سيناريوهات التعامل مع أزمة الجنود المصريين المحتجزين في السودان

16 ابريل 2023
تصاعد الدخان في سماء الخرطوم نتيجة المعارك (عمر إردم/الأناضول)
+ الخط -

أثار الفيديو الذي نشرته "قوات الدعم السريع" في السودان لجنود مصريين احتجزوا في قاعدة عسكرية في مدينة مروي، شمالي السودان، ردود فعل واسعة في مصر ومطالبات بضرورة التدخل لإنقاذ هؤلاء الجنود والرد على الطريقة "المهينة" التي تعاملت بها "قوات الدعم السريع" معهم.

وعلم "العربي الجديد" أن هناك تبايناً في التقديرات المصرية بشأن التعامل مع أزمة الجنود المحتجزين، ففي حين يرى فريق ضرورة التعامل بحزم مع الأزمة والتدخل بشكل حاسم وعاجل لتحرير الجنود، يرى فريق آخر أنه لا داعي لتصعيد الموقف مفضلاً اتباع الطرق الدبلوماسية، لا سيما أن الجنود كانوا في مهمة سلمية ووجودهم في السودان شرعي.

وبحسب ما توفر من معلومات، يقول الفريق الأول أنه كان من الضروري العمل على سحب الجنود المصريين من قاعدة مروي قبل انطلاق المعارك بين المتحاربين السودانيين، أو إصدار بيان واضح وقوي اللهجة بوجود قوات مصرية في مروي وتحذير الأطراف من المساس بها.

وأما الآن وقد حدث ما حدث، فيرى هذا الفريق وجوب التدخل عسكرياً بشكل "عقلاني وحاسم" لاستعادة الجنود أولاً، وثانياً لمساعدة الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، لاستعادة زمام الأمور والسيطرة من جديد على الأوضاع في السودان، وهو ما يحقق لمصر مصالحها في الجارة الجنوبية، ويقوي موقفها الاستراتيجي في الإقليم.

وتوقع الباحث العسكري والضابط السابق في الجيش المصري العميد صفوت الزيات، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن يقتصر التدخل المصري "على البعد الدبلوماسي لاعتبارات عدة، أولاً أن هناك تعهداً معلناً من قبل محتجزيهم (الدعم السريع) بسلامة الجنود المصريين وإعادتهم فور استقرار الأوضاع، وثانياً لأن التدخل عسكرياً سيضع مصر في حالة اشتباك مع أحد طرفي الصراع، وهو ما يعني انحيازاً ضمنياً لصالح طرف على حساب آخر".

وأضاف الزيات أن "التدخل العسكري سيكون عبر عملية قوات خاصة، تستهدف تحرير الأسرى في بيئة ضبابية من الصعب السيطرة عليها وتقدير تبعاتها، وفي مقدمتها الخسائر البشرية غير المبررة طالما كان هناك تعهد مسبق بسلامة الأسرى من قبل حاجزيهم".

وأكد الباحث العسكري المصري أن "الوجود العسكري المصري على الأراضي السودانية ضرورة استراتيجية، كوجود جغرافي متقدم قرب أخطر مناطق التأثير على الأمن القومي المصري، وهي منطقة السد الأثيوبي، إذ يوفر هذا الوجود مصداقية لأدوات الرد المصري في حال تطورت أحداث هذه الأزمة، ومن ثم فإن آخر ما يحتاجه هذا الوجود هو خسارة مصر رضا أحد أطراف الصراع الداخلي الجاري في السودان، مهما كانت نتائج هذا الصراع لصالح طرف على حساب آخر".

وفي السياق، أكد أستاذ القانون الدولي العام وخبير حفظ السلام الدولي السابق في البلقان أيمن سلامة، لـ"العربي الجديد"، أن "القوات المصرية في السودان ليست مرتزقة ولا تحارب بالوكالة عن أحد الأطراف في السودان، ووجودها شرعي وقانوني وفق اتفاقيات عسكرية وغير عسكرية، مثل اتفاق المركز القانوني للقوات المصرية في السودان". 

وتابع سلامة أن القوات المصرية "لم تستسلم لطرف من القوات المحاربة في السودان، لأنها أصلاً ليست قوات محاربة في النزاع المسلح الداخلي هناك، ولذلك لا يمكن تصنيفها كأسرى حرب".

وأكد سلامة، وهو عضو في المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن مصر "لن تسمح باستمرار أزمة القوات المحتجزة في السودان، وستكون هناك تداعيات كبيرة"، لافتاً إلى أن "أي قرار مصري في الوقت الحالي، سواء أكان سياسياً أم عسكرياً حيال المشهد السوداني بشكل عام أو حيال القوات المصرية المحتجزة، لن يكون قراراً مرتجلاً متعجلاً، بل سيؤخذ على أساس دراسة متأنية للموقف".

من جهتها، استبعدت خبيرة الشؤون الأفريقية المصرية، نجلاء مرعي، أن تتدخل مصر عسكرياً في السودان.

وفي هذا السياق، قالت مرعي لـ"العربي الجديد" انها لا تعتقد "بالتدخل العسكري المصري، وفقاً لمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، إلا إذا كان هناك تهديد للأمن المصري على الحدود المشتركة". وأضافت: "لا يجب أن ننسى أن مصر أعلنت عن المبادرة المصرية، ولا تزال المباحثات السرية جارية بشأنها مع الأطراف والأحزاب السودانية".

ووجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره في جنوب السودان سلفا كير نداءً، اليوم الأحد، لوقف فوري لإطلاق النار في السودان، وناشدا الأطراف السودانية بتغليب "صوت الحكمة والحوار السلمي وإعلاء المصلحة العليا للشعب السوداني".

كما أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالاً، صباح الأحد، بنظيره السوداني علي الصادق، تناول "التطورات الجارية على الساحة السودانية، وجهود إنهاء الأزمة".

وحسب بيان للخارجية المصرية، تطرق الاتصال إلى "أوضاع الجالية المصرية في السودان، وأهمية الحفاظ على أمن وسلامة جميع المصريين الموجودين في السودان في ظل الأوضاع الأمنية المتدهورة".

المساهمون