عبير موسي: شرعية قيس سعيد مطعون فيها ويجب أن يتنحى لانتخاب رئيس جديد

22 اغسطس 2022
رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي (Getty)
+ الخط -

دعت رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، الرئيس التونسي قيس سعيد إلى إعلان الشغور في منصب الرئاسة لـ"نهاية شرعيته بدخول الدستور الجديد حيز النفاذ"، طارحة بذلك أسئلة حول الوجاهة القانونية والدستورية لهذا الطلب، في وقت يعتبر خبراء القانون أن الدستور الجديد يتضمن ثغرات ومطبات ذات علاقة بتواصل ولاية سعيد طبقا لمشروعية دستورية منتهية. 

ودعت موسي، خلال ندوة صحافية اليوم الإثنين، قيس سعيد إلى الاستقالة وإعلان حالة الشغور في منصب رئاسة الجمهورية، و"الدعوة إلى انتخابات رئاسية في أقرب وقت لتسوية وضعيته غير الشرعية".

وقالت إن حزبها "لا يعترف بقيس سعيّد رئيسا للجمهورية، وذلك طبقا للفصل 92 من الدستور الجديد، والذي ينص على ضرورة أن يؤدي الرئيس اليمين الدستورية أمام مجلس نواب الشعب ومجلس الأقاليم والجهات"، معتبرة أن "الصيغة الحالية لحُكم سعيّد فاقدة لكل شرعية"، وفق تعبيرها.

وأفادت بأنها أرسلت عدل تنفيذ لرئاسة الجمهورية، لـ"الاحتجاج على الانحرافات الإجرائية التي ارتكبها قيس سعيّد"، معتبرة أن "عملية الاستفتاء على الدستور الجديد هي عملية تزوير مكشوفة، والرئيس قيس سعيّد الآن أمام ورطة قانونية بسبب الدستور الجديد".

ودعت عبير موسي رجال القانون إلى التحرك ضد رئيس الجمهورية، الذي قالت إنه "عاجز عن أداء اليمين الدستورية"، واصفة هذه المسألة بـ"الخطيرة". وأضافت: "قيس سعيّد ليس شخصًا منتخبًا، وفق الدستور الجديد.. لقد تم انتخابه بناءً على صلاحيات محدودة، وهي المسائل الخارجية والأمن القومي"، معتبرة أن رئيس الجمهورية "لا تفويض له من الشعب التونسي لمواصلة ترؤس الدولة".

وتابعت قولها: "بأي حق يصدر سعيّد قانونا انتخابيا وفق رؤيته الخاصة؟"، معتبرة أن رئيس الجمهورية "احتكر كل قوانين اللعبة، داخليا وخارجيا". كما لاحظت أن الحكومة الحالية "هي حكومة تصريف أعمال ولا يحق لها توقيع اتفاقيات مع الخارج".

واعتبر مراقبون أن ما تفعله موسي يدخل في سياق "الإثارة الإعلامية" حتى وإن كان يستند إلى بعض الوجاهة القانونية، معتبرين أن تصريحاتها تتنزل في سياق الشعبوية لجلب اهتمام المتابعين. 

ويعتبر معارضون لموسي أنها تسببت في الإساءة للمشهد السياسي والحزبي خلال السنوات الماضية، وأنها ساهمت في انقلاب 25 يوليو/تموز من خلال استهدافها للبرلمان وتشويهها للدستور وضربها للمؤسسات.

