سياسة على هامش المونديال

25 نوفمبر 2022
حضر الدعم لفلسطين من قبل جمهور المونديال (Getty)
+ الخط -

قد يكون صعباً الفصل التام بين كرة القدم والسياسة، فما بالنا بمونديال قطر، الذي كشف كيف يتحكّم جنون العظمة في مواقف بعض الغرب. وذلك بالتأكيد سيفتح باباً لنقاشات واسعة بعد ختام المونديال، خصوصاً إذا أريد بالفعل تصحيح بعض شوائب العقليات الاستعمارية.

وفي هذه المناسبة أيضاً يبدو استغراب البعض من ارتفاع منسوب مشاعر الفرح العربي لفوز السعودية على الأرجنتين، وصمود المنتخبات العربية الأخرى، استغراباً مصطنعاً، هدفه الإسقاط على منطقة جغرافية بعينها. وهو كذلك، لأنه في المقابل نرى الأمر نفسه في أنحاء القارة الأوروبية، وغيرها. إذ يتحوّل عادة حتى الساسة في الدول الإسكندنافية، وغيرها من تكتلات أوروبا، إلى ارتداء ألوان علم البلد المتبقي من جغرافيتها في المونديال.

ويبدو غريباً استخفاف البعض بأن للعرب مثل ما لدى الشعوب الأخرى، ليس فقط القدرة على احتضان المونديال، بل في تلك المشاعر التلقائية الصادقة. ولعل ما يدعو للأسف في السياق نفسه ذهاب البعض بلسان عربي نحو تصعيد الخصومة، وإلى مستوى غير مسبوق في ركوب موجة الأوركسترا الغربية، التي لا تستهدف فقط المضيف، بل الكل العربي.

في الأجواء نفسها، حاول الاحتلال الإسرائيلي مرة أخرى استغلال الحدث لبث بكائية أخرى في سردياته الدعائية عن العرب، وخصوصاً رفض الجمهور التعاطي مع مراسليه. ووصل الأمر إلى حد الشكوى على القنوات العبرية من "تنمّر عربي"، بينما ما يزعجهم هو حقيقة وعفوية مكانة وقيمة فلسطين عند الشارع العربي. فلعبة تسويق الذات كضحية باتت تعاني أكثر من السابق، في ظل استمرار التنكيل والتوسع الاستيطاني، والسياسة المؤسسة للأبرتهايد على أرض فلسطين.

ربما يصعب على الاحتلال الآن تكرار استغلاله لأحداث المونديال، كما فعل في اجتياح لبنان في صيف 1982، وتنفيذه مذبحة صبرا وشاتيلا، لكنه في المقابل يواصل التبشير العلني بمذابح وترحيل جماعي، وخصوصاً في تحالف رئيس الحكومة المكلف بنيامين نتنياهو مع أمثال إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.

ببساطة، قدّم المونديال درساً عن أن المراهنة على كسر فلسطين، بعزلها عن محيطها، ليس فقط مراهنة فاشلة، بل إعادة تأكيد أن رعاية ما زرعه التطرف الاستيطاني الصهيوني سيكون حصاده قاسياً في قادم الأيام، مهما ارتفع منسوب التضحية اليومية للفلسطينيين.

المساهمون