شهدت مناطق شمالي سورية تصاعداً في أعمال العنف، اليوم الأربعاء، حيث قتل طفل وأصيب عدة أشخاص نتيجة لقصف نفذته "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) على مخيم للنازحين في ريف عفرين. في غضون ذلك، قتل عنصر من "الجيش الوطني" وأُصيب آخرون جراء قصف مشابه نُفذ أيضاً من قبل قسد على مناطق في ريف الحسكة شرقي البلاد.
وفي التفاصيل، أفاد مراسل "العربي الجديد"، بأن صاروخاً أطلقته "قوات سوريا الديمقراطية" أصاب مخيم "كويت الرحمة" في منطقة عفرين، مما أسفر عن وفاة طفل وإصابة 7 أشخاص آخرين.
كما شنّت "قسد" هجمات مماثلة في منطقة الحسكة شرقي سورية، أدت إلى مقتل عنصر من "الجيش الوطني" وإصابة 4 آخرين. يُشار إلى أن هذه الأحداث تأتي بعد تصاعد التوتر بين "قسد" و"الجيش الوطني" في الفترة الأخيرة.
وكانت القوات التركية وفصائل "الجيش الوطني" قد قصفت مواقع "قسد" في عدد من القرى بريف الحسكة، منها دادا عبدال وأم الكيف وبوبي والأسدية والمشيرفة وتل شنان.
على صعيد آخر، قال "الدفاع المدني السوري" المعروف بـ"الخوذ البيضاء"، إن قوات النظام السوري استهدفت بصاروخ حراري موجه جراراً زراعياً في منطقة الشيخ حسن بريف إدلب الغربي. وعلى الرغم من أن الهجوم لم يسفر عن إصابات بشرية، إلا أنه تسبب في أضرار مادية.
وفي سياق متصل، انتقد "الدفاع المدني" استمرار الأمم المتحدة في السماح لنظام بشار الأسد بالتحكم في ملف المساعدات الإنسانية والمساعدات عبر الحدود إلى مناطق شمال غربي سورية. وأكد أن هذا الإجراء يأتي على حساب معاناة السوريين الذين عانوا من التهميش والقهر.
ودعا الدفاع المدني المجتمع الدولي، إلى وضع آلية واضحة تضمن استمرار إدخال المساعدات عبر الحدود في سبيل توفير مزيد من الموارد المستدامة لنحو 4.8 مليون شخص في شمال غربي سورية.
لقد تجاهلت الأمم المتحدة مطالب السوريين ومناشداتهم، وسمحت لنظام الأسد بالتحكم بالملف الإنساني والمساعدات عبر الحدود إلى شمال غربي سوريا رغم وجود مستند قانوني يمكّنها من إدخال المساعدات دون موافقة الدولة المعنية أو مجلس الأمن.
— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) August 9, 2023
إن الرضوخ الأممي للنظام وهو الذي قتل وهجر السوريين… pic.twitter.com/j4NVDHA9lu
الجدير بالذكر أن المئات من الأهالي والمهجرين في مناطق ريف إدلب خرجوا في وقفات احتجاجية للتعبير عن رفضهم لتسليم ملف المساعدات الإنسانية إلى نظام الأسد، مؤكدين على أهمية وضع آلية واضحة لضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين دون تدخل سياسي.
تعميم أمني
في جنوب البلاد، قامت أجهزة المخابرات التابعة للنظام السوري في منطقة السويداء بتسريب تعميم أمني يمنع اعتقال أي شخص من سكان السويداء. وذلك بعد زيادة في حالات اختطاف أفراد وضباط من النظام لمبادلتهم مع معتقلين من المحافظة.
ذكرت شبكة "السويداء 24" المحلية، اليوم الأربعاء، أن رئيس إحدى الفروع الأمنية في المنطقة قد نقل كتاباً أمنياً صادراً عن وزارة الداخلية السورية إلى قادة أجهزة الشرطة في مختلف المحافظات. يحظر هذا التعميم بالحرف الواحد اعتقال أي شخص من السويداء بتهمة تنفيذ أمور أمنية معينة، باستثناء الحالات التي تكون فيها الجريمة واضحة.
ويطلب التوجيه الأمني الذي وصل إلى وزارة الداخلية من جهاز "الأمن الوطني"، وهيئة الأركان العامة لقوات النظام، توجيه المطلوب إلى مراجعة الفرع المعني في محافظة السويداء لتتم تسوية وضعه، عوضاً عن توقيفه بشكل مباشر.
وورد في الكتاب، أن الهدف من الإجراء هو "منع المجموعات الإرهابية المسلحة من افتعال المشاكل والقيام بقطع الطرقات وخلق التوترات في المحافظة".
