هي تجنب المجاعة. ثم أردف: "لقد أظهرت البيانات أن حوالي 16 مليون يمني سوف يعانون من الجوع هذا العام، وقرابة خمسين ألفا يتضورون جوعا حتى الموت وهي بمثابة مجاعة مصغرة ويتبعهم قرابة خمسة ملايين آخرين يبعدون خطوة واحدة عن تلك المستويات، وأي قرار يتخذه العالم حول اليمن يجب أن يأخذ ذلك بعين الاعتبار."
وأضاف لوكوك في هذا السياق: "أعلنت الولايات المتحدة الأحد نيتها إدراج جماعة الحوثيين على قائمة الجماعات الإرهابية الأجنبية وفقا للقانون الأميركي. ولأشهر عدة اعترضت الوكالات الإنسانية الفاعلة في اليمن على ذلك.
وترى المنظمات الإنسانية أن ذلك قد يؤدي إلى انتشار المجاعة في اليمن على نطاق واسع. وشرح لوكوك الأسباب وراء ذلك، قائلاً: " اليمن يستورد تسعين في المائة من احتياجاته الغذائية وأغلبها تأتي من قنوات تجارية، أما الوكالات المقدمة للمساعدات، فإنها تعطي قسائم أو أموالا نقدية للمحتاجين لشراء تلك الأغذية المستوردة تجارياً من الأسواق، ولا يمكن لهذه الوكالات أن تأتي ببديل عن المنظومة التجارية للاستيراد".
وأضاف لوكوك: "لقد سألنا التجار عن تأثير ذلك على أعمالهم، لافتاً إلى أنهم لن يستطيعوا مواصلة استيراد تلك المواد داخل اليمن، وهم يعتقدون أن القائمين على الإمداد والمصارف وأعمال الشحن والتأمين وغيرها سيرفضون العمل معهم إذا ما تمت عملية الإدراج بالفعل".
وحول الإعفاءات التي تقول الولايات المتحدة إنها يمكن أن تعطيها للمنظمات الإنسانية، أكد لوكوك أنها لن تكون مثمرة لأن أغلب المواد لا تستوردها الوكالات، مشدداً على زيادة الصعوبات في تقديم المساعدات في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية.
وأضاف في هذا السياق: "هناك حالات اختراق في المخازن واحتجاز العاملين في المجال الإنساني وهجمات ضد أماكن المساعدات الإنسانية وهذا توجه مقلق، والتحدي الأكبر هو الوصول السريع وبدون عوائق في الشمال".
وتحدث عن نقص شديد في صندوق المساعدات الإنسانية لليمن، مؤكداً على أن دول الخليج، السعودية والإمارات، لم تقدم نفس الحجم من المساعدات التي كانت قدمتها في سنوات ماضية. كما شدد على أن رجوع الولايات المتحدة عن قرارها سيمنع حدوث مجاعة واسعة النطاق على مستوى لم يشهد من قبل على مدار العقود الأربعة الأخيرة.
من جهته، قال المدير التنفيذي لمنظمة الغذاء العالمي، ديفيد بيزلي، إن "هناك حالياً ستة عشر مليون يمني يعانون من أجل الحصول على الغذاء وبشكل يومي، وخمسة ملايين يمني على حافة الجوع ونفتقر إلى الأموال الآن ونحتاج إلى 860 مليون دولار فقط لمنع المجاعة على مدار ستة أشهر، ولم نحصل على نصف المبلغ، مما يعني أنه علينا الاقتصاد بما هو متاح الآن".
وأضاف بيزلي: "نقدم حالياً المساعدات الغذائية لثلاثة عشر مليون يمني وسنضطر أن نعطي تسعة ملايين منهم نصف الكمية بدءا من هذا العام. ثم تساءل حول ما سيحدث لخمسة ملايين يمني يعانون من تصنيف إلى مستوى الحافة الطارئة وهم على حافة المجاعة، مناشداً الولايات المتحدة بالتراجع عن إدراجها لجماعة الحوثيين كمنظمة إرهابية.
وتابع: "نتوقع أن ثمانين في المائة من سكان اليمن سينتقلون للتصنيفات الثالثة والرابعة والخامسة لمراحل الأمن الغذائي في حال تم تنفيذ إدراج الحوثيين على قائمة الجماعات الإرهابية".
وناشد بيزلي دول الخليج بتعزيز مساهماتها ومساعداتها الإنسانية المالية لليمن، مضيفاً: "بصراحة يجب أن يضغط مجلس الأمن على كل الأطراف المعنية والضالعة في هذه الحرب، وعلى دول الخليج والسعودية لتوفير التمويل اللازم لليمن".
من جهة أخرى، قال كبير المفاوضين بجماعة الحوثيين محمد عبد السلام إن الحركة لن تنسحب من محادثات السلام مع الأمم المتحدة والسعودية رغم قرار الولايات المتحدة تصنيف الجماعة المتحالفة مع إيران منظمة إرهابية.
وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قال إن الإدراج في القائمة السوداء الذي يستوجب فرض عقوبات على الجماعة وثلاثة من أعضائها سيدخل حيز التنفيذ يوم 19 يناير/ كانون الثاني في نهاية ولاية إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وكان ثلاثة مسؤولين كبار بالأمم المتحدة دعوا الولايات المتحدة في وقت سابق اليوم الخميس إلى التراجع عن القرار، محذرين من أنه سيدفع اليمن إلى مجاعة واسعة النطاق وسيعرقل جهود السلام.