اندلعت اشتباكات بين المعارضة السورية المسلحة وقوات النظام السوري في ريف إدلب شمال غربي سورية، فيما استمرّ التوتر في ناحية منبج بريف حلب الشمالي الشرقي، على خلفية مقتل متظاهر بإطلاق نار على تظاهرة كانت قد خرجت أمس الإثنين، تنديداً بـ"قوات سورية الديمقراطية".
وذكرت مصادر لـ"العربي الجديد" أن قوات النظام السوري حاولت التسلل إلى نقاط متقدمة على محور قرية الرويحة في جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، حيث اشتبكت مع عناصر المعارضة، ما أجبرها على التراجع إلى نقاطها، مضيفة أنه لم يتبين وقوع قتلى أو جرحى في صفوف المعارضة، فيما لم يتبين حجم الخسائر في صفوف النظام.
وجاء ذلك في ظل سريان وقف إطلاق النار بالمنطقة، حيث تستمر قوات النظام في خرق الاتفاق بشكل شبه يومي، موقعة أضراراً مادية في ممتلكات المدنيين.
إلى ذلك، يستمر التوتر في ناحية منبج بريف حلب الشمالي الشرقي بين الأهالي ومليشيات "قسد" على خلفية مقتل شخص من الأهالي وإصابة آخرين أمس بإطلاق نار على تظاهرة خرجت رفضاً لسياسة وحملات التجنيد الإجباري التي تقوم بها المليشيات في المناطق الخاضعة لها.
وذكرت مصادر لـ"العربي الجديد" أن الأهالي هاجموا عدة مقرات للمليشيات في مدينة منبج وفي أطراف المدينة الشمالية، وأحرقوا آليات للمليشيات وبعض محتويات المقرّات التي غادرها عناصرها خوفاً من الاشتباك مع الأهالي، حيث استمر التوتر حتى صباح اليوم، في ظل دعوات لاستمرار الإضراب احتجاجاً على "قسد".
وذكرت المصادر أن "قسد" أصدرت قراراً بفرض حظر للتجول في مدينة منبج بهدف منع خروج التظاهرات ضدها، وبهدف إخفاء حالة الإضراب العام الذي تشهده المدينة على خلفية الاحتجاجات ضد ممارساتها، مضيفة أن حظر التجول من المفترض أنه بدأ عند منتصف الليلة الماضية ويستمر 48 ساعة.
وقالت مصادر من أبناء مدينة منبج لـ "العربي الجديد" مساء أمس، إن مسناً يبلغ من العمر 50 عاماً، قُتل برصاص عناصر "قسد"، فيما أُصيب ثلاثة مدنيين، أحدهم بجروح خطرة، عند محاولة العناصر فض التظاهرة التي خرجت ضد قرار التجنيد الإجباري في الطرف الغربي لقرية الهدهود الواقعة شرق مدينة منبج بريف حلب الشرقي.
وتبسط "قسد" سيطرتها على مدينة منبج، إحدى أكبر المدن في ريف حلب الشرقي، التي تقطنها غالبية من العشائر والقبائل العربية الرافضة لتسلط "وحدات حماية الشعب" الكردية وتحكّمها بمراكز القرار ضمن مناطق "قسد".
وفي غضون ذلك، وقعت اشتباكات بين "الجيش الوطني" ومليشيات "قسد" على جبهة قرية الدغلباش غرب مدينة الباب بريف حلب الشمالي الشرقي، تزامنت أيضاً مع استهداف متبادل بالقذائف المدفعية.
وقالت مصادر لـ"العربي الجديد" إن فصائل "الجيش الوطني" أسقطت مساء أمس طائرة استطلاع محلية الصنع مذخرة مجهولة المصدر، كانت تحلق في منطقة أعزاز بريف حلب الشمالي.
وكانت الشرطة الروسية قد سيرت دورية عسكرية مشتركة مع الجيش التركي مساء أمس في محيط مدينة عين العرب شمال شرقي حلب، وذلك ضمن الاتفاقات والتفاهمات بين الطرفين حول مناطق سيطرة "قسد" في شمال سورية.
قتيل وثلاثة جرحى بانفجار جديد في مناطق "قسد"
في غضون ذلك، قتل مدني وجرح ثلاثة آخرون اليوم الثلاثاء، جراء انفجار دراجة نارية مفخخة في مدينة الحسكة شمال شرقي سورية.
وذكرت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، أن دراجة نارية مفخخة انفجرت بالقرب من حاجز الغزل التابع لـ"قوات سورية الديمقراطية" شرق مدينة الحسكة، ما أدى إلى مقتل مدني وإصابة ثلاثة آخرين بجروح متفاوتة، بينما لم يتبين وقوع إصابات في صفوف عناصر "قسد".
وتشهد مناطق "قسد" بشكل شبه يومي هجمات مشابهة تطاول المدنيين والدوريات العسكرية التابعة للمليشيات، وتسفر عن خسائر بشرية ومادية، فيما تعاني عموم المناطق من واقع أمني متردٍّ، في ظل سيطرة "قسد" المدعومة من قوات التحالف الدولي ضد "داعش".
وجاء الانفجار في ظل قيام "قسد" بحملات دهم واعتقال في مناطق متفرقة تخضع لها شمالي وشرقي سورية، بهدف سوق الشبان إلى التجنيد الإجباري في صفوفها، حيث اعتقلت أكثر من 250 شخصاً منذ بداية الأسبوع الماضي، وتستمر في نشر الحواجز على الطرقات بهدف ملاحقة الشبان.
