عاشت محافظة شمال سيناء، شرقي مصر، أيام عيد الأضحى المبارك في ظروف مختلفة عن سائر المحافظات المصرية، في ظل استمرار الحرب القائمة بين قوات الجيش المصري وتنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش" الإرهابي.
وشهدت المحافظة قصفًا جويًا منذ صبيحة الثلاثاء يوم العيد وحتى اليوم الجمعة، بالإضافة إلى إطلاق نار عشوائي وقصف مدفعي من كمائن الجيش المصري، في ظل التخوفات والتحذيرات من إمكانية شن "داعش" هجمات دموية ضد قوات الجيش كما جرت العادة في المواسم، لا سيما الأعياد وشهر رمضان، على مدار السنوات الماضية، إذ تكبد الجيش خسائر فادحة في الأرواح والمعدات في أيام رمضان والعيد بخلاف بقية أيام السنة.
وفي تفاصيل المشهد الميداني، أفادت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد" بأن الطيران الحربي المصري لم يتوقف عن قصف مناطق متفرقة من محافظة شمال سيناء منذ بداية العيد وحتى اليوم، بالتزامن مع إطلاق نار عشوائي من عشرات الكمائن العسكرية المنتشرة في كافة مناطق المحافظة.
وأصاب ذلك المواطنين بالذعر والخوف من إمكانية تعرضهم لقصف أو إطلاق نار خلال تنقلهم للزيارات خلال أيام العيد، في ظل تخوفات الجيش من تحركات لتنظيم "داعش" كجزء من هجمات متوقعة ضد قوات الجيش المنتشرة على الطريق الدولي وفي المناطق الجنوبية لرفح والشيخ زويد والعريش وبئر العبد ووسط سيناء، وهي مناطق لا يزال التنظيم الإرهابي ينتشر فيها برغم الهجمات المتكررة للجيش عليها منذ سنوات.
وأشارت المصادر، التي اشترطت عدم ذكر اسمها، إلى أن تجربة السنوات الماضية، التي استفاد منها الجيش كثيرًا، تتمثل في اعتبار التنظيم الإرهابي الأعياد وشهر رمضان مواسم لاستهداف قوات الجيش، وهذا ما حصل فعلا في أكثر من مرة.
وكانت قوات الجيش هدفًا للتنظيم صبيحة يوم العيد، أو في شهر رمضان، وبالتالي يتجه الجيش لشن ضربات استباقية في سيناء، واستنفار القوات البرية والبحرية والجوية لمراقبة الأوضاع الميدانية، وقطع الطريق أمام محاولة تنفيذ هجمات، لتمرير العيد بدون خسائر كبيرة.
ونتيجة لذلك، مر عيد الأضحى الحالي بدون خسائر في صفوف قوات الجيش والشرطة، نتيجة تعرض تنظيم "داعش" لعديد الضربات الجوية والبرية، خلال الأيام الماضية، حالت دون تحرك أفراده بشكل مريح في المناطق سابقة الذكر.
في المقابل، نشرت معرفات إلكترونية مقربة من تنظيم "داعش" صورًا قالت إنها لـ"معايشة" أفراد التنظيم لأيام العيد، من خلال ذبح الأضاحي وطهيها، والاستعراض بالمركبات التابعة له، وتبادل المعايدات بين عناصره، في ما يبدو وكأنه رسالة يوجهها التنظيم إلى الجيش بأنه يتحرك بأريحية ويقيم فعالياته خلال العيد برغم القصف الجوي والمدفعي وإطلاق الرصاص العشوائي.
ومن ناحية أخرى، شهدت المحافظة عزوفًا عن شراء الأضاحي هذا العام برغم انخفاض الأسعار، إذ شهدت سوق الأضاحي ارتفاعًا في العرض وانخفاضا واضحًا في الطلب، كنتيجة متوقعة للظروف الاقتصادية الصعبة في شمال سيناء، انعكاسًا للحرب التي عاشتها المحافظة منذ عام 2013.
وطاولت تلك الظروف كل مناحي الحياة، وأضعفت القدرة الشرائية للمواطنين بشكل ملحوظ، خصوصا في فترة الحصار، الذي ضرب على المحافظة تزامنًا مع بدء العملية العسكرية الشاملة في فبراير/ شباط 2018، والذي لا تزال بعض قراراته سارية حتى اليوم على صعيد ضرورة التنسيق الأمني لإدخال البضائع بشتى أنواعها لمدن المحافظة، عبر كمائن الجيش المنتشرة على الطريق الدولي. وأثر ذلك بشكل مباشر على مختلف الأعمال التجارية بالمحافظة، في ظل ضعف حركة الاستيراد والتصدير.
وبحسب أحد تجار المحافظة الذي تحدث لـ"العربي الجديد" عقب انتهاء أيام العيد، فإن الأضاحي التي تم شراؤها من قبل المواطنين قبيل العيد لم تصل إلى نصف الكمية المعروضة في السوق، برغم أن الأسعار تراوحت من 70 إلى 85 جنيهًا للكيلو الواحد من الضأن، الذي يعد الخيار الرئيسي للمواطنين بشمال سيناء، إذ إنه بإمكان المواطن شراء أضحية بقيمة 2000 جنيه فما فوق.
ويعد ذلك انخفاضا في الأسعار مقارنة بالسنوات الماضية التي شهدت ارتفاعا بالأسعار نتيجة الظروف الأمنية والاقتصادية، بينما اليوم، في ظل تحسن الظرف الأمني نوعًا ما، كانت هناك تسهيلات في إدخال الأضاحي والأعلاف، وانخفاض في حجم الخسائر في المواشي نتيجة العمليات العسكرية، بالإضافة إلى زيادة المناطق التي تربى فيها المواشي في شمال سيناء.
ونتيجة لما سبق، عملت مجموعات من المتطوعين بمحافظة شمال سيناء على توزيع لحوم الأضاحي مجانا على المستحقين خلال أيام العيد.
ووفقا لمعلومات نشرتها مؤسسات أهلية بشمال سيناء، فإنه تم توزيع اللحوم على آلاف الأسر المحتاجة في المحافظة، وكذلك توزيع عشرات الأضاحي الحية على المواطنين لذبحها وإحياء شعائر العيد.
وهذا ما أكدته سعدية محمود، مديرة مديرية التضامن بشمال سيناء، بقولها إن الجمعيات الأهلية بشمال سيناء قامت بجهود كبيرة لتوفير الأضاحي للأهالي من الأسر الأكثر احتياجا بالتنسيق مع مديرية التضامن الاجتماعي بشمال سيناء، مضيفة أنها تابعت جانباً من أعمال الذبح وتوزيع اللحوم على الأسر بمناطق مختلفة في شمال سيناء.