شهادة وفاة ملتقى الحوار الليبي

12 اغسطس 2021
أعلن حفتر أنه وقواته باقون (عبد الله دوما/فرانس برس)
+ الخط -

كتب اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر شهادة وفاة ملتقى الحوار السياسي، في وقت تحاول فيه البعثة الأممية بعث الحياة مجدداً في هذا الملتقى، الذي شكّلت ممثليه من مختلف الأطياف السياسية والمجتمعية في ليبيا، في محاولة لتجاوز المعرقلين لعمليات التسويات والسلام في البلاد. فبعد ستة أشهر من نجاح الملتقى في توحيد السلطة التنفيذية وبثّ روح الأمل لدى الليبيين في أن تتمكن هذه السلطة من العبور بهم إلى برّ الأمان، أعلن حفتر، وسط استعراض عسكري جديد وهو يوزع الترقيات والرتب ويعيّن القادة الجدد، أن قواته "لن تخضع لأي سلطة غير منتخبة من الشعب مباشرة"، في إشارة إلى رفضه الخضوع للسلطة التنفيذية، ورفضه المعلن لوثيقة خريطة الطريق التي نصّت على أن المجلس الرئاسي هو القائد الأعلى للجيش الليبي. وتعليقاً على كلام حفتر، لم نسمع صوتاً واحداً من جانب البعثة الأممية التي كانت صادقت على خريطة طريق الحلّ الليبي، بعدما رعت جلسات صياغتها.

ولا أدل على وفاة الملتقى من الصمت المطبق الذي يسيطر على أعضائه هم أيضاً، فالمسؤولية تستوجب رفضهم لهذا الخرق الأساسي لبنود الوثيقة المؤسِّسة للمرحلة الحالية، ليس في تجاوز صلاحيات المجلس الرئاسي فقط، بل إن إعادة حفتر رئيس الحكومة الموازية عبد الله الثني إلى الواجهة مجدداً كرئيس لـ"الإدارة السياسية" في قيادة القوات المسلحة التابعة لحفتر، إشارة إلى استعداده لنسف وجود الحكومة. اختيار الثني، تحديداً، لا تُخفى دلالاته، فأي سياسة يمارسها حفتر، هو الذي يؤكد في كل خطاباته ابتعاده عن الشأن السياسي؟

الأسئلة تطول هنا، فلأي هدف سيجتمع الملتقى مجدداً؟ وأي قاعدة دستورية سيقر، فيما حفتر أعلن جهاراً نهاراً أنه وقواته باقون ولا شأن لهم بالانتخابات. وعادت شعارات "الحرب على الإرهاب والمليشيات" إلى خطابات اللواء المتقاعد مجدداً، وهي تلك التوصيفات التي لا يتورع عن إطلاقها على خصومه لتبرير حروبه. وماذا عن البعثة الأممية وصمتها حيال مواقف حفتر التي تبرز كلما تقترب البلاد من مرحلة قد تعيد الأمل للليبيين؟ ولماذا صمتت البيانات، التي كانت ازدحمت بها صفحات السفارات الأجنبية في البلاد، الداعمة لمخرجات ملتقى الحوار السياسي؟

بكل تأكيد، يعلم أعضاء الملتقى والبعثة والفاعلون الدوليون أن انهيار الملتقى وإزاحته من المشهد يعنيان عودة الصراع الحاد، إما في شكل سياسي بانسدادات ووضع قاتم، أو عسكري أيضاً، خصوصاً أن اتفاق وقف إطلاق النار لا يزال هشّاً، وحفتر الذي يمنح النياشين والرتب ويعيد تعيين رؤساء أركانه، لا تزال مليشياته في خطّ التماس... فلماذا الصمت؟

المساهمون