استغل الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، فرصة لقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين، لإدانة الولايات المتحدة، وقال إنّه لم يعد لديه ثقة في واشنطن كوسيط للسلام في الشرق الأوسط، وتحدث عباس إلى بوتين ضمن قمة إقليمية تعقد في أستانا، بكازاخستان.
وجاءت تصريحاته بشأن الولايات المتحدة في وقت تتزايد فيه التوترات الأميركية-الروسية بسبب غزو موسكو لأوكرانيا.
وقال عباس لبوتين، على هامش قمة مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا (سيكا) المنعقدة في العاصمة الكازاخية، أستانة: "نحن لا نثق بأميركا وأنتم تعرفون رأينا. إننا لا نثق بها ولا نعتمد عليها، ولا نقبل أن تكون أميركا تحت أي ظرف طرفا وحيدا في حل مشكلة".
وتابع عباس أنّ الفلسطينيين سيعتدون فقط بالوساطة الأميركية إنّ كانت جزءاً من "رباعية" تتضمن روسيا.
وجدد عباس دعمه لما يسمى باللجنة الرباعية، التي تضم روسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، لكنه قال إنه لا يمكن ترك زمام الأمور للولايات المتحدة لتتصرف بمفردها. وأضاف إنه "يمكن أن تكون ضمن الرباعية لأنها دولة عظمى، لا مانع، لكن أن تكون وحدها فهذا لن نقبل به إطلاقا". وتأتي التصريحات في وقت يكثف فيه الرئيس الأميركي جو بايدن جهوده لعزل روسيا على خلفية غزوها أوكرانيا.
وقال عباس خلال لقائه مع بوتين "نحن فخامة الرئيس مطمئنون تماماً" لموقف روسيا تجاه الشعب الفلسطيني. وأضاف "روسيا تتمسك بالعدالة والقانون الدولي وهذا يكفينا".
وتابع "عندما تقول أنا مع الشرعية الدولية، أنا أكتفي بهذا منك لأن هذا ما أريده، ولذلك نحن سعداء بالموقف الروسي وراضون عنه تماماً".
وفي تصريحاته العلنية، لم يشر عباس إلى الحرب في أوكرانيا، ولم يشر إليها أيضاً في بيان مكتبه الصادر لاحقاً. وعكست تصريحات عباس إحباطه من الولايات المتحدة التي تراجعت عن وساطتها بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وبدلاً من ذلك، حولت واشنطن اهتمامها نحو قضايا عالمية بارزة مثل الحرب في أوكرانيا والعلاقات مع الصين والمصاعب الاقتصادية.
تأتي التصريحات أيضاً بعد أزمة ثقة بين الفلسطينيين والولايات المتحدة بعدما قطعت إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، تمويل الأونروا، وسعيها إلى سياسات منحازة لإسرائيل كان، منها نقل السفارة الأميركية إلى مدينة القدس المتنازع عليها.
أعاد الرئيس الأميركي جو بايدن تمويل الأونروا، لكنه أبقى على قرار نقل السفارة، ولم يحاول استئناف محادثات السلام، وركز على أهداف أخرى مثل تعزيز الاقتصاد الفلسطيني.
لم يجر الجانبان الإسرائيلي والفلسطيني مباحثات سلام مهمة خلال أكثر من عقد، واحتلت إسرائيل أراضٍ يطالب الفلسطينيون بها.
جاء هذا بعد أن قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، اليوم الخميس، إن بلاده لن تلتزم وحدها بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، وستراجع العلاقة معها.
وأضاف عباس، في كلمة له أمام مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا "سيكا"، المنعقد في أستانة (كازاخستان)، ونقله التلفزيون الرسمي الفلسطيني، "لن نقبل باستمرار الوضع الراهن، ولن نبقى الوحيدين الملتزمين بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، وسنراجع مجمل علاقتنا معها، كما وسنطالبها بالاعتذار والتعويض على ما ارتكبته من مجازر وتدمير بحق الشعب الفلسطيني".
وأردف: "نسعى للخلاص من الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على حدود العام 1967، ونؤمن بتحقيق ذلك بالطرق السياسية والدبلوماسية، واحترام القانون الدولي، والاتفاقيات الموقعة وعلى أساس قرارات الشرعية الدولية، والمرجعيات المعتمدة وعلى رأسها مبادرة السلام العربية".
وأكد عباس، أنه "بالرغم من وجودنا تحت الاحتلال، فإننا فاعلون على مستوى المحافل الدولية والأمم المتحدة". وأشار إلى "صعوبة الأوضاع حول العالم في ظل التجاذبات الإقليمية والدولية وغيرها من التحديات التي تواجه دولنا والعالم، مثل التهديدات الأمنية بما فيها إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، والأمن الغذائي وتوفير الطاقة والتغير المناخي وغيرها".
ودعا عباس، إلى "حشد الدعم الدولي لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، ودعم المساعي الفلسطينية الرامية للحصول على الاعتراف بدولة فلسطين".
وقال عباس: "بعد 74 عاماً من التشرد لأبناء شعبنا الفلسطيني بسبب النكبة في العام 1948، وما صاحبها من مجازر وصلت إلى أكثر من خمسين مجزرة، وهدم لـ 529 قرية فلسطينية، وتهجير وطرد لأكثر من نصف الشعب الفلسطيني من أرضه، (950 ألف لاجئ وفق إحصائيات الأمم المتحدة) وبالرغم من مرور 55 عاماً على احتلال باقي الأراضي الفلسطينية منذ العام 1967، وبالرغم من كل هذه المآسي التي تعرض لها شعبنا الفلسطيني، إلا أننا أبرمنا اتفاقيات مع إسرائيل على أساس رؤية حل الدولتين، إلا أن إسرائيل خرقت هذه الاتفاقيات، وواصلت عملياتها الاستيطانية وأعمال الهدم والقتل، وما يجري من استهداف للأسرى في سجون الاحتلال، والاعتداءات والحصار لمدننا ومخيماتنا وقرانا، وبخاصة في شعفاط وجنين ونابلس"
وجدد الرئيس الفلسطيني مطالبته "بوجوب الاعتذار والتعويض من بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية بسبب وعد بلفور".
و"وعد بلفور"، هو الاسم الشائع الذي يطلق على الرسالة التي بعثها وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور، في 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 1917، إلى اللورد (اليهودي) ليونيل وولتر دي روتشيلد، أشار فيها إلى أن حكومته ستبذل غاية جهدها لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
وتأتي تصريحات عباس، فيما تواصل قوات الاحتلال حصار مدينة نابلس (شمال الضفة الغربية) لليوم الثاني على التوالي، وسط إغلاق للحواجز والطرق المؤدية للمدينة.
كما تواصل قوات الاحتلال تشديد الخناق على مخيم شعفاط بالقدس المحتلة منذ أيام، وتمنع الدخول والخروج إلى المخيم وبلدة عناتا إلا في حالات استثنائية وبعد عمليات تفتيش وتدقيق مشددة.
(العربي الجديد، الأناضول، رويترز، فرانس برس)