أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة، اليوم السبت، أنّ "الاتفاق ما زال ممكناً" خلال مباحثات فيينا النووية غير المباشرة مع واشنطن، رابطاً ذلك "بأن تقرر الولايات المتحدة ترك تراث (دونالد) ترامب الفاشل جانباً"، في الوقت الذي لوّحت فيه واشنطن بالانسحاب نهائيًّا من المباحثات بعد 6 جولات من انعقادها.
وأضاف خطيب زادة، في تغريدة على "تويتر"، أنّ بلاده "المتمسكة بشكل جاد بالحفاظ على الاتفاق النووي، الذي حاولت الولايات المتحدة تدميره، هي الطرف الأنشط في فيينا، ونحن قدّمنا معظم المسودات" خلال المفاوضات، مشدداً على أنّ "إيران لن تتفاوض إلى ما لا نهاية".
Out of a steadfast commitment to salvage a deal that the US tried to torpedo, Iran has been the most active party in Vienna, proposing most drafts.
— Saeed Khatibzadeh (@SKhatibzadeh) June 26, 2021
Still believe a deal is possible, if the US decides to abandon Trump's failed legacy.
Iran will not negotiate forever.
وتأتي تصريحات المتحدث الإيراني في وقت تشهد طهران سجالاً مع كل من الوكالة الدولية للطاقة الذرية والولايات المتحدة والأطراف الأوروبية الشريكة في الاتفاق النووي.
وطالبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الجمعة، إيران بتمديد "فوري" للاتفاق المؤقت معها بعد انقضاء مدتها الخميس، لمواصلة أنشطة المراقبة النووية.
غير أنّ المندوب الإيراني الدائم لدى المنظمة الدولية في فيينا كاظم غريب أبادي أكد، اليوم السبت، أنّ "أي قرار نتخذه حول المراقبة لا علاقة للوكالة بها"، مضيفاً، في مقابلة مع قناة "الخبر" الإيرانية، أنّ بلاده "ملزمة فقط بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار اتفاق الضمانات" في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.
وأوضح أنّ قرار إيران مواصلة كاميرات الرقابة في المنشآت الإيرانية نشاطها من عدمها "لا صلة له بالوكالة، ولم نقدم أي تعهد لها بتسجيل المعلومات (من خلال هذه الكاميرات) وهي لا يحق لها المطالبة بذلك".
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الجمعة، إنّ إيران لم ترد على الوكالة بخصوص تمديد اتفاق مراقبة الأنشطة النووية الذي انتهى أجله الخميس، داعية إلى رد "فوري" من طهران.
وذكرت الوكالة، في بيان، أنّ "الرد الفوري من إيران ضروري في هذا الصدد"، مضيفة أنّ مدير الوكالة عام رافائيل غروسي شدد على أهمية مواصلة الوكالة جمع البيانات عن بعض الأنشطة التي تجريها إيران.
وكانت طهران قد وقّعت على اتفاق مؤقت لمدة ثلاثة أشهر مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية أثناء زيارة غروسي إلى طهران، يوم 21 فبراير/شباط الماضي؛ أي قبل يومين من مهلة حددتها طهران لوقف تنفيذ البروتوكول المنصوص عليه في الاتفاق النووي لتشديد الرقابة على برنامجها النووي، بما فيها عمليات التفتيش المفاجئة، في الـ23 من الشهر نفسه.
الاتفاق المؤقت منح إمكانية مواصلة الكاميرات، الموضوعة في المنشآت النووية الإيرانية، أنشطتها من خلال تسجيل الأنشطة النووية بعد تعليق البروتوكول الإضافي، لكنها ربطت تسليم محتوياتها إلى الوكالة الدولية برفع العقوبات، وهو ما لم يحصل.
وبعد انتهاء مدة الاتفاق في 24 مايو/أيار الماضي، أعلنت إيران أنّ الكاميرات ستواصل مهامها مدة شهر إضافي لتسجيل الأنشطة النووية، بغرض منح الفرصة لمفاوضات فيينا لإنجاحها.
وانتهت المهلة، أمس الخميس، من دون الإعلان عن تمديد النشاط. وتقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنها طالبت إيران بتمديد الاتفاق، لكنها لم تتلق رداً منها بعد.
تحذير أميركي
وعلى صعيد آخر، ثمة سجال آخر هذه الأيام بين طهران وواشنطن وعواصم أوروبية، ما أطاح أجواء تفاؤل نشأت بعد انتهاء الجولة السادسة من مباحثات فيينا الأحد الماضي، وارتفاع منسوب التوقعات بالتوصل إلى اتفاق خلال الجولة السابعة.
وحذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم، من أن انسحاب بلاده من المحادثات النووية مع إيران "يقترب".
وقال الوزير الأميركي، في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز"، إنّ استمرار السلطات الإيرانية في تطوير برنامجها النووي "قد يصبح قريباً عقبة لا يمكن التغلب عليها إطلاقاً".
وأضاف "إذا استمروا في تشغيل أجهزة طرد مركزية أكثر تطوراً، بشكل مستمر، على مستويات أعلى وأعلى، فسنصل إلى نقطة صعبة للغاية من الناحية العملية" للوصول إلى الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015 بصيغته وبنوده الأصلية.
وردا على سؤال حول اليوم الذي قد تنسحب فيه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من المحادثات النووية في فيينا، قال بلينكن "لا يمكنني تحديد موعده، لكنه يقترب".
وكان بلينكن ووزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، قد دعَوَا في مؤتمر صحافي مشترك أمس الجمعة، في باريس، إيران إلى العودة لتنفيذ تعهداتها بالاتفاق النووي، محذرين من نفاد الوقت.
وحذر بلينكن من أنّ عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي ستكون "صعبة جداً" في حال طال أمد المفاوضات الجارية حالياً. وأضاف "ستأتي لحظة سيكون فيها من الصعب جداً العودة إلى المعايير المعمول بها في خطة العمل الشاملة المشتركة".
من جهته، حضّ وزير الخارجية الفرنسي طهران على اتخاذ "القرارات الأخيرة" للتوصل إلى تسوية تتيح إنقاذ الاتفاق حول النووي الإيراني.
وقال لودريان في المؤتمر الصحافي المشترك: "ننتظر من السلطات الإيرانية أن تتخذ القرارات الأخيرة، وهي على الأرجح صعبة، التي ستسمح باختتام" المفاوضات الجارية في فيينا لإحياء الاتفاق حول الملف النووي الإيراني.
من جهته، رد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة، مساء الجمعة، في بيان اطلع عليه "العربي الجديد"، على التصريحات الأميركية والفرنسية قائلاً إنّ "الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تنسحب أبداً من الاتفاق النووي لكي تعود إليه، بل يجب على أميركا أن تقرر وتعود إلى الاتفاق من خلال تنفيذ تعهداتها ورفع العقوبات غير القانونية".
وبدأت مباحثات فيينا غير المباشرة بين طهران وواشنطن لإحياء الاتفاق النووي بواسطة أطراف الاتفاق المكونة من روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، في 2 إبريل/ نيسان الماضي، وانعقدت حتى الآن ست جولات تفاوضية، ومن المقرر أن تنطلق الجولة السابعة مطلع الشهر المقبل، لكن موعدها لم يُحدد بعد.
وتهدف المفاوضات إلى إحياء الاتفاق النووي عبر عودة واشنطن إليه من خلال رفع العقوبات المفروضة على إيران، مقابل عودة الأخيرة إلى التزاماتها النووية.