فيما يستعد فلسطينيو الداخل لإحياء الذكرى السنوية الـ46 ليوم الأرض، وسط حملات تحريض إعلامية وسياسية ضدهم، سربت ما وصفت بـ"مصادر رفيعة المستوى" في شرطة الاحتلال الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، تفاصيل سيناريوهات لرصد سلوك فلسطينيي الداخل في الفترة القريبة، بدءا من رمضان وتحسبا لـ "احتجاجات وأعمال عنف يتخللها استخدام السلاح في الأشهر القريبة".
ووفق "بديعوت أحرونوت" في نسختها الورقية وتحت عنوان "استعدادات الشرطة لعملية (حرّاس الأسوار 2)"، في إشارة للعدوان الإسرائيلي على غزة في مايو/أيار من العام الماضي، ترسم شرطة الاحتلال الإسرائيلي صورة لما ستكون عليه أيام "حرّاس الأسوار 2" في مواجهة اندلاع أعمال ما تصفه بــ"العنف" من قبل الفلسطينيين في مدن فلسطين الساحلية التاريخية التي يسميها الاحتلال "المدن المختلطة"، في إشارة إلى: عكا ويافا وحيفا واللد والرملة، تضاف إليها مدينة "نوف هجليل" التي كانت تسمى "نتسرات عيليت" أي الناصرة العليا. ويبدو ذلك أنه محاولة استباقية لرفع المسؤولية عنها من جهة، وتحميلها منذ الآن للفلسطينيين في الداخل.
وكشفت الصحيفة أن المفتش العام للشرطة الإسرائيلية يعقوف شبطاي أجرى مؤخرا مداولات مكثفة مع قيادة الشرطة لفحص جهوزية شرطة الاحتلال لسيناريو اشتعال أعمال عنف على غرار التي وقعت خلال العدوان على غزة في معركة "سيف القدس"، والتي يطلق عليها الاحتلال اسم "حراس الأسوار" بينما يطلق عليها فلسطينيو الداخل اسم "هبة الكرامة".
وتستعد الشرطة بحسب تقرير يديعوت لموجة من الأعمال العنيفة والمواجهات تمتد على طول 35 يوما، مع زخم أحداث يفوق ما كان خلال "هبة الكرامة بثلاثة أضعاف، وتنتشر في عشرات البؤر والبلدات ويتخللها سقوط صواريخ وإشعال حرائق.
ويأتي نشر هذا السيناريو في وقت تبين فيه حجم "إخفاق" جهاز الأمن العام الإسرائيلي في منع عملية الخضيرة مباشرة بعد أن اتضح أن منفذ عملية بئر السبع، الأسبوع الماضي كان التحق هو الآخر بداعش، كما هي الحال مع إبراهيم إغبارية وأيمن إغبارية اللذين نفذا مساء الأحد عملية الخضيرة، وأدين منفذ عملية بئر السبع محمد غالب أبو القيعان مع إبراهيم إغبارية بالانتماء إلى داعش وقضيا محكومية من 4 سنوات في سجن إسرائيلي.
ويكشف التقرير أيضا أن المداولات بيّنت أن هناك نقصا في القوى العاملة لدى الشرطة بنحو 4500 عنصر على الأقل، إضافة إلى نقص بحجم 4000 عنصر من عناصر الاحتياط في حرس الحدود المصنف بأنه تابع رسميا للشرطة، علما أن عناصره هم جنود عسكريون يؤدون خدمتهم الإلزامية، وقوات نظامية تابعة للجيش، لكن يتم إلحاقهم بالشرطة رسميا كي يتسنى استخدامهم في قمع عمليات الاحتجاج والمظاهرات داخل أراضي 48.
ونقل التقرير عن مصادر في الشرطة تقديرها أنها ستحتاج إلى 72 ساعة على الأقل للرد والانتشار في مواقع الأحداث حال اندلاعها، وأن اشتعال المواجهات وأعمال عنف في "المدن المختلطة" قد يكون دون أي سابق إنذار. كما تدعي الشرطة في تقديراتها المذكورة أن فلسطينيي الداخل قد يستخدمون في المواجهات المتوقعة الأسلحة النارية ضد عناصر الأمن وضد مدنيين إسرائيليين يهود في مدن مثل، يافا وعكا وحيفا واللد والرملة وحتى "نوف هجليل"، وأنه مع اندلاع مثل هذه المواجهات فإن عددا كبيرا من الطرق الرئيسية سيتم إغلاقها وستتحول سيارات مدنيين إسرائيليين (المقصود اليهود) إلى مصائد وأهداف لـ "مشاغبين عرب وإرهابيين".
