صحافي إسرائيلي يزور السعودية وينقل "انطباعاته" من هناك

04 يوليو 2022
روى الصحافي الإسرائيلي تفاصيل زيارته إلى السعودية (Getty)
+ الخط -

نشر المراسل والمحلل العسكري في صحيفة يسرائيل هيوم يوآب ليمور، اليوم الإثنين، تقريراً موسعاً عن زيارته في الأيام الأخيرة للسعودية، مبرزاً ما وصفها بـ"مفاجأة إيجابية في التعامل السعودي، على المستوى الشعبي مع الإسرائيليين، وحب الاستطلاع لمعرفة معلومات عن إسرائيل، وما يدور فيها"، على حدّ تعبيره.

ووفق ليمور، فقد سأله شاب محلي قبل يومين في أحد مطاعم الرياض "من أين هو"، مضيفاً: "عندما قلت له من إسرائيل، أكمل كأن شيئاً لم يحدث ثم عاد ليسألني هل أنا حقا من إسرائيل، وعندما رددت بالإيجاب، قال لي "واو، أهلاً وسهلاً نحن نستقبل هنا الجميع بسرور، من كل الديانات".

وفضّل ليمور، الصحافي العسكري المعروف بمواقفه اليمينية، أن يبرز في تقريره ما وصفها بأنها مفاجآت إيجابية واجهها في السعودية، وبتعامل ودي واستقبال بحفاوة، "لدرجة أن كلمة إسرائيل لا تصدم أحداً هنا". وقال: "كررت التجربة مع سائقين عدة لسيارات الأجرة، ومع باعة في المحلات التجارية والأسواق. بعضهم ابتسم لي وأدار رأسه غير مصدق، أو بخوف، وبعضهم الآخر أجرى معي محادثة مليئة بحب الاستطلاع. أشك أن يكون أحد منهم قد التقى في الماضي بإسرائيلي، أو سمع العبرية، لكن أحداً من الذين التقيناهم، لم يعطنا شعوراً بأننا غير مرغوب بنا في المملكة، المسؤولة عن مقدسات الإسلام"، على حدّ زعمه.

ويقول ليمور المقرّب بطبيعة عمله من الأوساط الأمنية والعسكرية في إسرائيل، عن زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن المرتقبة إلى المنطقة (سيبدأها بإسرائيل في 13 من الشهر الجاري)، إنها لن تؤدي إلى علاقات رسمية بين الدولتين، لكنها سترفع المقاطعة المفروضة على ولي العهد محمد بن سلمان، بعد قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، فبايدن معني بأن تزيد السعودية من حصتها في إنتاج النفط لخفض أسعاره، لكنه سيحاول أيضاً الدفع قدماً بخطوات تطبيع بين السعودية وإسرائيل، ومن ضمن ذلك سيحاول أن يصطحب عند مغادرته إسرائيل إلى السعودية، شخصية إسرائيلية، مع أنه لم يتم بعد التوصل لاتفاق بهذا الخصوص، وفق تأكيده.

ومع أن ليمور يدّعي أن كل الضالعين في ملف العلاقات السعودية الإسرائيلية يقولون إن تسخين العلاقات بين الطرفين سيكون بطيئاً وتدريجياً، خطوة خطوة، وسيستغرق وقتاً طويلاً، لكن زيارة الرياض تكشف حجم التغيير الحاصل في السعودية، من الانتقال من حكم محافظ جداً، ميّز فترات حكم أبناء مؤسس المملكة عبد العزيز آل سعود، إلى الانفتاح التدريجي و"المحسوب" في عهد ولي العهد محمد بن سلمان.

ويضيف أن صور الملك الأب وابنه في كل مكان في الرياض، وتمر المملكة بعملية تمهيد وتهيئة للتغيير في الحكم، الذي يحمل معه أيضاً بشرى لإسرائيل من علاقات بعيدة وحذرة في الخفاء، إلى تعاون متصاعد في جملة من المجالات، لافتاً إلى أن بايدن سيهتم خلال زيارته للسعودية بملف خطة التعاون الدفاعي الإقليمي من الصواريخ والمقذوفات.

