عبّر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، عن أسفه لعدم تمكن الأطراف اليمنية من تمديد الهدنة التي انتهت في بداية الشهر الحالي، مؤكداً في الوقت ذاته أنّ الفرصة لم تفت للعمل على تمديدها، ورحب في الوقت ذاته بالتزام الأطراف بضبط النفس عموماً.
وجاءت تصريحات المسؤول الأممي خلال إحاطته الشهرية، عبر تقنية الفيديو، أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، حول الوضع في اليمن.
وتحدث غروندبرغ عن جهوده المكثفة منذ يوليو/تموز، للعمل على تمديد الهدنة، كما وأشار إلى تقديمه بداية الشهر، بعد اجتماعات مكثفة مع جميع الأطراف، اقتراحاً منقحاً حول توسيعها والبناء على عناصرها، وتحدث عن عدد من النقاط التي تمحور حولها اقتراحه، وكان من بينها تمديدها لستة أشهر إضافية (انتهت في الثاني من أكتوبر) وتوسيع عناصرها.
وشدد على أنّ مقترحه أخذ بعين الاعتبار طلبات جميع الأطراف وحاول الموازنة بينها، مبيناً أنّ تفاصيلها شملت "وقفاً مستمراً لجميع العمليات الهجومية، وتعزيز آلية التنسيق العسكرية كقناة لآلية خفض التصعيد والتنسيق، كما خلق آليات شفافة وفعالة لدفع أجور الموظفين المدنيين من رواتب وتقاعد، بالإضافة إلى فتح تدريجي للطرق في تعز والمحافظات الأخرى". وأوضح أن مقترحه يتضمن أيضاً زيادة عدد الرحلات من وإلى مطار صنعاء. بالإضافة إلى التدفق الدوري للوقود لمرافئ الحديدة، والالتزام بإطلاق المحتجزين بشكل فوري، ولفت الانتباه إلى أنّ اقتراحه تضمن خلق إطار يتيح استئناف المفاوضات بشأن المسائل الاقتصادية، ووقف إطلاق نار دائم، واستئناف عملية سياسية تعود قيادتها لليمنيين وتشمل الجميع.
وأثنى المبعوث الأممي على "موقف الحكومة اليمنية وانخراطها بشكل إيجابي مع الاقتراح"، وقال إنه "يؤسفني أنّ أنصار الله قدموا طلبات إضافية لم نتمكن من تلبيتها"، مرحباً بالتزام الأطراف بضبط النفس، على الرغم من وجود مناوشات مدفعية في عدد من المناطق، من بينها في مناطق تعز والحديدة والدحل.
وأكد غروندبرغ أنه وعلى الرغم من عدم تمديد الهدنة، إلا أنّ الرحلات بين صنعاء وعمان استمرت، كما استمرت سفن الوقود بالدخول إلى مرافئ الحديدة، داعياً الأطراف لتثبيت الضمانات التي فُعلت في إطار الهدنة، كما وتوقف عند المكاسب التي تم تحقيقها خلال الهدنة، والتي استمرت لقرابة ستة أشهر، وجاءت بعد اقتتال استمر قرابة الثماني سنوات.
وقال إن الأطراف تقف أمام خيار للبناء على ما تم تحقيقه خلال الأشهر الستة والمضي نحو السلام، وهو ما يتوقعه منهم الشعب اليمني، مضيفاً: "وإلا فإن العودة للحرب ستعني زيادة معاناة المدنيين"، مشدداً على أنّ اليمنيات هن من يتحملن أعباء الحرب وتبعاتها السلبية أكثر من غيرهن.
كما وحذر المتحدث من أنّ العودة لخيار الحرب ستكون لها عواقب كبيرة وآثار مزعزعة لاستقرار المنطقة.
وعن جهوده منذ انتهاء الهدنة، أكد غروندبرغ على زيارات قام بها لعدد من دول الجوار، وعبر عن قناعته بأنّ هناك إمكانية متاحة لتمديد وتوسيع الهدنة.
إلى ذلك، تحدثت نائبة مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، جويس ميسويا، عن زيارتها الحالية لليمن ولعدن ومأرب وصنعاء والحديدة، وحثت جميع الأطراف على تلافي أي تصعيد، كما والانخراط في المفاوضات من أجل التوصل إلى توسيع وتمديد الهدنة.
وتحدثت أيضاً عن خطر الألغام، والأجهزة المنفجرة يدوية الصنع، والذخائر غير المنفجرة، مشيرةً إلى أنّه قُتل وجرح سبعون مدنياً جراء انفجارها الشهر الماضي فقط، كما وأشارت إلى أنّ آثارها لا تقتصر على قتل وتشويه المدنيين اليمنيين، بل تعيق كذلك أنشطة الصيد والزراعة والذهاب إلى المدارس وجميع ممارسات الحياة اليومية.
وأضافت أنّ "الحديدة التي أتحدث منها اليوم هي الأكثر تضرراً من أخطار المواد المتفجرة"، مشيرة إلى لقائها الفتى يوسف، الذي فقد رجليه بعدما انفجر لغم به، فيما كان عليه السفر لساعتين قبل الوصول إلى المستشفى.
