عدوان غزة لا يوقف أفكار "نظام أمني إقليمي جديد"

08 نوفمبر 2023
من تظاهرات مصرية ضد حرب غزة، أكتوبر الماضي (Getty)
+ الخط -

تجددت الضغوط على القاهرة على مستويات عدة، لتتخطى المقترح الخاص بتوطين سكان قطاع غزة في أراضٍ مصرية، حسب ما يقول دبلوماسي مصري لـ"العربي الجديد". وتشمل هذه الضغوط "أفكاراً أميركية وإسرائيلية، رفضتها مصر في السابق عند طرحها، ويأتي في مقدمتها ما هو متعلق بصياغة نظام دفاعي وأمني مشترك يضم إسرائيل إلى جانب عدد من الدول العربية ودول الخليج".

عودة فكرة الناتو الشرق أوسطي

وأشار الدبلوماسي المصري إلى أنّه "خلال مشاورات سابقة متعلقة بمواجهة المخاطر الأمنية التي تسبّبها إيران لدول المنطقة، وتهديد الملاحة في البحر الأحمر، طُرحت فكرة الناتو الشرق أوسطي الذي يضم إسرائيل إلى جانب مصر ودول الخليج، وهي الفكرة التي رفضتها القاهرة ولم تتعاطَ معها بجدية كاملة، وهو ما كان سبباً في إنهاء تلك الفكرة".

أفكار بإنشاء نظام دفاعي مشترك يضم دولاً خليجية إلى جانب مصر والسعودية، لتبادل المعلومات الاستخبارية، ونشر أنظمة صاروخية

وتابع الدبلوماسي أنه "في أعقاب فشل فكرة الناتو الشرق الأوسطي، سارعت كل من إسرائيل والولايات المتحدة إلى الدفع بأفكار أخرى تنصبّ جميعها على مواجهة إيران وأذرعها في المنطقة، وضمان أمن إسرائيل، وكان في مقدمتها إنشاء نظام دفاعي مشترك يضم دولاً خليجية من الموقّعة على اتفاقات إبراهام (اتفاقات التطبيع)، إلى جانب مصر والسعودية، يعتمد على تبادل المعلومات الاستخبارية، ونشر أنظمة صاروخية ورادارية في الدولة التي سيشملها الاتفاق". وأكد المصدر أن القاهرة "لم ترحب بتلك الفكرة، ولم تتعاطَ معها بشكل إيجابي، بعد العودة للمؤسسة العسكرية، التي ارتأت فيها ثغرات تمثل تهديداً للأمن القومي المصري، بسبب مشاركة معلومات دقيقة وشديدة الحساسية مع الجانب الإسرائيلي".

الباحث المتخصص في الشأن الأمني والعسكري المصري وشبه جزيرة سيناء، مهند صبري، قال في حديث لـ"العربي الجديد" إنه "في ظل الوضع الحالي (العدوان على غزة)، رأينا دولاً عدة أعلنت تعليق كل تواصل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، في ما يخص موضوع اتفاقيات التطبيع". وأضاف: "هناك دول سحبت سفراءها، وهناك حالة من الارتباك التام، ومن الواضح جداً أن كل المفاوضات تم تعليقها، - لن نقول إنها ألغيت - ولكنها بالطبع معلّقة حتى انتهاء الحرب والأزمة وتوابعها التي ستستمر لفترات طويلة".

وأعرب عن اعتقاده "أن أي اتفاقيات سواء سياسية أو أمنية سيتم تعليقها ولن يحدث فيها أي تقدّم، ولكن مع ذلك هناك أمر آخر مهم، وهو زيادة الضغط على الحكومات المختلفة حالياً". وأضاف: "كل حكومة وكل دولة ذات سيادة، لها قدرة على تحمل الضغط والإغراءات، أما في حالة مصر، فهناك شبهات كبيرة جداً وتقارير كثيرة، ومؤشرات على أن مصر سوف ترضخ لضغوط متعددة خصوصاً الضغط الاقتصادي، لأن البلد في حالة مزرية اقتصادياً بفعل النظام الذي أثبت قبل ذلك أنه ليس لديه مانع في تقديم تنازلات سياسية وأمنية وحدودية، مثل ما حدث في التنازل عن تيران وصنافير، في مقابل أن يحصل على مزايا اقتصادية وأن يتم رفع الضغط الاقتصادي عنه".

وتابع: "في النهاية، الأمر الأهم بالنسبة للنظام الحاكم في مصر هو البقاء في الحكم، وكل ما يتبع ذلك يصب في فكرة ترسيخ البقاء في الحكم، وبناءً على ذلك فإن سيناريو أن يرضخ النظام للضغوط أمر وارد وحدث قبل ذلك ومرشح للحدوث مرة أخرى".

جزيرتا تيران وصنافير مجدداً

إلى ذلك، رجّحت مصادر دبلوماسية مصرية أن يُعقد لقاء ثنائي يجمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، على هامش القمة العربية (غير العادية) التي من المفترض أن تستضيفها المملكة في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، لبحث تداعيات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. لقاء،  في حال عقد القمة وحضور السيسي، قد يبحث بحسب دبلوماسي مصري بعض الترتيبات الإقليمية الجديدة، بعد عملية نقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير إلى المملكة، والتي كانت بعض إجراءاتها معطلة بسبب خلافات مرتبطة بالبروتوكولات الأمنية الخاصة بالوضع في المناطق المصرية الخاضعة لاتفاقية كامب ديفيد الموقّعة بين مصر وإسرائيل عام 1979، "وتم حلها باتفاق رباعي بين مصر والولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية، كمقدمة لتطبيع العلاقات بين تل أبيب والرياض" قبل اندلاع العدوان على غزة.

رجحت مصادر دبلوماسية مصرية أن يُعقد لقاء ثنائي يجمع السيسي وبن سلمان، على هامش القمة العربية

وبحسب الدبلوماسي المصري، فإن "تسليم جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية بشكل رسمي، واستكمال باقي الخطوات الرسمية التي تعد تل أبيب شريكاً في بعض منها بحكم كونهما (الجزيرتين) كانتا جزءاً أصيلاً من اتفاقية كامب ديفيد، سيعطي دفعة كبيرة للترتيبات الأمنية التي تخطط لها تل أبيب وواشنطن في منطقة البحر الأحمر".

المساهمون