ضجت وسائل الإعلام العراقية المحلية وأخرى عربية، في ساعة متأخرة من مساء أمس الجمعة، بالحديث عن تحريك دبابات ومدرعات في بغداد والإعلان عن حالة الإنذار القصوى في صفوف القوات العراقية وتطويق المنطقة الخضراء، وهي الأخبار التي ظلت تتواتر من الساعة الحادية عشرة ولغاية الثانية عشرة من صباح اليوم السبت، عززتها صور ومقاطع فيديو بعضها تبين فيما بعد أنه قديم ولا يعود لتاريخ اليوم.
وتتكرر هكذا معلومات في الفترة الأخيرة في العاصمة العراقية بغداد، حيث يتم الترويج لأخبار ومعلومات تتحدث عن تحرك عسكري للحكومة ضد فصائل بعينها، أو عن تحرك للمليشيات ضد حكومة مصطفى الكاظمي، وتحديداً المنطقة الخضراء، سرعان ما يتضح عدم صحتها بعد ساعات قليلة، غير أن محطات فضائية وصحفا ومواقع إخبارية عراقية، وحتى عربية، تكون قد وقعت في فخ التضليل الإعلامي والمبالغة في الأخبار.
#العراق — مصادر الحدث: إعلان حالة الإنذار القصوى مرتبط بملء الفراغ الأمني في بغداد لمنع إطلاق الصواريخ
— ا لـ حـ ـد ث (@AlHadath) October 9, 2020
#العراق — مراسل الحدث: تحريك كتيبة الدبابات من الفرقة 9 للجيش العراقي إلى المنطقة الخضراء
— ا لـ حـ ـد ث (@AlHadath) October 9, 2020
#العراق — مراسل الحدث: إعلان حالة الإنذار القصوى لجميع القوات الأمنية في بغداد
— ا لـ حـ ـد ث (@AlHadath) October 9, 2020
ودفعت حادثة ليل أمس الناطق الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول إلى إصدار بيان رسمي، ينفي فيه إعلان حالة الإنذار القصوى لدى الأجهزة الأمنية، مؤكداً أن "الأوضاع الأمنية مستقرة بشكل تام".
وأبلغ مسؤول عراقي بارز في قيادة العمليات المشتركة بالعاصمة بغداد "العربي الجديد"، بأن ما حدث يوم أمس كان مجرد استبدال لقطعات عسكرية في بغداد، وهو إجراء رويتني منذ سنوات وليس بجديد، لافتاً إلى أن الوثيقة، التي تم تسريبها ليل أمس، تتحدث عن تأهب في عمليات مناقلة القوات أو استبدالها، لمنع حدوث أي خرق أمني يسهل تنفيذ عمليات إرهابية.
وكشف المسؤول العراقي عن أنه "تم فتح تحقيق مع عدد من الضباط في قيادة عمليات بغداد، بعد تسريب الوثيقة، حتى قبل تعميمها على القطعات العسكرية الماسكة للأرض، وهناك ضباط قيد التوقيف والتحقيق، وتتخذ بحقهم الإجراءات القانونية بعد انتهاء التحقيق".
ولفت إلى أن شائعات الانقلاب والتحرك العسكري المضاد، واستهداف قيادات بالحشد، والقصف الأميركي، أو تحليق قاصفات أميركية في سماء بغداد، وتطويق المنطقة الخضراء ومحاصرة منازل مسؤولين أو فرار مسؤولين وشائعات أخرى، صارت تتكرر منذ اغتيال زعيم فيلق "القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في العراق، مطلع العام الحالي، وما زالت.
انذار (ج) في بغداد !! pic.twitter.com/bCWexqwmJI
— احمد الطيب (@Ahmd_Altaib) October 9, 2020
إلى ذلك، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي كاطع الركابي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "ما شهدته العاصمة بغداد، ليل أمس، ممارسة أمنية عسكرية، هدفها التدريب لحالة الطوارئ، ولا يوجد أي خرق أمني أو تخوف أمني، وهذه الممارسات تجرى بشكل دائم".
وبين الركابي أن "هناك وسائل إعلام ومواقع تواصل اجتماعي عملت على بث شائعات لا صحة لها، فهناك جهات داخلية وخارجية تقف خلف بث هكذا شائعات، تحاول بقدر الإمكان أن تبث هكذا شائعات من أجل إرهاق الناس وتشويش الرأي العام".
وأكد النائب العراقي أن "الوضع في العاصمة العراقية بغداد تحت السيطرة من الناحيتين الأمنية والعسكرية، وأنه لا توجد أي خروقات أو مخاوف من أي شيء طارئ قد يحصل، ولا يوجد أي شيء لتتخوف منه الناس، فكل شيء تحت السيطرة التامة".
في المقابل، قال عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد سعد المطلبي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "هناك جيوشاً إلكترونيةً تعمل مع أطراف مختلفة، تعمل على بث الشائعات الأمنية، من أجل إثارة القلق والفوضى لتحقيق بعض الأهداف الخاصة بها".
وأكد المطلبي أن "الوضع في بغداد تحت سيطرة القطعات العسكرية، وما جرى ليل أمس جزء من الممارسات الأمنية المعتاد حصولها بين حين وآخر، لغرض التدريب، ولا يوجد أي شيء طارئ أمنياً إطلاقاً، وأن ما أثير غير ذلك تقف خلفه جهات لها جيوش إلكرتونية، هدفها بث هكذا شائعات".
ومثل هذه الأخبار التي باتت مصدر ترويع لسكان بغداد، وتؤثر بشكل واضح على المواطنين بالمحافظات الأخرى، بل وتتحكم حتى بقوة الدينار العراقي في التداولات اليومية أمام الدولار، تتكرر بشكل واضح، وعادةً ما تكون ليلاً، وتتناوب المسؤولية عليها جيوش إلكترونية وجهات سياسية مختلفة، في وقت تلعب قلة خبرة الصحافيين، وتسرعهم في كثير من الأحيان، دوراً في تسللها لقنوات فضائية ووكالات أخبار.