كما وتحدثت عن غلاء الأسعار، ولقاءاتها مع أطباء ومدرسين لا تُدفع رواتبهم أو فقط جزء بسيط منها، مشددةً على ضرورة التحرك وبشكل فوري للحد من تلك المخاطر، بما فيه دعم مشاريع لإزالة تلك الألغام وتيسير استيراد التجهيزات الضرورية لإزالتها.
كما وتحدثت عن انهيار الاقتصاد اليمني، والغلاء، وعدم قدرة اليمنيين على شراء المواد الغذائية في الأسواق بسبب غلائها، وشددت على ضرورة استمرار تدفق الواردات التجارية لليمن.
وأشارت إلى تحذيرات الأمم المتحدة حول إمكانية توقف آلية التحقق والتفتيش لأنشطتها بسبب نقص في تمويلها، وعبّرت عن امتنانها لعدد من الدول الغربية لتقديمها الدعم المادي، الذي يضمن استمرار عمل الآلية للأشهر القادمة.
وحول صندوق المساعدات الإنسانية التابع للأمم المتحدة، والنقص الذي يواجهه، قالت إنه "على الرغم من تحقيقنا بعض المكاسب في مواجهة المجاعة، وبحسب تقرير جديد سيصدر يوم غد، فإن 17 مليون يمني يواجهون نقصا حادا في الأمن الغذائي، وهذه أرقام مقلقة، ولكن فيها تراجع بمليوني نسمة". وأضافت: "نتوقع أنّ يتراجع عدد الذين يعيشون في ظروف مشابهة للمجاعة من 161 ألف شخص إلى الصفر بحلول نهاية العام، وهذا إنجاز كبير، ولكن الأمن الغذائي العالمي يبقى هشاً".
وشددت على أنّ الأمم المتحدة وصندوقها تلقيا ملياري دولار، نصفها جاء من الولايات المتحدة، ولكن هذا لا يمثل أكثر من 48 بالمائة مما تحتاجه الأمم المتحدة لكي تستمر في تقديم المساعدات الإنسانية للملايين من اليمنيين.
كما وتحدثت عن عوائق يواجهها العاملون في المجال الإنساني، مشيرةً إلى احتجاز شخصين يعملان في هذا المجال منذ سنة في صنعاء، وخمسة ما زالوا مفقودين بعدما اختطفوا في فبراير/شباط، وقالت إنها ناقشت ذلك مع الحكومة اليمنية، مشيرة أيضاً إلى الأثر المستمر للحوادث الأمنية على العمليات الإنسانية، وكذا إلى محادثاتها مع الحوثيين حول القيود على الحركة، التي تؤثر على طواقم العمل الإنساني بما فيها النساء.
الحوثيون يتهمون التحالف بـ"التعنت"
اتهمت جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، التحالف الذي تقوده السعودية بالتسبب بعدم تمديد الهدنة المنتهية، بعد يوم من إعلان تبادل الوفود بينهم لبحث ملف الأسرى نتيجة مفاوضات سابقة، وبالتزامن مع مفاوضات سرية تجري بوساطة عمانية بين الطرفين من أجل تمديد الهدنة.
وقال رئيس الوفد الحوثي التفاوضي محمد عبد السلام، إن "الهدنة انتهت ولم تمدد بسبب تعنت دول العدوان (أي التحالف الذي تقوده السعودية) أمام المطالب الإنسانية في فتح مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة، وبدون أية عوائق، والاستفادة من ثرواته النفطية والغازية لصالح مرتبات كافة الموظفين اليمنيين".
الهدنة انتهت ولم تمدد بسبب تعنت دول العدوان أمام المطالب الإنسانية والحقوق الطبيعية للشعب اليمني في فتح مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة وبدون أية عوائق والإستفادة من ثرواته النفطية والغازية لصالح مرتبات كافة الموظفين اليمنيين .
— محمد عبدالسلام (@abdusalamsalah) October 13, 2022
إن السلام في اليمن ….https://t.co/WbMF8EffI3
وأضاف، في تصريح مقتضب نشره في تيليغرام، أنّ "السلام في اليمن غير مستحيل لو تخلت دول العدوان عن عقليتها الاستعلائية، وقدمت مصالحها الوطنية والقومية على مصالح أميركا وبريطانيا، الدولتين المستفيدتين من استمرار العدوان والحصار على اليمن"، على حد تعبيره.
والتقى رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، اليوم الخميس، المبعوث الأميركي تيموثي ليندركينغ، والسفير الأميركي في اليمن ستيفن فاجن، في إطار المشاورات الرامية لإحياء مسار السلام المتعثر في اليمن، وفق ما نقلته وكالة "سبأ" الرسمية.