ويتحدث ليمور في تقريره عن زيارات إسرائيليين في وقت سابق للسعودية، ويقول: "في السنوات الأخيرة زار السعودية عدد غير قليل من الإسرائيليين، غالبيتهم من الأجهزة الأمنية، وفي مقدمتهم عناصر الموساد. تم كل شيء بسرية تامة، وغالباً في طائرات خاصة، لكن أخيراً، انفتحت السعودية تدريجياً أيضاً أمام الإسرائيليين الذين يحملون جوازات سفر أجنبية، وبالأساس رجال الأعمال. أشك في أن نرى فيها سيلاً من السياحة، لكن ما يقرّر هنا أيضاً هو العملية الجارية، فقريباً سيكون بمقدور الشركات الإسرائيلية الطيران شرقاً من فوق الأجواء السعودية، وقد يُسمح في المرحلة المقبلة أن يتوجه الحجاج المسلمون للسعودية مباشرة".

ويضيف: "الدين حاضر هنا في الرياض في كل مكان، في الملبس بطبيعة الحال. كافة النساء هنا يلبسن الجلابية السوداء ويضعن البرقع الذي لا يبقي في غالبية الحالات مكاناً ظاهراً من الجسد إلا العيون، والرجال يلبسون الدشداشة البيضاء مع الكوفية (شماغ). لا مجال للحديث هنا أصلاً عن الكحول، ويمنع تقديمها حتى في الفنادق، ولا في شركة طيران السعودية. المساجد تكتظ بالمصلين، ويمكن أن تسمع في الشوارع والطرقات صوت المؤذن، وقبل لحظة من الإقلاع بعد شرح تعليمات السلامة، يقرأ دعاء السفر".

ثم يتابع ليمور: "تكاد لا ترى سياحاً هنا، فالسعودية ليست بلداً سياحياً خلافاً لشقيقاتها في الخليج، ولا ترى هنا أجانب كثرا، باستثناء العاملين الذين يعملون مقابل رواتب متدنية، وبالأساس من الشرق الأقصى، حيث يمكنك أن تصادفهم في كل مكان. تجد في الرياض كل الماركات الغربية، بما فيها الأغلى ثمناً، لكنها أقل مفاخرة. غالبية السيارات هنا عادية، والناس يتعاملون ببساطة، وهو أمر نابع أيضاً من أن توزيع الثروات هنا ليس متساوياً، وخلافاً لما هو سائد في الإمارات وقطر، فإن قلة فقط هنا يتمتعون بالخيرات، بينما يعيش بقية أبناء الشعب حياة عادية. هذا هو التحدي الأكبر أيضاً لولي العهد محمد بن سلمان، أن يعطي الجميع هنا شعوراً بالانتماء".

ومع أن الصحافي الإسرائيلي يشكك بأن تكون السعودية محطة جاذبة للسياح (الإسرائيليين)، إلا أنه يخلص إلى القول: "يمكن الافتراض أن إسرائيليين كثرا سيأتون إلى هنا مستقبلاً، بعضهم لأجل الأعمال والتجارة، والبعض الآخر بفعل حب الاستطلاع، الطرفان سيكتشفان هنا دولة أقل تهديداً وجفاءً مما كان يمكن تصوره من بعيد. العكس هو الصحيح: السعودية لطيفة جداً، وتبث أجواء مريحة. أشك في أن تتحول إلى هدف على خريطة السياحة الإسرائيلية، لكن ما يحدث في هذه الأيام بين المملكة وبين إسرائيل هو حدث تاريخي من الصعب ألا تتاثر به. إذا تسلحت إسرائيل بصبر غير عادي (خلافاً لطبعها)، وأدركت أن هذه العملية ستستغرق وقتاً، فهناك إمكانية لعلاقات لا محدودة بين الدولتين".

المساهمون