من جانب آخر نقلت وسائل إعلام كردية عن مجموعة تطلق على نفسها "قوات تحرير عفرين" تبنيها هجمات في منطقة عفرين ضد "الجيش الوطني السوري".
وقالت وكالة أنباء هاوار إن "قوات تحرير عفرين" أعلنت في بيان لها اليوم مقتل 5 وإصابة 9 آخرين من عناصر المعارضة السورية المسلحة، جراء سلسلة عمليات نفذتها ضدهم في الفترة الواقعة بين 26 و31 مايو/أيار الماضي.
وذكر البيان أن المجموعة نفذت هجوماً بتاريخ 26 مايو، على طريق راجو في منطقة عفرين، أسفر عن مقتل 3 وإصابة 7 آخرين، وبتاريخ 27 مايو، نفذت عملية قنص بالقرب من قرية برادي في ناحية شيراوا، أسفرت عن مقتل عنصر، وفي الـ30 من شهر مايو، نفذت عملية في قرية مالد التابعة لبلدة مارع، أسفرت عن مقتل شخص واحد.
وقال البيان إنه بتاريخ 31 مايو، نفذت هجوماً في قرية مالد التابعة لبلدة مارع من دون ورود معلومات عن نتائج العملية، وفي اليوم نفسه، نفذت عملية في بلدة مارع وعملية في قرية قطمة في ناحية شرا شمالي حلب دون معرفة نتائجهما.
وكانت مناطق سيطرة "الجيش الوطني السوري" قد شهدت أمس، وخلال الأيام السابقة، عدة هجمات من مجهولين طاولت عناصر من الشرطة التابعة للمعارضة السورية وموظفين، كما طاولت مدنيين وعناصر من "الجيش الوطني"، وأسفرت تلك الهجمات عن وقوع قتلى وجرحى.
وتتهم المعارضة السورية كلاً من "وحدات حماية الشعب" الكردية، وتنظيم "داعش"، والنظام السوري بالوقوف وراء الهجمات التي تستهدف مناطقها في شمال غرب البلاد، وتوجه أصابع الاتهام بالدرجة الأولى إلى مليشيات "وحدات حماية الشعب" التي تقود "قسد".
محاولة اغتيال قيادي سابق في درعا
في سياق آخر، نجا قيادي سابق في فصائل المعارضة السورية المسلّحة من محاولة اغتيال طاولته في بلدة نصيب بريف درعا الشرقي، فيما وثق "تجمع أحرار حوران" اعتقال النظام السوري قرابة عشرين شخصاً في درعا منذ يوم الانتخابات الرئاسية التي أجراها النظام في مناطقه.
وقال الناشط محمد الحوراني في حديث مع "العربي الجديد"، إن مجهولين هاجموا بعبوة ناسفة القيادي السابق في فصائل المعارضة السورية المسلحة عماد أبو زريق على الطريق الواصل بين بلدتي أم المياذن والنعيمة شرقي درعا، حيث أدى الاستهداف إلى أضرار مادية فقط.
وذكرت المصادر أن العبوة كانت مزروعة على الطريق ولم تكن ملصقة بسيارة القيادي، ما أدى إلى عدم إصابته بجروح واقتصار الأضرار على المادية فقط.
وبحسب الناشط، فإن أبو زريق، الذي كان قيادياً سابقاً في فصيل "جيش اليرموك"، يعمل اليوم مع ضباط الأمن العسكري التابع للنظام السوري، وذلك منذ عودته من الأردن منتصف عام 2018، ودخوله في اتفاق التسوية والمصالحة مع النظام برعاية ضباط روس.
وفي الثلاثين من مايو/أيار الماضي، هاجم مجهولون القيادي السابق في المعارضة أمجد نورالدين الناصر بعبوة ناسفة استهدفت سيارته، عند تواجده قرب مبنى فرع أمن الدولة في مدينة انخل بريف درعا الشمالي. ويعمل الأخير لصالح فرع أمن الدولة، وهو متهم بالتعاون في تصفية ناشطين.
وذكر الحوراني أن قوات النظام السوري اعتقلت مساء أمس شاباً داهمت منزله في مدينة داعل، مضيفاً أن الشاب جرى نقله إلى فرع المخابرات الجوية، فيما لم يعرف سبب الاعتقال بعد.
وأوضح الناشط أن عدة شبان جرى اعتقالهم أخيراً، على خلفية التحريض ضد الانتخابات التي أجراها النظام السوري في السادس والعشرين من مايو/أيار الماضي، والتي لم يتمكن النظام من إجرائها في العديد من مناطق درعا.
النظام يعتقل 20 شخصاً منذ انتخاباته
إلى ذلك، قال "تجمع أحرار حوران" المعارض للنظام السوري إن قوات الأخير اعتقلت قرابة عشرين شخصاً بينهم سيدة في مناطق متفرقة من درعا وقادتهم إلى السجون وذلك منذ يوم 26 أيار الماضي يوم إجراء النظام انتخاباته الرئاسية.
وجرت عمليات الاعتقال، وفق التجمع، من خلال المداهمة والتوقيف على الحواجز المنتشرة في الطرقات، والحواجز التي تتبع لفرع أمن الدولة وفرع الأمن العسكري، موضحاً أن بعض المعتقلين جرى الإفراج عنهم لاحقاً.
ويذكر أن النظام السوري يحتجز مئات الآلاف من السوريين في سجونه المعروفة وغير المعروفة، والآلاف منهم في عداد المفقودين والمختفين قسراً، فيما قضى عشرات الآلاف جراء التعذيب في السجون.