عقوبات جديدة على النظام السوري: رسالة أميركية إلى المطبعين مع الأسد

29 مارس 2023
تتخوف واشنطن من تصاعد مكانة الصين في المنطقة (Getty)
+ الخط -

افتتح المتحدث في الخارجية الأميركية إحاطته الصحافية، يوم الثلاثاء، بالإعلان عن فرض عقوبات أميركية جديدة على 6 شخصيات سورية رئيسية تُسهّل إنتاج وتصدير مادة الكبتاغون الخطيرة لدعم النظام السوري، مضيفاً أنّ "عملية الإتجار بها كانت تتم بواسطة النظام السوري وحزب الله اللبناني".

ما كان لافتاً في هذا الموضوع الذي قفز فجأة إلى الواجهة، لم يكن "التهديد الذي سيسببه للمنطقة وللوضع الصحي فيها" كما زعم المتحدث، بقدر ما كان يتعلق بالتوقيت التي تم الإعلان فيه عن هذه العقوبات، إذ تمّ إبرازه وسط أنباء عن حركة تطبيع مع النظام السوري مع الإشارة إلى الدور الإماراتي فيها، بهدف إعادة النظام إلى الحضن العربي، على سبيل المثال، جاء هذا الإعلان وسط توقعات أميركية بـ"اقتراب" عودة العلاقات بين السعودية والنظام السوري.

لهذا، تبدو إثارة موضوع إنتاج وتصدير مادة الكبتاغون وكأنها رسالة تذكير إلى هذه الجهات التي سارعت للتطبيع مع النظام السوري، خاصة وأنّ خطوات هذه العودة تسارعت في أعقاب التوافق السعودي الإيراني، وكأن التطبيع مع النظام السوري هو نتيجة للتطبيع مع إيران، التي ارتفعت وتيرة التوتر الأميركي معها بسبب دورها في حرب أوكرانيا.

من هنا، تبقى إدارة بايدن تشدّد على مسألة التطبيع مع النظام السوري، ولو أنها لم تنجح حتى الآن سوى مع تركيا، التي بدت وكأنها تراجعت عن مثل هذه الخطوة في الوقت الراهن، ربما لأنها بحاجة لمقاتلات "إف-16" الأميركية، ولا تريد إعطاء الكونغرس المزيد من الذرائع للاعتراض على الصفقة. 

الآن، أصبحت خريطة الاصطفافات والأولويات أكثر وضوحاً، وهو ما أدى إلى تحذير الإدارة الأميركية ومعها الكونغرس، في الآونة الأخيرة، من التطبيع مع النظام، معربة أن هذا الخيار "لا ندعمه ولا نشجع عليه"، كما تردد الخارجية التي كررت هذا الموقف مراراً وأحاطت بالريبة كل من يُقدم عليه. وفي خلفية هذا التشكيك خشية من تبلور معادلة جديدة في المنطقة تحت مظلة "المصالحات" الإقليمية، برعاية الصين "الخصم الاستراتيجي" لواشنطن. ومثل هذا التوجس يكمن في أساس النظرة من التقاربات الجديدة في المنطقة، حتى ولو كانت بحجم تجديد علاقات بين دول عربية، لكن طالما كان لطهران أو للصين علاقة وإن غير مباشرة فيها تبقى واشنطن متخوفة منها. 

على سبيل المثال، فإن الاتفاق السعودي الإيراني انسحب على معظم القراءات الأميركية المتعلقة بالمنطقة والتبدلات أو التطورات التي شهدتها في الآونة الأخيرة والتي تناسلت عن بعضها وبشكل متسارع وعلى نحوٍ يرى فيه المراقبون بداية "توازنات" جديدة محتملة إذا صمد الاتفاق الإيراني السعودي وانتشرت ظلاله بدرجة أو بأخرى في الإقليم. وازداد التوجس من أبعاده كاختراق لم يكن في الحسبان.

في السياق، هناك أوساط خاصة من المحافظين، تحمّل إدارة بايدن معظم المسؤولية، مدعية أنّ الإدارة كشفت عن تخبطها وضعفها، سواء عندما انسحبت من أفغانستان، أو في زيارة الرئيس الأميركي إلى السعودية في يوليو/تموز الماضي، فضلاً عن تعامله مع إيران، خاصة في المراهنة على تجديد اتفاق 2015 النووي معها، وهو ما جعل وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن يتعرض لأسئلة بخصوصه، أمس الثلاثاء، خلال جلسته مع لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، التي اتهمت الإدارة خلالها بالتراخي مع طهران. وثمة اعتقاد أن الإدارة "سبقها الوقت"، بحيث قد يكون من الصعب التقاط المبادرة من جديد في القريب المنظور، ولو أن هناك من لا يشطب قدرة واشنطن على "فركشة" الترتيبات والتموضعات الجديدة في المنطقة، من زاوية أن الحضور الأميركي هناك ما زال بشبكة علاقاته وقدراته على جانب كبير وهام من التأثير والنفوذ. لكن مع ذلك لا ينكر العارفون أن الولايات المتحدة تواجه الآن حالة غير معهودة من التحدي في الشرق الأوسط، قد يشكل التطبيع مع النظام السوري وإيران أحد جوانبه، خاصةً وأن حلقاته تتواصل بإشراف عام للمايسترو الصيني.

المساهمون