ولا تقف توقعات (سيناريوهات التحريض ضد فلسطينيي الداخل) عند حدود أراضي 48، إذ يضيف التقرير أن الشرطة تتوقع أن تمتد هذه الأحداث إلى الضفة الغربية المحتلة، وأن تواجه إسرائيل بموازاة ذلك هجوما صاروخيا على الجبهة الداخلية، وانتشار العنف إلى داخل المعتقلات والسجون الإسرائيلية التي يقبع بها آلاف الأسرى الفلسطينيين.
وتتوقع الشرطة أنه في حال اندلاع تصعيد عسكري مع طرف خارج الحدود (سواء على الجبهة الجنوبية مع قطاع غزة أو لبنان) فإن الشرطة ستعاني من نقص في عناصرها لمواجهة الأحداث الداخلية وقمعها بفعل استدعاء عناصر من أفرادها لخدمة الاحتياط العسكرية.
هناك شكوك حول مصداقية هذه السيناريوهات الواردة في تقرير "يديعوت أحرونوت" خصوصا أنه سبق لجنرالات في جيش الاحتلال، أبرزهم رئيس قسم التخطيط اللوجيستي في الجيش الجنرال إيتسك ترجمان الذي كشف في مقابلة مع معاريف قبل ثلاثة أشهر تقريبا أن جيش الاحتلال يستعد لنقل قواته وعتاده العسكري في حال اندلاع مواجهة عسكرية على الجبهة الشمالية عبر محاور الطرق الرئيسية التي تمر وسط بلدات فلسطينية، لا سيما وادي عارة ومرج ابن عامر، وأن الجيش قام بشق طرق ترابية لنقل العتاد والقوات، ورصد وحدات وفرقا عسكرية خاصة لتأمين هذه القوات و"فرض النظام والقانون" في الجبهة الداخلية.
فعاليات فلسطينية في يوم الأرض
دعت لجنة المتابعة العليا لفلسطينيي الداخل، في بيان لها أصدرته اليوم، إلى أوسع مشاركة جماهيرية في فعاليات الذكرى السنوية السادسة والأربعين ليوم الأرض، التي تنظم غدا بدءا من المسيرة التقليدية التي ستنطلق من مدينة سخنين في 2:30 بعد الظهر وانتهاء بالمهرجان المركزي في قرية عرابة البطوف عند 5:00.
وأكدت اللجنة على أن يوم الأرض هو محطة مركزية، ونقطة تحول في نضال جماهيرنا العربية، المترسخة في وطنها، لمواجهة كل السياسات العنصرية المستمرة، وسياسات مصادرة الأراضي، و"وفي هذا اليوم الخالد نستذكر شهداء يوم الأرض، خديجة شواهنة وخضر خلايلة ورجا أبو ريا وخير ياسين من عرابة ومحسن طه من كفركنا ورأفت زهدي من مخيم نور شمس واستشهد في مدينة الطيبة".
وقالت اللجنة: "إن ذكرى يوم الأرض تحل هذا العام وسط تصعيد سلطوي شرس على الأراضي العربية في النقب، لتفرض حصارا أشد على البلدات العربية مسلوبة الاعتراف، في حين تقرر الحكومة إقامة 12 مستوطنة على الأراضي العربية المسلوبة، ومن بينها مدينة للمتدينين الحريديم، قادرة على استيعاب 120 ألف شخص، إضافة الى مراكز تجارية ومرافق عمل"، وأن "الحكومة ماضية في مخطط الاقتلاع، وتحاول فرض مخطط اعتراف وهمي لعدد قليل من القرى، شرط نزع أكثر من 70% من أراضي القرى، عدا القرى التي سيتم اقتلاعها بالكامل".
وأضاف البيان "سياسة الخناق على مدننا وقرانا العربية مستمرة، وترفض الحكومة توسيع مناطق النفوذ بما يسمح بتطوير بلداتنا بالشكل الطبيعي، وعمليا فإن بلداتنا تطالب باسترداد بعضها مما صودر منها"، و"بدلا من توسيع مناطق النفوذ فإن الحكومة ماضية بعدة مخططات حصار، أبرزها مستوطنة حريش التي تهدف الى محاصرة مدينة أم الفحم وقرى المثلث الشمالي، لتصبح المستوطنة قادرة على استيعاب 250 ألف شخص".
وشدد البيان على أن قضية الأرض والمسكن تقف "على رأس أولويات قضايانا الى جانب القضايا الملحة الأخرى، مثل استفحال الجريمة، واستمرار سياسات التمييز العنصري، وتحويل قضية ميزانيات المجتمع العربي، مجرد ميزانيات وهبات عابرة، لا تقلب هيكلية الميزانيات الأساسية، لتنهي حالة التمييز العنصري".