عام على حرب الإبادة.. جرائم بشعة بحق الأسرى و11 ألف حالة اعتقال في الضفة الغربية

08 أكتوبر 2024
قوات الاحتلال تعتقل فلسطينياً في طولكرم، شمالي الضفة، 4 مايو 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- منذ السابع من أكتوبر 2023، شهدت الأراضي الفلسطينية تصاعدًا في الاعتقالات الإسرائيلية، حيث تم تسجيل أكثر من 11 ألف حالة اعتقال، شملت نساء وأطفالًا وصحافيين، مع إصدار أكثر من 9000 أمر اعتقال إداري.

- وثقت مؤسسات الأسرى جرائم تعذيب ممنهجة بحق المعتقلين، بما في ذلك التهديد والضرب والاعتداءات الجنسية، وإنشاء معسكرات خاصة لاحتجازهم في ظروف لاإنسانية، مع تعديلات قانونية لتسهيل الاعتقالات والمحاكمات العسكرية.

- طالبت مؤسسات الأسرى بضغط دولي لوقف الانتهاكات ومحاسبة الاحتلال، ودعت لتشكيل لجنة تحقيق دولية محايدة، وحثت المنظومة الحقوقية على اتخاذ قرارات واضحة لمحاسبة دولة الاحتلال.

أكدت مؤسسات الأسرى (هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان)، بمناسبة مرور عام على حرب الإبادة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أن الاحتلال الإسرائيلي يمارس جرائم بشعة بحق الأسرى الفلسطينيين، ما أدى لاستشهاد العشرات منهم، علاوة على رصد 11 ألف حالة اعتقال في الضفة الغربية.

ووفق ورقة حقائق لمؤسسات الأسرى، فإنّ حملات الاعتقال بعد السابع من أكتوبر وصلت إلى أكثر من 11 ألفاً و100 حالة اعتقال في الضفة الغربية بما فيها القدس وآلاف الحالات من غزة، شملت أكثر من 420 من النساء، وما لا يقل عن 740 طفلاً، بينما بلغ عدد حالات الاعتقال بين صفوف الصحافيين 108 صحافيين وصحافيات. وبلغ عدد أوامر الاعتقال الإداريّ منذ بدء حرب الإبادة أكثر من 9000 أمر ما بين أوامر جديدة وأوامر تجديد، منها أوامر بحقّ أطفال ونساء.

وترافق حملات الاعتقالات المستمرة حسب ورقة الحقائق جرائم وانتهاكات متصاعدة، منها: عمليات تنكيل واعتداءات بالضرب المبرّح، وتهديدات بحقّ المعتقلين وعائلاتهم، إلى جانب عمليات التّخريب والتّدمير الواسعة في منازل المواطنين، ومصادرة المركبات، والأموال، ومصاغ الذهب. كما تصاحب حملات الاعتقال عمليات التدمير الواسعة التي تطاول البُنى التّحتية تحديدًا في مخيمات طولكرم وجنين ومخيمها، وهدم منازل تعود لعائلات أسرى، واستخدام أفراد من عائلاتهم كرهائن، إضافة إلى استخدام معتقلين دروعاً بشرية. وإلى جانب حملات الاعتقال هذه، فإنّ قوات الاحتلال أعدمت ميدانياً أشخاصاً، منهم أفراد من عائلات المعتقلين.

إلى ذلك، قالت مؤسسات الأسرى إنه استشهد في سجون الاحتلال بعد السابع من أكتوبر، ما لا يقل عن 40 أسيرًا ممن تم الكشف عن هوياتهم، بالإضافة إلى استشهاد العشرات من معتقلي غزة، ولم يفصح الاحتلال عن هوياتهم وظروف استشهادهم، وهناك العشرات تعرضوا لعمليات إعدام ميداني، بينما تواصل قوات الاحتلال احتجاز جثامين 38 أسيرًا ممن استشهدوا وأعلن عنهم منذ بدء حرب الإبادة، وهم من بين 49 أسيرًا من الشهداء يواصل الاحتلال احتجاز جثامينهم، ممن تم الإعلان عن هوياتهم.

وكافة المعطيات، حسب ورقة الحقائق، لا تشمل عدد حالات الاعتقال من غزة، علمًا أنّ الاحتلال اعترف بأنه اعتقل أكثر من 4500 مواطن من غزة، أفرج عن المئات منهم، كما تم اعتقال المئات من عمال غزة في الضّفة، إضافة إلى مواطنين من غزة كانوا موجودين في الضفة بهدف العلاج.

اما إجمالي أعداد الأسرى في سجون الاحتلال حتى بداية أكتوبر/ تشرين الأول 2024، فقد بلغ أكثر من عشرة آلاف و100، بينهم 3398 معتقلون إداريا بلا تهمة، و1618 ممن صنفهم الاحتلال بأنهم مقاتلون غير شرعيين، لكن ذلك لا يشمل أسرى غزة بشكل عام. ويبلغ عدد الأسيرات المعلومة هوياتهنّ 96 أسيرة، من بينهن ثلاث من غزة معلومة هوياتهن، ويبلغ عدد الأطفال ما لا يقل عن 270 طفلاً. قبل السابع من أكتوبر، بلغ إجمالي عدد الأسرى في السجون أكثر من 5250، وعدد الأسيرات 40، فيما بلغ عدد الأطفال في السجون 170، وعدد الإداريين نحو 1320.

جرائم تعذيب ممنهجة بحق الأسرى

من جانب آخر، أكدت مؤسسات الأسرى أنها وثقت شهادات العشرات من الأسرى والأسرى المحررين وعائلاتهم عكست مستوى عالياً من جرائم التّعذيب الممنهجة بكافة مستوياتها بعد السابع من أكتوبر.

