صعدت الهيئة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين الدروز المتمثلة بالشيخ حكمت الهجري، خطابها ضد النظام السوري، وأصدرت بياناً اعتبره الكثيرون انقلاباً كبيراً وتصاعداً في الموقف السياسي المحلي ضد نظام الأسد.
وتزامن هذا البيان مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية التي تجري في محافظة السويداء جنوبي سورية، والمطالبة بتطبيق القرار الأممي 2254، والعصيان المدني، ومحاسبة الفاسدين، والإفراج عن المعتقلين.
واعتبر المحامي سليمان العلي في حديثه مع "العربي الجديد"، أن توقيت بيان الشيخ حكمت الهجري جاء بمناسبة قدوم أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية، ولكن لأول مرة منذ بداية الحرب السورية تطالب شخصية اعتبارية من الأكثرية الدرزية في الجنوب، النظام السوري بالكشف عن مصير المغيبين قسراً والمفقودين لدى أي جهة، دون أن يستثني أحداً من السوريين، أو يطالب بهذا المطلب لأبناء السويداء ذات الأكثرية الدرزية.
واعتبر العلي، أن الموقف الجديد للشيخ الهجري بمثابة إعلان حرب وانقلاب مدوٍ على السلطة، على الرغم من أنه ليس الموقف السياسي الوحيد له خلال آخر سنتين، متفرداً به عن مشايخ العقل الآخرين والوجهاء الذين يحابون السلطة في دمشق على حساب مصالح الشعب. إذ جاهر الهجري في أوقات سابقة ببيانات واضحة بطرد الأفرع الأمنية من السويداء، وعدم التعامل معها، كما تم تسريب معلومات عن رفضه تجديد رأس النظام السوري في الانتخابات الرئاسية. لكنه وبحسب العلي لم يستطع الوقوف وحيداً في تلك الفترة، فتراجع عن ذلك، وذهب للانتخابات.
وأشار البيان الذي حصل "العربي الجديد" على نسخة منه، إلى صمود الشعب السوري في وجه الفساد والقمع والذل، وتمنى أن تعود الأرزاق إلى أصحابها في إشارة إلى المهجرين من بيوتهم.
وترحّم البيان على أرواح شهداء سورية ممن قضوا أحراراً من أي تبعية، في إشارة إلى كل ضحايا الشعب السوري وبطريقة غير مباشرة، حيث جاء في البيان: "نترحم بداية على كل عربي سوري قضى شهيداً على أرض الوطن، مهما كان انتماؤه أو شريحته أو موقعه، ممن كانوا يحملون صدق انتماء دون توجيه، ودون تبعية لأحد، ممن قضوا بصدق وقوفهم (...) ليذودوا عن حياض العزة والكرامة والعيش الكريم".
وقال المعارض والناشط المدني فوزات الشبلي، إن الرئاسة الروحية لطائفة الدروز كانت قد اتخذت في السابق مواقف مؤيدة للحراك الشعبي، وأصدرت عدة بيانات تطالب بها السلطة الحاكمة بالاستجابة للمطالب المحقة للمتظاهرين، وتُتهم الأجهزة الأمنية بالوقوف خلف الفلتان الأمني وأعمال التخريب الحاصل في محافظة السويداء، وحاربت بشكل علني العصابات التي أنشأها ومولها وعزز حضورها الأمن، ووصل الأمر بالشيخ حكمت الهجري لبث ذلك على مكبرات الصوت في بلدته قنوات، التي هب أبناؤها ضد العصابات.
وأشار الشبلي إلى رد السلطة الحاكمة بمحاربة الهجري وحصاره، وقطع كل خيوط التواصل معه، وبث الشائعات عنه. واعتبر أن البيان هو تصعيد من الرئاسة الروحية في الخطاب، متجاوزةً بذلك كل الخطوط السابقة باتهام السلطة الحاكمة بالفساد والقمع دون مواربة.
ولم يخف الناشط المدني في حديثه لـ"العربي الجديد"، عدم ثقة الناس بالمؤسسة الدينية خلال السنوات الماضية، خاصة في فترات الحرب والانفلات الأمني، و"لكننا نلحظ تصعيداً واضحاً خلال الأشهر القليلة الماضية في المواقف تجاه النظام، ويمكننا قراءة شكل من الاتهام بالفساد والقمع ومحاولات إذلال الشعب وقمع مطالبه المحقة".
في حين ذهب الشيخ أبو جمال الفارس إلى أبعد من هذا، إذ رأى في هذا البيان إشارات واضحة لقرب نهاية السلطة وبداية الحل السوري، وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن هذا البيان هو بمثابة تحدٍ، ولا يصدر بهذا الشكل إلا إلى سلطة متهاوية".
وفي الوقت الذي اعتبرت الرئاسة الروحية في بيانها، أن الأحداث الأخيرة في السويداء كشفت للسوريين المؤامرات التي تحاك على أصحاب المطالب المحقة، ونسبت أعمال التخريب إلى الأجهزة الأمنية دون أن تسميها، لم تتجاهل وحدة المصير السوري ووحدة الدم والمعاناة في جميع المحافظات السورية. وخص البيان أهالي محافظة درعا بوحدة السهل والجبل، قبل أن يختم بمعايدة الأخوة المسيحيين بأعياد الميلاد ويتمنى للشعب السوري الخلاص في العام القادم.