لم يكن مفاجئاً ما أعلنه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن "إرهاب" "حركة المقاومة الإسلامية" (حماس)، أمس الأحد، في القمة الإسلامية-الأميركية بالرياض، لكن المفاجئ هو الحضور والمكان الذي أطلقت فيه التصريحات الأميركية الجديدة القديمة، وزج الحركة بين أطراف يعاديها علانية كل المجتمع الدولي أو غالبيته.
زجّ ترامب بـ"حماس" مع إيران، وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) و"حزب الله"، لكنّ رسالته كانت واضحة قبل يوم واحد من وصوله إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة في زيارة رسمية.
أما "حماس"، فمن جهتها، تنظر إلى التصريحات على أنها مجافية للحقيقة، وتؤكد أنّ الحركة "حركة تحرر وطني تقاوم الاحتلال وتدافع عن شعبها". كما أصدرت الحركة مواقف متعددة، وبيانا رسميا، تعليقاً على ما قالت إنها افتراءات الرئيس الأميركي، أمام الملوك والزعماء العرب والمسلمين، أمس الأحد، في الرياض.
وذهبت "حماس" بعيداً في التنويه إلى حديث ترامب "الملغوم" عن الأديان حين ربط "بين المملكة العربية السعودية والإسلام -وهذا حق- لكنه ربط بين زيارته للقدس والديانة اليهودية، وهو أمر خطير جداً لا يملكه ترامب أو غيره".
وقالت أيضاً إنّ الرسالة التي حملها ترامب إلى المنطقة العربية "رسالة سيئة فيها خلط مقصود للمفاهيم والقيم، ورسالة لشق صف الأمة الإسلامية".
ومن بين من عبّر عن رفضه لهذا الاتهام، قياديون وناشطون في حركة "فتح"، يختلفون مع "حماس" ليل نهار، لكنهم أعلنوا رفضهم لموقف ترامب من الحركة. وهو ما أشادت به أطراف في "حماس" واعتبرته موقفاً وطنياً.
وعلى صفحته في "فيسبوك"، كتب القيادي في "فتح" ومستشار الرئيس الفلسطيني، مأمون سويدان: "نحن نختلف مع حركة حماس ونحمّلها مسؤولية انسداد الأفق وتعريض شعبنا وقضيتنا لمخاطر حقيقية، لكن نرفض بشكل قاطع تصنيفها ضمن المنظمات الإرهابية".
بدورها، دانت الجبهة الشعبية، توصيف الرئيس الأميركي قوى المقاومة ومن يدعمها في نضالها ضد الاحتلال، بـ"الإرهاب".
ودعت الجبهة في بيان، قوى المقاومة، وقوى حركة التحرر الوطني العربية، إلى التصدي لمحاولات خلط الأوراق في توصيف قوى الإرهاب وما يترتّب على ذلك، ولمحاولات استبدال أولويات التناقض في المنطقة، وذلك من خلال التركيز على أنّ التناقض الرئيس كان وسيبقى مع الاحتلال الإسرائيلي، وأن تُصاغ البرامج والسياسات، وتُبنى التحالفات في المنطقة على أساس ذلك.
ودعت الجبهة، السلطة الفلسطينية، إلى عدم الانسياق وراء توصيف ترامب، بعدما شدّد في خطابه على أنّه سيبحث مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، موضوع مُكافحة الإرهاب، محذرة من الاستناد إلى ذلك لتشديد الحصار على قطاع غزة الذي تُديره حركة "حماس".
وفي هذا السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي، تيسير محيسن، لـ"العربي الجديد"، إنّ ترامب ترجم محتوى رؤيته الشاملة للخطة التي تبناها واستطاع أن يستميل إليها الدول العربية، والتي عنوانها تحالف جديد سني بعضوية أميركا وإسرائيل لمواجهة خطر إيران وحلفائها في المنطقة.
ولفت إلى أنّ ذكر "حماس" إلى جانب "حزب الله" و"داعش" وإيران، دليل على أنّ هؤلاء خارج الكوتة التي استطاع ترامب أن يجمعها حول رؤيته لإدارة الشرق الأوسط بشكل جديد في ظل إدارته الجديدة، محذّراً من إسقاطات خطيرة لتصريحات ترامب وخطواته التالية.
وأشار محيسن إلى أنّ هناك أدوارا ستوزع على حلفاء البيت الأبيض، بما يتساوق مع الإعلان والموقف، تجاه هذه المكونات، وأنّ أطراف التحالف الجديد يجب أن يأخذ كل منها دورا للتعامل مع أحد المكونات التي ذكرها ترامب، وهذا ينذر بأنه قد يكون مطلوب من السلطة الفلسطينية وإسرائيل إضافة إلى مصر ودول أخرى في المستقبل، أن يشتركوا معاً في إنهاء ظاهرة "حماس" في قطاع غزة.
وبحسب الكاتب والمحلل السياسي، فإن الأشهر المقبلة ستحمل ترجمة عملية لتحقيق هذا الأمر، الذي ينبه إلى أنّ الوضع غاية في الخطورة، وأنّ أمام حركة "حماس" تحديا كبيرا يفوق أضعاف ما تملكه من إمكانيات، وأيضاً محبيها وحلفاءها سواء كانوا دولا أو منظمات لن يستطيعوا آنذاك أن يقدموا لها شيئاً في ظل التحالف القوي الذي يتشكل.
وأضاف محيسن أنّ "حماس" ستجد نفسها وحيدة في الميدان، وقد تصمد فترة من الزمن، لكن تحتاج إلى معجزة كبيرة حتى تستطيع أن تنتصر أو تتخطى هذه العاصفة القوية.