أثار تأييد الحكم الصادر بحق الشاب التونسي رشاد طمبورة (28 عاماً) لمدة سنتين صدمة لدى عدة منظمات وحقوقيين ومدافعين عن الحقوق والحريات، بناء على تهمة "ارتكاب أمر موحش" في حق الرئيس التونسي قيس سعيد. ويحاكم طمبورة على خلفية رسمه لجدارية انتقد فيها موقف سعيد من المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء.
وأدانت "جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات" حكم الاستئناف الصادر أمس في حق الشاب التونسي والمؤيد للحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بالمنستير في 4 ديسمبر/ كانون الأول الماضي بسجنه لمدة سنتين، معلنة في بيان لها أمس عن مساندتها المطلقة لسجين حرية التعبير رشاد طمبورة.
وحذرت "تقاطع" من توالي هذه الانتهاكات التي اعتبرتها تؤكد "مواصلة نظام قيس سعيد المضيّ قدما في انتهاج سياسات تكميم الأفواه والأيادي من خلال منع المواطنين والمواطنات عموما من حقهم في حرية الرأي والتعبير. وجرّ تونس إلى مربع الاستبداد الذي ناضل الشعب التونسي من أجل القطع معه".
ودعت جميع القوى المدنية والسياسية إلى "التحرك أمام تنامي هذه الأحكام الزجرية في حق الشباب. والوقوف صفا واحدا من أجل الدفاع عن الحق في حرية الرأي والتعبير، والمشاركة في الحياة السياسية. والتنديد بالانتهاكات الواقعة كقضية رشاد طمبورة والتي أعلنت من خلالها الدولة سياستها الموجهة لضرب الحقوق والحريات العامّة، ومنها حرية الرأي والتعبير".
وطالبت "تقاطع" بـ"رفع المظلمة المسلطة عليه، خاصة أن ما قام به ينضوي تحت الحق في حرية الرأي والتعبير المضمون دستوريا والذي تحميه الاتفاقيات الدولية والإقليمية، والتي تعتبر الدولة التونسية مجبرة بإعمالها وضمانها لجميع مواطنيها بغض النظر عن مختلف مواقفهم وتوجهاتهم وذلك كحقوق يتمتع بها كافة البشر دون تمييز".
وبينت أن "هذه الأحكام تتناقض مع التعليق 34 لسنة 2011 للجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان والذي وضح أن الفقرة 2 من المادة 19 والتي نصت على حماية جميع أشكال التعبير ووسائل نشرها. وتشمل هذه الأشكال اللغة المنطوقة والمكتوبة ولغة الإشارة والتعبير بلغة غير لفظية، مثل الصور والقطع الفنية. وتشمل وسائل التعبير الكتب والصحف والمنشورات والملصقات واللافتات والملابس والوثائق القانونية، وتشمل كذلك جميع الأشكال السمعية والبصرية فضلاً عن طرائق التعبير الإلكترونية والشبكية".
وقالت المكلفة بالإعلام والتواصل في جمعية "تقاطع من أجل الحقوق والحريات"، مي العبيدي في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "عنوان المرحلة هو خسارة أهم مكسب من مكاسب الثورة، وهو حرية الرأي والتعبير"، منتقدة "محاكمة الشباب من أجل تدوينة أو رسم في ظل المرسوم 54 والفصل 67 من المجلة الجزائية والذي يعود إلى 1913 أي منذ عهد البايات في تونس حيث تغيرت كلمة باي إلى رئيس".
وأشارت العبيدي إلى أنه كان لديهم الكثير من الأمل في إطلاق الشاب رشاد وحضروا الجلسة في محكمة الاستئناف أمس بالمنستير، مضيفة أن المرافعات متميزة من قبل هيئة الدفاع عن الشاب طمبورة، وهو ما ضاعف الأمل لديهم وجعلهم في البداية متفائلين بعودة رشاد إلى عائلته.
وأضافت المتحدثة ذاتها أن رشاد من مواليد 1996 وهو رسام، عبر عن موقفه من الأحداث التي جرت العام الماضي في ما يتعلق بالمهاجرين جنوب الصحراء والهجوم العنصري الذي حصل لهم، في علاقة بخطاب الرئيس التونسي حينها. وأضافت أن هذا الشاب اختار التعبير بالرسم على جدار معتمدية الجهة، ولكن سرعان ما طوق الأمن منزله وتم اقتياده إلى مركز الشرطة وإيقافه.
وبينت العبيدي أنه جرى اعتقال طمبورة في 24 يوليو/ تموز الماضي وظل في السجن إلى حين صدور الحكم الابتدائي في ديسمبر/ كانون الأول والقاضي بسجنه سنتين وذلك وفق الفصل 67 من المجلة الجزائية ووجهت له تهمة "ارتكاب أمر موحش" ضد قيس سعيد.
وأكدت أن "عدة محاكمات طاولت محامين وإعلاميين ومدونين بتهم ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الجمهورية قيس سعيد أي وفق قانون قديم، وقمعي"، مضيفة: "من المفارقات أنه بعد الخطوة التي تم القيام بها بعد الثورة والمكاسب التي تحققت حيث كان من المفروض المطالبة بمساحات أوسع من الحريات يحاكم اليوم شباب وفق قانون يعود إلى 1913 وهو ما يمثل عارا على الدولة".
واعتبرت الحكم بسنتين على الشاب طمبورة "حكماً قاسياً وصادماً لأن مثل هذه المحاكمات تتم على جريمة وليس على مجرد تعبير"، مضيفة أنه بمجرد سماع الحكم أمس شكل ذلك صدمة للعائلة وللناشطين الحاضرين في هذه القضية.
ولفتت إلى أن طمبورة سبق أن خاض إضراباً عن الطعام وزارته "الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان" فرع المنستير وطلبوا منه رفع الإضراب خاصة وأن وضعه الصحي تدهور، ولكنه رفض وخاط فمه احتجاجا، وفي الوقت الذي كانوا يأملون مغادرته السجن بعد 6 أشهر و14 يوما سيتحتم عليه قضاء مدة سنة ونصف أخرى.