ومن ضمن ما عكسته الشهادات: تهديدهم بإطلاق النار عليهم بشكل مباشر، والضرب المبرّح، والتّحقيق الميدانيّ معهم، والتّهديد بالاغتصاب، واستخدام الكلاب البوليسية، واستخدام المواطنين دروعاً بشرية ورهائن، واستخدام القيود أداةً للتنكيل، عدا عن عمليات الإعدام الميداني التي نُفّذت بحقّ المواطنين خلال حملات الاعتقال، وغيرها من الجرائم والانتهاكات الوحشية، وعمليات التّخريب الواسعة التي طاولت المنازل، ومصادرة مقتنيات وسيارات، وأموال، ومصاغ ذهب وأجهزة إلكترونية، إلى جانب هدم وتفجير منازل تعود لأسرى في سجون الاحتلال.

وأدت هذه الاعتداءات والجرائم الممنهجة إلى إصابة العديد من المعتقلين وأفراد من عائلاتهم بإصابات جسدية مختلفة، وتعمّد الاحتلال بعد اعتقالهم بتركهم دون علاج، وعكست شهادات العائلات العديد من الأعراض النّفسية التي ظهرت على أفراد من العائلة، ومنهم الأطفال، جرّاء عمليات الاقتحام الوحشية التي جرت لمنازل المواطنين. في حين أكدت مؤسسات الأسرى قيام جنود الاحتلال بتصوير فيديوهات للمواطنين الفلسطينيين الذين يتم اعتقالهم وتعذيبهم في ظروف تحط من الكرامة الإنسانية.

معسكرات خاصة لاحتجاز معتقلي غزة

وعلى صعيد عمليات الاعتقال في غزة، فقد شكّلت هذه العمليات أحد أوجه حرب الإبادة باعتقال آلاف المدنيين إلى جانب عمليات الإعدام الميداني. وقد عمل الاحتلال على استحداث معسكرات خاصّة لاحتجاز معتقلي غزة، إلى جانب السّجون المركزية، وكان من أبرزهم معسكر "سدي تيمان" الذي شكل العنوان الأبرز لجرائم التعذيب، إضافة إلى معسكر "عناتوت" ومعسكر "عوفر"، وهي معسكرات تابعة لإدارة جيش الاحتلال.

وكشف الأسرى المفرج عنهم من تلك المعسكرات عن الظروف اللاإنسانية والمذلة التي تعرضوا لها، إلى جانب الاعتداءات المتكررة عليهم، وممارسة سياسة التّجويع والتّعطيش، إلى جانب حرمانهم من العلاج، وممارسة أساليب وحشية بحقّهم وصادمة، ومنها إبقاؤهم معصوبي الأعين ومقيدين على مدار الوقت، إلى جانب الاعتداءات الجنسيّة ومنها عمليات اغتصاب.

وعمل الاحتلال على تطويع القانون من خلال تعديلات تمت على الأوامر العسكرية في الضّفة لضمان تسهيل عمل المحاكم العسكرية التابعة للاحتلال، واعتقال المزيد من المواطنين، كما أدخلت تعديلات قانونية على ما يسمى بقانون "المقاتل غير الشرعي" الذي فرضه الاحتلال على معتقلي غزة، وهو أشبه بقانون الاعتقال الإداريّ، ما رسخ جريمة "الإخفاء القسري" التي تشكل جريمة ضد الإنسانية، ولا تزال آلاف العائلات لا تعلم أي شيء عن مصير أبنائها المعتقلين.

وبلغت الإجراءات بحق الأسرى ذروتها بعد تاريخ السابع من أكتوبر، حيث بدأ الاحتلال بقمع الأسرى وتعذيبهم بشكل جماعيّ، وسُجلت العشرات من الإصابات بين صفوف الأسرى والأسيرات. وأصدرت دولة الاحتلال أمرا يُعدل قانون السّجون (طوارئ السجون) يمكنها من عدم الالتزام بمساحة العيش المقررة لكل أسير، وذلك يكون حسب ظروف الزنزانة وحجمها أو ظروف الاحتجاز، ومنعت قوات الاحتلال اللجنة الدولية للصليب الأحمر من تنفيذ أي زيارة للسجون بالتزامن مع إيقاف الزيارات العائلية بشكل مطلق، ووضع العراقيل أمام زيارات المحامين المحدودة.

وتشكّل جريمة التّجويع إحدى أبرز السياسات الممنهجة التي يستخدمها الاحتلال بحقّ الأسرى منذ بدء حرب الإبادة المستمرة، والتي أثرت على مصير الأسرى بشكل مباشر وعلى أوضاعهم الصحيّة، وأدت إلى استشهاد عدد منهم، إلى جانب عمليات التّعذيب الممنهجة، كما تسببت بإصابة العديد من الأسرى بمشاكل صحيّة مزمنة.

وتفشى مرض الجرب "سكايبوس" بين الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، وقد تصاعدت أعداد المصابين بسبب إهمال الأوضاع المعيشية للأسرى. في هذه الأثناء، طالبت مؤسسات الأسرى بضرورة الضغط على دولة الاحتلال لوقف عدوانها على الأسرى الفلسطينيين، ومحاسبة قادة الاحتلال على الجرائم التي اقترفوها، وبتشكيل لجنة تحقيق دولية محايدة ومستقلة للتحقيق في الجرائم المرتكبة بحق الأسرى الفلسطينيين منذ تاريخ السابع من أكتوبر، بينما طالبت المنظومة الحقوقية الدّولية بتجاوز حالة العجز المستمرة أمام حرب الإبادة، واتخاذ قرارات واضحة لمحاسبة دولة الاحتلال انتصارا للإنسانية جمعاء.

المساهمون