عام كل الرهانات في تونس

02 يناير 2023
تظاهرة معارضة لقيس سعيّد في العاصمة التونسية، 10 ديسمبر الماضي (Getty)
+ الخط -

ينتظر سؤال مركزي وتاريخي التونسيين في هذا العام الجديد، هل ستواصل الديمقراطية التونسية نضالها من أجل أن تبقى حية تتنفس؟ هل ستنتصر؟ أم ستُكسر نهائياً ويطوى نفَس الحرية في المنطقة إلى غاية ثورة أخرى؟

يبدو عام 2023 عام رهانات كبيرة في تونس، وسيشهد بالتأكيد نضوج ثمرات العام الماضي 2022، إذ تيقظت قوى ديمقراطية حقيقية لنصرة الثورة والدفاع عن الشرعية، بعد أن كانت نهايات 2021 قاسية بسيطرة الرئيس قيس سعيّد على كل المؤسسات والسلطات.

ولكن النفَس الديمقراطي كان متأصلاً بين تونسيين، تجمّعوا على قلّتِهم العام الماضي للدفاع عن ثورتهم وحريتهم وتجربتهم الوليدة. ومع نهايات العام أصبحوا كثْرة، بل أغلبية واضحة تدعو لإصلاح الأوضاع ومحاولة بناء جديدة. ولكن هذا المسعى سيكون مرتبطاً في جزء منه برد سعيّد نفسه على هذا التيار الواسع في البلاد الذي يدعو لحوار وطني وإصلاحات دستورية وسياسية واقتصادية، وإذا كان الرئيس سيفهم هذا التحوّل في المزاج التونسي العام ويجنح للحوار، أم أنه سيواصل العناد وكأن شيئاً لم يحدث.

يميل كثيرون إلى الاعتقاد أن سعيّد لم يلتقط رسالة عزوف التونسيين عن الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي كان يُعوِّل عليها لبناء شرعية يمضي بها داخلياً ودولياً لاستكمال مشروعه، خصوصاً أنه صرّح وهو يصرخ غاضباً بأن الـ9 في المائة الذين شاركوا في التصويت أفضل من الـ90 في المائة الذين لم يذهبوا أو شاركوا في انتخابات أخرى مزورة. كما واصل سعيّد نعت معارضيه بالخونة والعملاء، في حين أن الجميع، حتى الكثيرين ممن كانوا معه بوضوح أو مترددين بينه وبين الشق المعارض، أصبحوا ضده اليوم.

ولكن سعيّد لا يصارع كل هؤلاء فقط، وإنما سيصارع أولاً وبالذات حقيقة اقتصادية لا يمكن نكرانها أو اتهامها بالعمالة والخيانة، على الرغم من أنه حتى في هذه يؤكد أنها بفعل فاعل. ولكن هذا الشتاء سيكون قاسياً جداً على التونسيين بعد اشتعال كل المؤشرات الاقتصادية، والتوقعات بتحركات اجتماعية احتجاجية على ارتفاع الأسعار بشكل جنوني وفقدان سلع من الأسواق، أمام موازنة تحتاج دعماً دولياً عاجلاً، ولكنه لن يأتي في القريب كما كان متوقعاً.

ومع تحركات منظمات المجتمع المدني، وخصوصاً اتحاد الشغل، تتوجه الأنظار إلى هذا الحوار الوطني المرتقب، وسط جدل كبير حول أهدافه وتفاصيله، وهل سيكون منطلقاً لبناء ديمقراطي جديد بالفعل، أم أنه مجرد عملية ماكياج لواقع لم يمكّن فعلاً من تأسيس بناء متين بتحقيق ولو جزء من مطالب التونسيين؟

رهانات 2023 في تونس ليست تونسية فقط، لأن انتصار الديمقراطية والشرعية سينعش آمالها من جديد في كل المنطقة، ولكن سقوطها سيكون عاماً أيضاً.