لم يعد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، يصادر حقوق الليبيين متمسكاً بالبقاء مع فريقه كنواب عن الشعب، بل صار أيضاً يصادر حق النواب أنفسهم ويستبعد من لا يوافقه على البقاء.
فخلال افتتاحه لجلسة مجلس النواب، الإثنين الماضي، بعد عودته لترؤس الجلسات عقب تأجيل الانتخابات الرئاسية التي ترشح لها، تلا صالح جملة من القرارات من دون عرضها حتى للنقاش، أو للتصويت عليها، ومنها إسقاط الحكومة، وإسقاط الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور وتشكيل أخرى خلفاً لها، بل وحدد حتى أعضاءها بثلاثين شخصاً.
كثيراً ما تصدى أنصار عقيلة صالح، ولا سيما من النواب، لحديث القائلين إنه يسيطر على قرار مجلس النواب الذي يديره بواسطتهم، متجاوزاً في ذلك لوائح المجلس والإعلان الدستوري. لكن ماذا سيكون ردهم الآن وقد أصدر عقيلة قراراته، المتناقضة المتضاربة، من دون أن يسمح لأي من المصطفين أمامه والمتشبثين بكراسيهم بالنقاش؟
كان لافتاً أن أيا من النواب لم ينتقد تبرير عقيلة صالح لإسقاطه مشروع الدستور، وقوله إن ذلك بسبب رفضه من "كافة المكونات الاجتماعية للأمة الليبية". ولم يتساءل أي منهم كيف علم صالح برفض كامل الأمة الليبية لمشروع الدستور؟ فهل تم استطلاع رأي الليبيين، ولا نقول استفتاءهم؟
وكان لافتاً كذلك أن أيا من النواب لم يستغرب قرار صالح إسقاط الحكومة وضرورة استبدالها بأخرى، إذا كان موعد الانتخابات الجديد لن يتجاوز نهاية فبراير/شباط المقبل! وكيف يمكن أن تتشكل لجنة جديدة لصياغة دستور في غضون شهر، ويتم طرحه للاستفتاء، وتنظم مفوضية الانتخابات مراحل الانتخابات، ويجري كل هذا قبل نهاية فبراير، ما يعني في أقل من شهر وعشرة أيام فقط؟
كان لافتاً أيضاً أن أيّا من النواب لم يتساءل ما الداعي لخريطة طريق جديدة إذا كانت الانتخابات ستجرى نهاية فبراير المقبل، مع وجود خريطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي، التي تحدد آخر آجال الانتخابات في يونيو/حزيران المقبل!
لن يجيب النواب، لكن أي مراقب سيجيب بالقول إن قرارات صالح تهدف إلى خلط الأوراق، لخلق عراقيل تحول دون الوصول إلى حل، وبالتالي دون الوصول إلى الانتخابات.
غير أن عقيلة صالح أصدر قرارات أخرى أكثر غرابة، يبدو أنه يسعى من خلالها لضمان حق الليبيين في الاستفادة من خبرات النواب، ومنها قرار تنظيم العمل السياسي والقنصلي، ومن ضمن ذلك منح كل نائب "جواز سفر سياسيا" (دبلوماسيا)، "يحق له الاحتفاظ به وساري المفعول حتى بعد انتهاء مدة عضويته في المجلس"، بل "ويُمنح" أيضاً لزوجته وأبنائه.