- اللقاء يُنظر إليه كفرصة لتعزيز الحوار والتشاور بين الأحزاب والرئاسة، ويعكس رغبة في تعزيز التواصل السياسي والوطني، مع تأكيدات على أهميته في الإجابة على تساؤلات الشارع الجزائري.
- المحللون والمراقبون يرون في اللقاء فرصة لإثراء الساحة السياسية بأفكار جديدة ومناقشة القضايا العامة، مع التأكيد على التحديات التي تواجه الحوار السياسي في الجزائر والأمل في أن يكون بداية لمرحلة جديدة من التواصل والتفاعل الديمقراطي.
يجتمع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، غداً الثلاثاء، مع قادة 36 من الأحزاب الجزائرية التي تحوز على مقاعد في البرلمان والمجالس المحلية المنتخبة، وجهت لهم دعوات للمشاركة في اللقاء السياسي الأول من نوعه منذ عام 1998، لكن هذا اللقاء الذي تقرر منذ عشرة أيام تجرى ترتيباته في ظل صمت سياسي لافت، إذ تجنب قادة الأحزاب أية مناقشة لسياق هذا اللقاء ودوافعه والقضايا التي يمكن أن تطرح للنقاش مع الرئيس والانشغالات التي تعتزم الأحزاب طرحها في اللقاء.
واحتاج رئيس حركة البناء الوطني (إسلامي من الحزام الحكومي) عبد القادر بن قرينة إلى مقدمة سياسية ليبرر حديثه عن اللقاء المرتقب بين الرئيس عبد المجيد تبون وقادة الأحزاب، معتبراً أن ثقافة الدولة تفرض الالتزام بواجب التحفظ في الحديث عن اللقاء. وقال في هذا الصدد: "نحن رجال دولة ولدينا ثقافة دولة، ولم نكن نود أن نتحدث عن اللقاء لولا أن الصحافة وقادة أحزاب تحدثوا عنه".
وأضاف في تجمع طلابي عقده السبت الماضي: "لقد دعينا من طرف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، يوم الثلاثاء القادم، إلى لقاء سياسي مع بقية الأحزاب للحوار والتشاور، نعتبر هذا اللقاء خطوة متقدمة ستجيب على تساؤلات الشارع حول العلاقة بين الأحزاب والرئاسة وستعطي الدليل للمتابعين السياسيين على مستوى الحوار والتشاور الوطني".
وكان لافتا أن لقاء عبد المجيد تبون بقادة الأحزاب أحيط بصمت سياسي وإعلامي، فكما تحفظت الصحافة ووسائل الإعلام في الجزائر حتى الآن عن التطرق إلى اللقاء بسبب موانع فرضتها الرئاسة حول الأنشطة المقررة للرئيس تبون، تحفظ قادة الأحزاب السياسية التي تسلمت الدعوة الرئاسية عن الحديث عن اللقاء لغاية إعلان الرئاسة عنه رسمياً، على الرغم من أن لقاء بهذا المستوى والخصوصية السياسية، خاصة عشية استدعاء الهيئة الناخبة للانتخابات الرئاسية، كان يستدعي إحاطته بنقاش واسع حول سياقاته المحلية والإقليمية والقضايا والانشغالات السياسية التي يعتزم قادة الأحزاب طرحها، ما يطرح تساؤلات جدية حول ما إذا كانت الأحزاب السياسية في الجزائر، بما فيها قوى المعارضة، قد أصبحت رهينة لنمط اتصال سياسي فرضته السلطة على الأحزاب.
ويعتبر الكاتب في الشأن السياسي رياض هويلي أن هذا اللقاء السياسي كان يمكن أن يشكل فرصة مهمة للنقاش وتغذية الساحة السياسية بأفق وأفكار مهمة، مضيفا أن الأحزاب تتحمل مسؤولية تغييب النقاش ما دامت المؤسسة الرسمية وفرت فرصة مناسبة، خاصة أن الرئاسة أبقت على جدول الأعمال مفتوحاً وتركت للأحزاب حرية إثارة أية مسائل تشغلها.
ويؤكد هويلي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن تصرف الأحزاب السياسية بخصوص هذا اللقاء على نحو الصمت الذي التزمته، ومواضيع أخرى، راجع إلى ما يمكن وصفه بتخلي هذه الأحزاب عن الفعل السياسي الذي يقوم على أدوات تنظيمية وسياسية وإعلامية، ومنها خلق الجدل السياسي والإعلامي، والتدافع بالأفكار والآراء والمواقف، وجس نبض الجماهير وحتى أصحاب القرار من موقف أو قضية أو برنامج ما".
ويضيف الكاتب هويلي أن "صمت الأحزاب السياسية في الجزائر حول التداول في موضوع يخص مشاورات سياسية مع الرئيس عبد المجيد تبون يجعلها أجهزة بيروقراطية، أكثر منها كيانات تنظيمية تمتاز بالليونة والمطاطية في الساحتين السياسة والإعلامية".
ولا يملك قادة أكثر من ستة أحزاب سياسية، في حديثهم مع "العربي الجديد"، مبررات مقنعة للصمت بشأن لقاء الرئيس عبد المجيد تبون، ويعتبرون أن واجب التحفظ واحترام المؤسسة الرئاسية لا يتيح إذاعة مواقف وتقديرات سياسية إلى الرأي العام، قبل نقلها إلى الرئيس باعتباره الجهة الداعية والراعية للقاء الثلاثاء، لكن محللين يعتبرون أن هذه المبررات غير مقنعة من الناحية السياسية.
وقال المحلل السياسي حسين بلخيري: "صحيح أن الإطار الأخلاقي يفرض على قادة الأحزاب التزامات معينة عند التعامل مع مؤسسة الرئاسة، لكن ليس هناك مانع سياسي من الحديث عن الأهمية السياسية للقاء، والعناوين الكبرى التي تريد الأحزاب أن يتضمنها. هناك هامش مناورة سياسية تدخل في صلب عمل الحزب السياسي لكونه حزباً، وكان يتعين على الأحزاب استغلالها، كما أن الأمر لا يتعلق بلقاء سري أو غير معلن، وبالتالي فإن لقاء على هذا المستوى من الاتساع لأكثر من 36 حزباً سياسياً يصبح من حق الرأي العام الوطني أن يطلع عليه ويحاط بالنقاش الضروري".
وكانت الرئاسة الجزائرية قد وجهت، في 11 مايو/أيار الجاري، دعوات إلى أكثر من 36 حزباً سياسياً تحوز على تمثيل في المجالس الوطنية والمحلية المنتخبة، للقاء يعقد غدا الثلاثاء، "لاستعراض مختلف القضايا المتعلقة بالشأن العام الوطني"، وأبقت الرئاسة "جدول الأعمال مفتوحاً للأفكار وقابلاً للإثراء، ومناسبة لاستعراض مختلف الانشغالات والاقتراحات التي تود الطبقة السياسية إبداءها"، وفقاً لنص الدعوة.
ويأتي ذلك عشية استدعاء الرئيس عبد المجيد تبون، في الثامن يونيو/حزيران المقبل، الهيئة الناخبة لإجراء الانتخابات الرئاسية المقررة في السابع من سبتمبر/ أيلول المقبل، وهذه هي المرة الأولى التي يعقد فيها هذا النوع من اللقاءات منذ آخر لقاء مماثل كان قد عقده الرئيس الأسبق ليامين زروال مع قادة الأحزاب في أكتوبر/ تشرين الأول 1998. وسيشارك كل حزب سياسي في اللقاء المرتقب بوفد من ثلاثة أعضاء (رئيس الحزب وعضوان).