وأكد العليمي، على "التزام المجلس والحكومة بنهج السلام الشامل والمستدام القائم على المرجعيات المتفق عليها، ودعم جهود مبعوثي الأمم المتحدة، والولايات المتحدة"، وناقش "الضمانات والضغوط المطلوبة لدفع جماعة الحوثي إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب إعلان الهدنة، واتفاق استوكهولم بشأن فتح طرق تعز، والمحافظات الأخرى، وسداد رواتب الموظفين من عوائد موانئ الحديدة".
وأعلنت الخارجية الأميركية، الثلاثاء الماضي، عن بدء مبعوثها الخاص لليمن جولة جديدة إلى المنطقة لدعم المفاوضات المكثفة التي تقودها الأمم المتحدة مع الأطراف اليمنية للتوصل إلى اتفاق بشأن تجديد الهدنة.
وأعلن الحوثيون والتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، أمس الأربعاء، عن تبادل الزيارات، ضمن جهود تمديد الهدنة التي انتهت مطلع الشهر الجاري، في ظل حالة الهدوء والالتزام ببنودها، رغم التهديدات بالتصعيد التي أطلقتها الجماعة خلال الأيام الماضية.
وقال المتحدث باسم التحالف، تركي المالكي، إنه "تم تبادل زيارة وفدين من التحالف والحوثيين، من أجل زيارة الأسرى لدى الطرفين كمبادرة حسن نوايا، وضمن جهود بناء الثقة لتمديد الهدنة باليمن"، لافتاً، إلى أنّ "الزيارة ذات الطابع الإنساني تُعنى بملف الأسرى كحالة إنسانية بحتة، كما أنها تأتي كأحد مكاسب الهدنة والسعي لتمديدها، والوصول إلى سلام شامل باليمن"، وفق ما نقلته وكالة "واس" السعودية الرسمية.
وسبق إعلان التحالف، تأكيد الحوثيين على وصول وفد سعودي إلى صنعاء، وقال رئيس لجنة أسرى الحوثيين، عبد القادر المرتضى، إن "ذلك يأتي ضمن آلية التحقق من الكشوفات للمرحلة الأولى للتبادل التي تم التوافق عليها في العاصمة الأردنية عمّان، للتحقق من الأسماء ومطابقتها على الواقع".
إلا أنّ المسؤول الحوثي، نفى في تغريدة بحسابه على تويتر، وجود أي علاقة للزيارة بمفاوضات الهدنة، وقال، إن "لا علاقة للموضوع بأي نقاش أو حوار سياسي آخر"، في الوقت الذي أكد متحدث التحالف على صلة الزيارات المتبادلة بجهود بناء الثقة لتمديد الهدنة.
بالتزامن مع ذلك، التقى وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، نظيره اليمني محسن محمد الداعري، وناقشا جهود الأمم المتحدة في تمديد الهدنة، والخطوات المستقبلية للتعامل مع المتغيرات المحتملة، وفق ما أفادت به وكالة "واس" السعودية الرسمية.
يأتي هذا مع مفاوضات غير معلنة بوساطة عمانية من أجل تمديد الهدنة في اليمن، والتي انتهت في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بعد ستة أشهر من استمرارها، حيث رفضت جماعة الحوثيين تمديدا جديدا دون تنفيذ شروطها في توسيع الهدنة، وأبرزها دفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها.
وتجري المفاوضات بين السعودية والحوثيين برعاية عمانية لتمديد الهدنة، وتقدمت في ملفات كثيرة ونتج عنها تبادل الزيارات في ملف الأسرى، وتدور حول آلية دفع رواتب الموظفين، التي يريد الحوثيون دفعها من واردات النفط اليمني، الذي يتم تصديره من مناطق سيطرة الشرعية.
وقال نائب دائرة التوجيه المعنوي للحوثيين بصنعاء، عبد الله بن عامر، إنّ "الوصول لمناقشة تفاصيل ملف الأسرى يعني حسم بقية الملفات، أو على الأقل لم يتبق فيها إلا القليل مع تجاوز معظم نقاط الخلاف".
وأضاف، في تغريدات بحسابه على تويتر، تعليقاً على إعلان تبادل الزيارة بين الحوثيين والسعودية، أنه "قد يصل وفد ويرجع آخر، فالتقدم الكبير الحاصل لا يجعلنا نتوقع النجاح أو الفشل، فقط علينا الترقب حتى الإعلان النهائي".
من جانبه، رأى وزير الخارجية اليمني السابق، أبوبكر القربي، أنّ "تبادل الزيارات في هذه الأثناء بين التحالف وأنصار الله إلى كل من صنعاء وأبها، لبحث ملفات مكملة لاتفاقية الهدنة، هو دليل على أنّ الطرفين قد تجاوزا الكثير من نقاط الخلاف التي تهمهما، ووضعا أسس الحل والضمانات، ولم يبق لنا إلا انتظار أسلوب إعلان الاتفاق".
وللأسبوع الثاني على التوالي من انتهاء الهدنة في اليمن، تعثرت كافة الجهود لتمديدها في ظل مخاوف من عودة الحرب للبلاد والتصعيد المتبادل بين أطراف الصراع، حيث شهدت الأسابيع الماضية استعراضات عسكرية من الطرفين في عدد من المدن اليمنية.