استمع إلى الملخص
- **إدارة الصراع مع أميركا ودعم حركات المقاومة**: سياسة إيران تركز على إدارة الصراع مع أميركا والتفاوض لرفع العقوبات، مع دعم القضية الفلسطينية والمقاومة في لبنان والمنطقة.
- **التحديات البرلمانية ودعم المحافظين**: ترشيح عراقجي يواجه تأييداً ومعارضة في البرلمان، حيث يُشيد المؤيدون بتوجهاته المتسقة مع السياسات العليا، بينما ينتقده المعارضون لدوره في الاتفاق النووي.
قال كبير المفاوضين الإيرانيين السابقين عباس عراقجي المرشح لمنصب وزير الخارجية في حكومة الرئيس مسعود بزشكيان، إن سياسة بلاده ستعتمد "دبلوماسية المقاومة التي نشأت من مدرسة المقاومة"، وأسسها قائد فيلق القدس السابق الجنرال قاسم سليماني، وبنا عليها تشكيل ما يسمى بـ"محور المقاومة".
وأضاف عراقجي، اليوم الأحد، خلال جلسة نقاش للبرلمان الإيراني، بشأن أهليته لمنصب وزير الخارجية، أن هذه الدبلوماسية "ستكون مركز اهتمام السياسة الخارجية للحكومة الـ14"، مؤكداً أن هذه السياسة "يجب أن تكون شاملة ونشيطة ومؤثرة أمام الأمواج والحوادث الإقليمية والعالمية". وأشار إلى أنه سيواصل سياسة حسن الجوار بقوة إذا ما أصبح وزيراً لخارجية الإيرانية.
وأوضح أن أولويات العلاقات الخارجية في الحكومة الجديدة هي الصين وروسيا وبقية الدول التي "كانت معنا في أيام الصعوبات والعقوبات" والقوى الصاعدة في أفريقيا وشرق أسيا وأميركا اللاتينية، رابطاً منح الأولوية للعلاقات مع أوروبا بتغيير سلوكها وسياساتها تجاه إيران.
وشدد على أن "سياستنا هي إدارة الصراع مع أميركا وليس إنهاءه"، مؤكداً أن التفاوض لأجل رفع العقوبات "في أي شكل وإطار هو سياسة إيران". وأشاد بوزير الخارجية الإيراني الراحل حسين أمير عبد اللهيان، معتبراً أنه كان أقرب وزير خارجية إلى الميدان في السياسية الخارجية لإيران طيلة العقود الأربعة الماضية. وأكد عراقجي أنه سيواصل نهج عبد اللهيان وفق تعبيرات استخدمها المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي بشأنه، بعد وفاته في حادث تحطم مروحيته رفقة الرئيس إبراهيم رئيسي، حيث وصفه بأنه "الوزير المكافح والمفاوض القوي والذكي والملتزم بالمبادئ والثوابت".
وأضاف عراقجي أن "دعم القضية الفلسطينية والمقاومة في لبنان وبقية حركات المقاومة في المنطقة سيكون على رأس برامج الحكومة" في السياسة الخارجية خلال الفترة المقبلة. وأعلنت لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني موافقتها أمس السبت على برنامج عراقجي، في مؤشر واضح على أنه على الأغلب سيحصل على ثقة البرلمان في جلسة عامة نهاية الأسبوع الجاري أو مطلع الأسبوع المقبل.
وفيما وجه الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني، ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، خلال الشهور الماضية، انتقادات لاذعة لقانون "الإجراء الاستراتيجي لإلغاء العقوبات" البرلماني، مع اتهامهما له وللقائمين عليه بإفشال المفاوضات الرامية لإحياء الاتفاق النووي في عهدهما، طمأن عراقجي البرلمان الذي يسيطر عليه المحافظون بأن "القوانين والمقررات البرلمانية في مجال العلاقات الخارجية" تشكل أحد أركان السياسة الخارجية في الحكومة الجديدة.
وأقر مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) في إيران، هذا القانون الذي يحظى بدعم كامل من خامنئي، يوم الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 2020، لاتخاذ خطوات نووية مهمة لإجبار الطرف الآخر على رفع العقوبات، منها رفع مستوى التخصيب وكذلك إلغاء العمل بالبروتوكول الإضافي الذي يحكم الرقابة الدولية على البرنامج النووي الإيراني بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
وخلال جلسة النقاش البرلمانية بشأن أهلية المرشح للخارجية الإيرانية، ألقى برلمانيون يؤيديون تولي عراقجي المنصب، وآخرون يعارضون، كلمات منفصلة. واللافت أن المؤيدين والمعارضين كانوا من التيار المحافظ، لكن المعارضين يُحسبون على التيار المحافظ المتشدد، ومن بينهم النائب أمير حسين ثابتي المقرب من المرشح الرئاسي الخاسر سعيد جليلي.
وفيما تحدث المعارضون المحافظون سواء في البرلمان أو خارجه عن أن عراقجي يمثل امتداداً لسياسات محمد جواد ظريف، وأشاروا إلى دوره في إبرام الاتفاق النووي، عارض المؤيدون هذا الاستنتاج، وأكدوا أن توجهات عراقجي تتسق مع السياسات العليا للبلاد في السياسة الخارجية والتي يحددها المرشد الإيراني الأعلى.
نبذة عن عباس عراقجي
يشار إلى أن عباس عراقجي كان من مهندسي الاتفاق النووي المبرم عام 2015، وقاد أيضاً ست جولات تفاوض غير مباشرة مع الإدارة الأميركية الحالية لإحياء الاتفاق النووي المترنح الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018 وأعاد فرض عقوبات غير مسبوقة على إيران.
وكان عراقجي يشغل منصب النائب السياسي لوزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف، ومقرباً منه، لكنه بعكس ظريف لم يتعرض لغضب شديد من المحافظين. وعُيِّن عراقجي (62 عاماً) في 2021 أميناً للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية بناءً على توصية خامنئي. ويتسق ترشيح عراقجي مع تركيز مسعود بزشكيان خلال حملته الانتخابية على السياسة الخارجية والملفات الساخنة المتصلة بها، مثل العقوبات والاتفاق النووي، محاولاً دغدغة مشاعر الناخبين انطلاقاً من ذلك، والقول إن أزمات إيران ومشكلاتها الاقتصادية الداخلية لن تُحل إلا عبر تبنّي سياسة خارجية منفتحة و"التعامل البناء" مع العالم والمنطقة، وهو ما دفع الناخبين الإيرانيين، الذين يئنّون تحت وطأة الأزمات الاقتصادية المرتبطة بالعقوبات، إلى التصويت له في الانتخابات الرئاسية في 5 يوليو/تموز الماضي.