حدد الدستور عهدتين رئاسيتين فقط، ولكنه في الوقت نفسه يمكّن رئيس الجمهورية من أن يعلن حالة الاستثناء مرة أخرى ويجمع السلطات بين يديه كما فعل في 25 يوليو 2021

وأكد أستاذ القانون الدستوري، خالد الدبابي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "مسألة العهدة الرئاسية لقيس سعيد تمثل إشكالية قانونية ودستورية عميقة، تعود إلى أن الدستور الجديد دخل حيز النفاذ يوم 17 أغسطس/آب الماضي بعد أن تم ختمه وإصداره ونشره في الجريدة الرسمية للبلاد، والرئيس بدأ عهدته الرئاسية وأقسم أمام مجلس نواب الشعب على أساس دستور 2014، بعد انتخابات 2019، ولكننا قطعنا مع المشروعية الدستورية السابقة، وخصوصا أن الأمر الرئاسي 117 في سبتمبر 2021 الذي علق العمل بدستور 2014 أوصلنا إلى الاستفتاء على دستور 2022، وذلك على أساس أن دستور 2014 دستور سيئ وتنكر لإرادة الشعب، ويقوم على ديمقراطية وهمية ومزيفة وشكلية (بحسب الرئيس)"، مفسرا بأنه "ليس هناك أي منطق في أن يستند رئيس الجمهورية إلى هذا الدستور القديم (بتلك العيوب التي تحدث عنها)، وأن يواصل العهدة الرئاسية على أساسه".

وبيّن الدبابي أن "هناك ثغرة قانونية وتناقضا غريبا في الأحكام الانتقالية لدستور 2022 التي تنظم المرحلة الانتقالية، لمواصلة العهدة على أساس الدستور القديم"، مبينا أنه "كان من الضروري في الدستور الجديد أن يتم الإعلان عن المرور إلى انتخابات رئاسية سابقة لأوانها ريثما يتم استكمال جميع المؤسسات على غرار الانتخابات التشريعية".

وشدد على أن "هذا الأمر غريب ومتناقض، ولا يستقيم دستوريا أن تكون لرئيس الجمهورية مشروعية دستورية استنادا إلى دستور قديم، وأن تجدد بقية الهيئات جديدة بمشروعية الدستور الجديد على غرار مجلس نواب الشعب ومجلس الجهات والأقاليم والمحكمة الدستورية".

وفسر الدبابي أن "قيس سعيد لا يريد أن يدعو إلى انتخابات رئاسية سابقة لأوانها حفاظا على السلطة استنادا لدستور 2014 حتى لا يتم احتساب العهدتين الرئاسيتين اللتين اشترطهما دستور 2022، إلا بعد انتهاء العهدة الرئاسية الحالية في 2024، بحساب الدستور القديم".

وفسر أن سعيد "يريد أن يحكم البلاد بعهدة كاملة لـ5 سنوات من 2019 حتى 2024، وفق دستور 2014، الذي يعتبره زيّف إرادة الشعب، ثم ينطلق في الحكم من جديد وفق دستور 2022 ليحكم خلال دورتين (يسمح بولايتين فقط) أي طيلة 10 سنوات، لتنتهي العهدتان في 2034".

وشدد على أن "هذا التوجه يخفي خطرا، فقد حدد الدستور عهدتين رئاسيتين فقط، ولكنه في الوقت نفسه يمكّن رئيس الجمهورية من أن يعلن حالة الاستثناء مرة أخرى ويجمع السلطات بين يديه كما فعل في 25 يوليو 2021 دون حسيب أو رقيب، باعتبار أن الدستور الجديد لا يطرح أي رقابة على الأجل الخاص بالحالة الاستثنائية التي يحددها الرئيس، بما في ذلك المحكمة الدستورية التي لا يمكنها مراقبة ذلك في الدستور الجديد عكس دستور 2014، إذ كانت لها صلاحية الرقابة على المدة الاستثنائية المحددة بشهر؛ وهو ما حذفه الرئيس من الدستور لإلغاء أي شكل من أشكال الرقابة".

واستنتج الدبابي أن هذه الثغرات "ليست بريئة من وجهة نظر سياسية"، بحسب تعبيره.

وتنتهي ولاية الرئيس سعيد في العام 2024 باعتبار انتخابه وفق دستور 2014 لمدة خمس سنوات، فيما ينص دستور 2022 أنه "لا يجوز تولي رئاسة الجمهورية لأكثر من دورتين كاملتين متصلتين أو منفصلتين"، وأنه "في حالة الاستقالة، تعتبر المدة الرئاسية كاملة".

المساهمون