مع ذلك، أثارت شبكة "السويداء 24" شكوكاً حول صحة التعميم، حيث أشارت إلى أن تاريخ واحد من التعميمات الأمنية المسربة يرجع إلى عام 2016، مما يشير إلى أنه قد يكون مجرد محاولة للتهدئة في السويداء في ظل تصاعد الاحتقان في المحافظة.
بدوره، شكك الناشط الإعلامي حمزة المعروفي العامل في شبكة الراصد المحلية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بالتعميم الصادرة، معتبراً أنها "خطة مدروسة بعناية لإثارة البلبلة والتكهنات وزرع الشقاق الطائفي بين مكونات الشعب السوري وبين أبناء محافظة السويداء، من خلال الخطاب التحريضي الواضح لكل من يدقق في وصف أهالي المحتجزين الثائرين لاحتجاز أبناءهم بـ"المجموعات الإرهابية المسلحة".
ويكشف المعروفي عن مفارقة يصفها بالعجيبة في التصنيف الذي يصنف به النظام كل من لا يتفق مع ممارساته التعسفية، وفي الوقت ذاته تدعم أجهزته الأمنية مجموعات مسلحة تمتهن الخطف والسلب والقتل ويطلق عليها أحياناً "المجموعات الرديفة"، مشيراً إلى أنه "خير دليل على ذلك الوثائق والبطاقات الأمنية التي ضبطت في مقرات ومنازل أفراد وقادة مجموعات مسلحة عاثت قتلاً وخطفاً وامتهنت قطع الطرق وسلب المواطنين واعتقال مواطنين معارضين للسلطة بعد تلفيق تهم وجنايات لهم، كعصابة شهبا وعصابة فلحوط".
ضمن السياق ذاته، أعرب الناشط ضياء أبو حسن عن اعتقاده بأن التسريب المنشور هو محاولة لتكريس الفوضى والتوتر داخل المحافظة. وأشار إلى أنه بالرغم من تبني النظام لمثل هذه السياسات للحفاظ على مصالحه، إلا أنه لا يزال يدعم مجموعات مسلحة تقوم بأعمال خطف وسلب واغتيال.
وقال أبو حسن: "تندرج أساليب النظام ضمن مخططاته للحفاظ على الفوضى داخل المحافظة قدر الإمكان لحماية مكاسب عديدة له، وفي الوقت ذاته تعزز حالة الذعر في القرى المحاذية للبادية الشرقية ببث شائعات عن احتمال حدوث هجمات إرهابية على هذه القرى".
وشهدت محافظة السويداء زيادة في عمليات الخطف خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث تم اختطاف أفراد النظام وضباطه على الطرقات العامة احتجاجاً على اعتقال مواطنين من السويداء على حواجز النظام خارج المحافظة.
وفي سياق متصل، هاجم شبان من آل "الأعور"، يوم الأربعاء، حاجز "عرى" وقاموا باحتجاز ضابطين من قوات النظام السوري رداً على توقيف مواطن من السويداء قبل ثلاثة أيام في العاصمة دمشق، قبل إطلاق سراحهما. وكانت "السويداء 24" قد نقلت عن مصادر محلية أن المسلحين احتجزوا نقيباً وملازماً من حاجز تابع للنظام في بلدة عرى غرب السويداء، وطالبوا بإطلاق سراح الموقوف في دمشق مقابل إطلاق سراحهما.
وفي وقت لاحق، أكد مصدر مقرب من العائلة، لـ"العربي الجديد"، الإفراج مساء اليوم عن الضابطين اللذين تم احتجازهما، بعد تلقيهما وعوداً قاطعة بإطلاق سراح قريبهما الموقوف في دمشق غداً.
من جهة أخرى، أشارت الناشطة الحقوقية دلال العبدالله(اسم مستعار)، إلى تصاعد التضييق الأمني في المحافظة. حيث لا يزال شابان اثنان من السويداء محتجزين، أحدهما يعاني من مشاكل عقلية والآخر اعتقل بتهمة غير مبررة، وفقاً للعبدالله. وأكدت أن النظام يتبع سياسة مزدوجة في التعامل مع المعتقلين، حيث يحمي المجرمين الحقيقيين ويعاقب من ينتقد سياسته.
وفي سياق آخر، أدى انفجار لغم إلى مقتل شخص في محافظة السويداء. ونقلت وكالة "سانا" التابعة للنظام أن شخصاً كان يستقل سيارته أصيب في انفجار لغم، ونُقل إلى المستشفى في حالة حرجة وتوفي لاحقاً.